أولويات الصين في إدارة «نقطة إقليمية فاعلة»
يقدّم نهج الصين الآخذ في التطور تجاه أفغانستان وباكستان وإيران لمحة عن الأسلوب الذي قد تنتهجه بكين لتعزيز مصالحها في الشرق الأوسط، بما أن الصين تعتبر أن سياساتها الخارجية تجاه أفغانستان وإيران مرتبطة ببعضها بعضاً.
يكشف تركيز بكين في هذه المنطقة الصعبة عن ثلاثة أبعاد مترابطة: (أ) إعطاء الأولوية للمصالح الصينية المباشرة والمحددة بدقة وتأمينها؛ (ب) محاولة تسهيل حل النزاعات؛ و(ج) السعي لتحقيق أهداف استراتيجية طويلة المدى.
أولاً، تركز الصين على تأمين مصالحها الخاصة، أي الحماية المادية لاستثماراتها، بمن في ذلك الأفراد العاملون وعمليات البناء، وتحويل حدودها إلى حاجز منيع. وكما يقال، تستخدم الصين أنظمة مراقبة واسعة النطاق للحد من التسلل عبر الحدود على طول ممر واخان. فيما تتوقع الصين تعاون شركائها ودعمهم للمصالح الأمنية الصينية، مثل تسهيل الوصول الكامل لشركات الأمن الخاصة، فإنها تنشر أيضاً جنودها في نقاط التفتيش التي قامت بتمويلها في طاجيكستان المجاورة لمراقبة الحدود الطاجيكية - الأفغانية.
بينما يأمل القادة والخبراء الصينيون في تعزيز موقف الصين من خلال إدارة النقاط الفاعلة، وتعلن الصين أيضاً عن التزامها بـ«عدم التدخل» في «الشؤون الداخلية» للدول الأخرى. بما أن نهج الصين تجاه أفغانستان يتعمق في الواقع في الشؤون الداخلية لهذه الدولة، فقد اقترح الخبراء الصينيون نهجاً أكثر مرونة يصفونه بأنه «مشاركة بناءة» لتبرير أعمال بكين.
في يونيو 2021، قدمت الصين خطتها الأفغانية المكونة من ثماني نقاط، والتي تضمنت عملية «شاملة» لمصالحة «بقيادة الأفغان ومملوكة من الأفغان» بهدف تشكيل حكومة مستقرة وفاعلة. ولكن استيلاء «طالبان» من دون مقاومة على كامل أراضي أفغانستان أفقد المبادرة أهميتها. فمتى رأت بكين اتجاه الأحداث، أعلنت على الفور دعمها «لخيار الشعب» الأفغاني، ألا وهو دولة تقودها «طالبان». وشددت على الخطوط الحمراء للصين: منع الإرهاب العابر للحدود الذي يستهدف الصين، بالتحديد في منطقة سنجان، أو المصالح الصينية في باكستان. وفي الواقع، أعربت وسائل الإعلام الصينية عن ارتياحها لتصريحات قادة «طالبان» الساعية إلى تهدئة مخاوف بكين.
يعتبر التعامل «العملي» الأول من نوعه في الصين مع نقطة فاعلة على حدودها، والذي يؤثر أيضاً في مصالحها الأساسية، تجربة تعليمية في محاولة إدارة الصراع باستخدام العناصر الأساسية للسياسة الخارجية الصينية. ولايزال غير واضح ما إذا كانت «طالبان»، بمشاركة باكستانية أو من دونها، ستخلق بيئة مستقرة وسط أمراء الحرب القبليين وبقايا عناصر «القاعدة» و«داعش».
مع ذلك، تبدو بكين واثقة. بدأ كبار مستشاري السياسة الصينيين بدراسة رؤيا استراتيجية أوسع بعد تحقيق الاستقرار في أفغانستان، من خلال قيادة محور استراتيجي من باكستان عبر أفغانستان وصولاً إلى إيران. وفي هذا السياق، يدرس المفكرون الاستراتيجيون الصينيون كيفية الاستفادة من شراكة بكين مع إيران ورعايتها لمنطقة «أفباك» لإبراز نفوذها في الشرق الأوسط.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news