وجبات مجانية وعروض ترفيهية
مبادرات في حلب تزرع الأمل بعد الزلزال
على وقع قرقعة الأواني المنزلية ورائحة الأرز المطهو مع الدجاج، يتناوب عشرات المتطوعين في مدينة حلب في شمال سورية على ترتيب وجبات طعام ساخنة، بهدف توزيعها على عائلات شرّدها الزلزال المدمر أو صدّع منازلها.
كخلية نحل لا تهدأ، يتقاسم متطوعو جمعية «ساعد» الخيرية، المهام داخل قبو تابع لحديقة عامة في المدينة، في مبادرة من سلسلة مبادرات تطوعية تشهدها حلب ومدن سورية أخرى ضربها الزلزال.
محاطين بأكياس من الخضار وصوانٍ من الأرز، يعمل قرابة 100 متطوع من مختلف الأعمار بالتناوب داخل المطبخ الجماعي لإعداد وجبات على مدار الساعة، استفاد منها حتى الآن قرابة 70 ألف شخص في المدينة.
يقول مؤسّس المبادرة عصام حبّال لوكالة «فرانس برس»: «نوزع وجباتنا في الغالب على مراكز الإيواء، إضافة لفرق جوالة توزع الطعام على الناس المشردة في الحدائق والشوارع».
داخل المطبخ الذي تتوسطه طاولات خشبية متراصة، تنهمك مجموعة من المتطوعين في غسل الأرز والدجاج والخضار. في زاوية أخرى تستقبل مجموعة مواد غذائية من متبرعين، بينما يعمل آخرون على تجهيز وجبات الأرز وتزيينها بالدجاج، تمهيداً لتوزيعها.
ويوضح حبّال «نحن في مدينة حلب المشهورة بمطبخها ووجباتها وناسها الذواقة»، مضيفاً «لذا لا نقبل أن تكون وجباتنا أقل جودة من تلك التي توضع على موائد الحلبيين عادة».
حلاقة مجاناً
رغم نجاة منزله من الزلزال الأول، دفع الخوف إثر الزلزال الثاني ليل الإثنين مصفّف الشعر سركيس هاغوبيان (21 عاماً) ووالديه إلى اللجوء الى مركز إيواء تابع لكنيسة دير الأرض المقدسة في حي الفرقان.
وفور وصوله إلى المركز أخرج هاغوبيان من حقيبة بحوزته عدّته من مقص وماكينة وبدأ تقديم الخدمة التي يجيدها مجاناً لمن يرغب: حلاقة الشعر في الباحة الخارجية للمركز.
ويقول لوكالة «فرانس برس»: «أنا حلاق ولا أتقن أي شيء آخر، لذا بادرتُ بهذه الخدمة».
منذ الزلزال المدمر، لم يهدأ مقصّ الحلاق الذي يروي كيف أمضى وقته في التنقل من مركز إيواء الى آخر، حتى بات معروفاً خلال الأيام الأخيرة بلقب «ساكو الحلاق»، وبات كل من يصادفه في الشارع يلقي عليه التحية ويشكره على جهوده. ويوضح «في أوقات مماثلة علينا أن نتكافل ونتعاون، وأن يقدّم كل شخص ما يستطيع، وبذلك يمكننا النجاة من الكارثة».
خارج الزمن
بعد مشاهدتها طفلة في السادسة من عمرها ترسم بعد يومين من الزلزال الأول على ورقة أمامها دوائر متداخلة وتقول لمن حولها «أنا أرسم الزلزال»، قررت الفنانة المتخصصة في مسرح الأطفال صونا سلوكجيان أن تخصّص وقتها للترفيه عن الأطفال الذين روّعهم الزلزال.
وتقول سلوكجيان (38 عاماً) لوكالة «فرانس برس»: «شاهدت الخوف في عيون الطفلة، وشاهدت الخوف في عيون ابنتيّ، وقررت أن أتطوع في الشيء الذي أحبه، الغناء والرقص مع الأطفال».
منذ نحو أسبوعين تنتقل السيدة مع ابنتيها ومتطوعين آخرين عصر كل يوم من مركز إيواء لآخر من أجل تقديم عروض ترفيهية، وتوضح «ثمة مبادرات عدّة لتقديم الطعام، لكن ذلك لا يكفي وحده»، لافتة الى أن «الطفل لا يحتاج الطعام والشراب فحسب، بل يريد أن يلعب وينسى».
على خشبة مسرح تابع لكنيسة مار الياس في حي الفيلات في حلب، قدّمت سلوكجيان برفقة مهرّج عرضاً فنياً حضره العشرات من كبار وصغار من المقيمين في مركز إيواء تابع للكنيسة يضم أكثر من 800 شخص شرّدهم الزلزال.
على المسرح يلتفّ الأطفال حولها وهي تردّد أغانيهم: بعضهم يعانقها، بينما لا يترك طفل مُصاب بالتوحد يدها. تنهمر دموعها وهي تغنّي له وتضع يدها على رأسه.
قرب صونا، تؤدي لِيلا حركات بهلوانية وهي ترتدي زي المهرّج. يتجمع عشرات الأطفال حولها ويقهقهون ويطلبون التقاط الصور معها.
وتقول الشابة بتأثر لوكالة «فرانس برس»: «هذا أقل ما يمكن أن نقدمه، ليس الأطفال وحدهم من يفرحون، أشعر كأنني خارج الزمن، أشعر بالأمان» خلال تقديم العرض.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news