افتتحن مشروعهن النسوي الأول لإنتاج الأجبان والألبان منذ عام
«الأيادي الطيبة».. 140 سيدة يحاربن شبح البطالة في غزة
الاكتفاء الذاتي بالمنتجات المحلية، ومحاربة تفشي الفقر والبطالة، وتوفير لقمة العيش، جميع ذلك بات محققاً داخل حدود غزة المحاصرة، على أيدي سيدات فلسطينيات، من خلال مشروع ريادي خاص بهن.
أقصى جنوب قطاع غزة، تجاوزت عشرات السيدات في مدينة رفح كل المعيقات التي اعترضت مشوارهن تجاه تحقيق طموحاتهن، ليفتتحن داخل الحدود المحاصرة مصنع «الأيادي الطيبة»، الذي أصبح خلال أقل من عام لسكان غزة مصدراً رئيساً لإنتاج الألبان والأجبان بأصنافها المختلفة، والتي يتضاعف الإقبال عليها طوال شهر رمضان المبارك.
سيدات مكافحات
انتقلت «الإمارات اليوم» إلى بلدة «الشوكة» شرق مدينة رفح، قبيل شهر رمضان المبارك، حيث مصنع «الأيادي الطيبة»، الذي يضم بين أركانه خطوط إنتاج عديدة، وكأنها خلية نحل لا تعرف الكلل والملل، تشرف عليها سيدات بأعمار متقاربة، جميعهن يخضن غمار الكد والعمل لمساعدة أزواجهن، وتوفير حياة كريمة لأبنائهن، تزامناً مع تدهور الحالة المعيشية للعائلات الغزية، نتيجة تراكم أزمات الحصار الإسرائيلي المستمر منذ صيف عام 2006 حتى اليوم.
في قسم فحص وتعقيم الحليب الطازج، الذي يصل المصنع فوراً من مزارع منزلية للأغنام والأبقار، تعود لسيدات يثابرن من أجل تحسين ظروف حياتهن المعيشية، وإعالة أسرهن، تشرف ياسمين أبوسعيد (36 عاماً)، برفقة خمس سيدات، على وحدة الفحص المخبري، للتأكد من نقاء الحليب، ومطابقته لأنواع المنتجات المختلفة التي تصنعها أيديهن، عبر أجهزة عمل متطورة.
بعد التأكد من نقاء الحليب، وجودته العالية، تبدأ مراحل الإنتاج الدقيقة المعقمة، داخل صهاريج صغيرة، وخطوط إنتاج حديثة، مطابقة لمعايير الصحة والسلامة، ومن ثم إعداد ما يلزم لكل مرحلة، من المكونات المختلفة، التي تضمن الحصول على المنتجات بشكلها النهائي، وصولاً إلى مرحلة التعبئة والتغليف، وبذلك تكون جاهزة لعرضها داخل الأسواق المحلية، والمحال التجارية.
حليب أبقار وماعز
وتقول ياسمين أبوسعيد، إحدى المشرفات على المصنع النسوي، لـ«الإمارات اليوم»، في حديث خاص إن «منتجاتنا تعتمد على حليب أبقار وماعز خالص، وفور وصوله نضعه داخل جهاز البسترة، لفحصه وتسخينه، وعبر مراحل إنتاج عديدة، نصنع ستة أصناف من الجبنة البلدية، الأكثر انتشاراً بين المواطنين، منها ما هو بالفلفل الحار، والحلو، والخضراوات، والحبة السوداء، وكذلك الجبنة (المطاطية)، المستخدمة في صناعة أصناف البيتزا والحلويات، إلى جانب اللبنة، وأصناف عدة من اللبن الرائب».
نجاح التسويق
وتضيف أبوسعيد: «إنه على مدار عام كامل نجحنا في تسويق كل منتجاتنا، وتعاقدنا مع مراكز تجارية وبعض محال بيع الألبان والأجبان، لعرض منتجاتنا في مختلف مناطق القطاع، وبفضل الله عملنا في تقدم كبير، والطلب في ازدياد، وهذا ما شجعنا على الاستمرار، وإضافة أصناف جديدة من منتجاتنا».
فكرة ريادية
يعد «الأيادي الطيبة» الذي تحتضنه جمعية مربيات الأغنام الحلوب التعاونية في رفح، أول مصنع نسوي لمنتجات الأجبان والألبان داخل القطاع، بتمويل من الحكومة اليابانية عبر مؤسسة «بارسك».
الفكرة التي حظيت بالدعم الياباني، تجسد حلماً لطالما راود السيدة آية عبدالشاعر، لتترجمه إلى مشروع لتربية الأغنام، تقدمت به إلى «بارسك»، وبعد فترة وجيزة حصلت على عدد من رؤوس الأغنام، وأقامت مزرعة داخل منزلها، لتستفيد منها مع ست سيدات أخريات.
وتقول آية (33 عاماً)، الأم لستة أطفال، أحدهم من ذوي الاحتياجات الخاصة «إن فكرتنا في البداية كانت ترتكز على تجميع الحليب من مزارعنا وتسويقه في السوق المحلية، ومن ثم أتاحت لنا المؤسسة اليابانية بعد الاستفادة من مشروع الأغنام، فرصة الالتحاق بدورة لصناعة الألبان والأجبان وتسويقها».
وتضيف «إننا اليوم، وبعد إتقان صناعة الأجبان والألبان بشكل فائق، جراء الاستفادة من خبرات مهندسين في مجال عملنا، ومحاكاة تجارب مصانع عديدة، وصلنا إلى مرحلة إنتاج متقدمة فاقت التوقعات».
في سبيل العيش الكريم
يبلغ عدد طاقم العمل النسوي 140 سيدة، البعض منهن يشرف على رعاية الأغنام والأبقار المنزلية، داخل مزارعهن المنزلية، والأخريات يعملن داخل أقسام مصنع «الأيادي الطيبة»، لإنتاج ما تدره ماشيتهن من حليب طازج.
صفاء شلولة (37 عاماً)، انضمت إلى فريق العمل النسوي في المراحل الأولى لمصنع «الأيادي الطيبة» قبل الإعلان عن افتتاحه في مارس من العام الماضي، بعد أن ضاقت بها الحياة، لعجزها وزوجها عن تلبية احتياجات أسرتها، نتيجة أوضاعهم المادية المتردية.
وبين أركان «الأيادي الطيبة»، وجدت ضالتها في سبيل توفير العيش الكريم لأولادها الصغار، الذين يحتاجون إلى رعاية مكثفة، وكذلك الكبار المقبلين على الدراسة الجامعية، على بعد مراحل تعليمية قليلة.
وتقول «إنه في بداية المشروع امتلكنا 15 رأساً من الماشية، ضمن مشروع الأغنام، الذي أسهم في تحسين أحوال عائلتي المعيشي، وبفضل مصنع الأجبان والألبان أصبحت أمتلك مصدر رزق دائماً، والذي يمكنني من تأمين ما يحتاجه أولادي».
ياسمين أبوسعيد:
«على مدار عام كامل نجحنا في تسويق كل منتجاتنا، وتعاقدنا مع مراكز تجارية وبعض محال بيع الألبان والأجبان، لعرض منتجاتنا في مختلف مناطق القطاع».
يبلغ عدد طاقم العمل النسوي 140 سيدة، البعض منهن يشرف على رعاية الأغنام والأبقار المنزلية، داخل مزارعهن المنزلية، والأخريات يعملن داخل أقسام المصنع، لإنتاج ما تدره ماشيتهن من حليب طازج.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news