«سنفطر في القدس».. مبادرة لمجابهة اقتحامات المستوطنين
144 دونماً هي مساحة المسجد الأقصى المبارك، بكل مساجده الأخرى، منها «مسجد قبة الصخرة المشرفة»، و«المصلى المرواني»، وأروقته واسعة الانتشار، وباحاته المفتوحة التي تحتضن طوال شهر رمضان المبارك العائلات المقدسية التي تتوافد لتناول وجبات الإفطار التي تطهوها داخل منازلها.
ومنذ اليوم الأول لشهر الصيام لهذا العام، أطلق ناشطون ومرابطون مقدسيون حملة «سنفطر في القدس»، لتكثيف الوجود، والرباط في المسجد الأقصى المبارك طوال شهر الصيام، وحث المقدسيين على تناول وجبة الإفطار الرمضانية في ساحاته، وداخل الأزقة المؤدية إلى الحرم القدسي، والمحيطة به من مختلف الأماكن.
وتتزامن حملة «سنفطر في القدس» مع تصاعد دعوات «جماعات الهيكل» المزعوم، الاستيطانية، لتنفيذ اقتحامات واسعة لباحات المسجد الأقصى خلال أيام رمضان، و«عيد الفصح العبري»، الذي يتوافق مع الأسبوع الثالث من الشهر المبارك.
مواجهة مخاطر الاحتلال
قبيل شهر رمضان بيوم واحد أبعدت قوات الشرطة الإسرائيلية فلسطينيين عن المسجد الأقصى، ونصبت حواجز حديدية عند باب الأسباط وطريق المجاهدين، فيما منعت دخول مركبات الفلسطينيين للوصول بشكل مباشر إلى باحات الحرم القدسي.
وتقول معلمة القرآن المرابطة في المسجد الأقصى، هنادي حلواني، «إن الاحتلال لا يحترم قدسية شهر رمضان وشعائره الدينية، وكذلك مكانته لدى الفلسطينيين، فتارة يبعدنا عن المسجد الأقصى، وتارة أخرى ينصب الحواجز العسكرية في أزقة القدس كلها، واليوم يمنعنا من الوصول إليه سيراً على أقدامنا، أو عبر مركباتنا، فنحن محرومون أداء شعائرنا المقدسة، محرومون كل ما يرد للجسد روحه بعد التعب في رمضان، وسائر الأيام».
وتضيف «رغم إبعادنا عن الأقصى، وحرماننا دخول باحاته، إلا أننا نسعى بشتى الطرق لشد الرحال إليه ما استطعنا إلى ذلك سبيلاً، عبر الصلاة والإفطار في الأزقة الضيقة المؤدية إليه، وكذلك ممرات أبوابه التاريخية». وللعام الثامن على التوالي، تحرم سلطات الاحتلال المقدسية حلواني دخول الأقصى والصلاة فيه.
وتبين معلمة القرآن في الأقصى، وهي من نشطاء «سنفطر في القدس»، أن الصلاة في المسجد الأقصى شعيرة إسلامية لا تخضع لأوامر الاحتلال، مضيفة، «لذلك فإن الحملة المقدسية تحث الفلسطينيين على الرباط والاعتكاف في الحرم القدسي.
وتقول «إن حملة (سنفطر في القدس) موجهة لكل فلسطيني يستطيع الوصول إلى المسجد الأقصى، لتحدي إجراءات الاحتلال المشددة، عبر حواجزه العسكرية المنتشرة في أرجاء المدينة المقدسة، وكذلك لمواجهة حجم المخاطر الكبيرة التي يتعرض لها الحرم القدسي، في ظل تصاعد الدعوات اليهودية ومخططات المستوطنين لاقتحام أولى القبلتين خلال أيام شهر الخير.
وجبات مقدسية
على بعد خطوات قليلة من باب المطهرة، أحد أبرز أبواب المسجد الأقصى، يقع منزل المقدسية مريم أبونجمة، التي تتكفل يومياً على نفقتها الخاصة بإعداد وجبات طعام مختلفة، للقادمين إلى الأقصى قبيل موعد الإفطار، لتأدية صلوات المغرب والعشاء والتراويح.
وتشير الناشطة المقدسية لـ«الإمارات اليوم» إلى أنه من أشهر الوجبات التي تقدم داخل باحات الأقصى في رمضان، طبق شعبي يسمى «المقلوبة»، وهو عبارة عن طبخ اللحم أو الدجاج مع الأرز، مع إضافة إلى أصناف من الخضراوات، أبرزها، الباذنجان، والبطاطس، والطماطم.
وتقدم أبونجمة كذلك طبق محشي ورق العنب والكوسا والباذنجان، إلى جانب ما يجلبه السكان الآخرون، مثل الكعك المقدسي والحمص والفلافل، التي تفوح رائحتها قبيل أذان المغرب على امتداد الأزقة الضيقة المؤدية إلى باحات المسجد.
تكثيف الوجود
الخبير في الشؤون المقدسية وعضو لجنة الدفاع عن حي سلوان جنوب الأقصى، فخري أبودياب، يوضح أن الأطباق المقدسية، وفي مقدمتها «المقلوبة» والكعك، تعد من رموز مقاومة الاحتلال، الذي يمنع إدخال الطعام طوال العام إلى باحات الأقصى، وليس فقط خلال شهر رمضان.
وينوه بأن الاحتلال يحارب مظاهر صمود ووجود الأهالي في الأقصى، من ضمنها وجبات الإفطار، ما يتزامن مع مخططات المستوطنين لاقتحام الأقصى.
ويقول أبودياب لـ«الإمارات اليوم» في حديث خاص، «إن تكثيف الوجود الفلسطيني داخل المسجد الأقصى المبارك له قيمة كبيرة، نظراً لمنزلة وقدسية المكان، ومن أجل اكتساب ثواب الزمان والمكان يكون الإفطار في باحات الأقصى».
ويضيف، «إن الوجود في الأقصى يعد رباطاً، كما جاء في كتاب الله وسنّة نبيه الكريم»، مبيناً أن لذلك دوراً مهماً بالذود عن الأقصى، لحمايته من محاولات تفريغه من المقدسيين، وتغيير الواقع الديموغرافي داخل المدينة المقدسة.
فخري أبودياب:
• «تكثيف الوجود الفلسطيني داخل المسجد له قيمة كبيرة، نظراً لمنزلة المكان وقدسيته، ومن أجل اكتساب ثواب الوجود في الزمان والمكان يكون الإفطار في باحات الأقصى».