أحمد وآدم.. إسرائيل تحرم «أماني» طفليها في العيد للمرة الـ 13
مرت أيام عيد الفطر المبارك الثلاثة، ولم يشعر الطفلان الشقيقان (أحمد - 12 عاماً) و(آدم الحشيم - 11 عاماً)، كما الأطفال الآخرين بفرحة أجواء العيد، الذي انقضى بحزن شديد، نتيجة غياب والدتهما (أماني - 37 عاماً) عن حياتهما على مدار سبعة أعوام كاملة حتى اليوم.
وعلى هذه الشاكلة، قضى الشقيقان 13 عيداً متواصلاً، ما بين الفطر والأضحى، تسود الأحزان قلبهما، ومنزلهما، على فراق من كانت ترافقهما داخل الأسواق، في رحلة شراء ملابس العيد وحلوياته، وألعابه ذات الألوان الزاهية.
وتُعدّ والدة آدم وأحمد الحشيم، واحدة من ست أمهات أسيرات فلسطينيات من أصل 29 أسيرة يقبعن خلف قضبان سجن الدامون الإسرائيلي، واللاتي يحرمن من فلذات كبدهن بقرار جائر من محاكم الاحتلال.
مشاعر حزينة
في اليوم الأول من عيد الفطر، التقت «الإمارات اليوم»، الشقيقين في منزلهما برفقة جدتهما إلهام الحشيم، والدة الأسيرة أماني، إلا أن مهمة الحديث مع أحمد وآدم لم تكن سهلة على الإطلاق، إذ امتنعا عن الكلام لمدة طويلة.
إجابات أحمد وآدم في بداية الحديث اقتصرت على الإشارة بواسطة تحريك الرأس إلى الأعلى أو الأسفل، وأثناء ذلك، شاركت الجدة في الحوار الصامت، لتقول: «إنه على مدار أيام كل عيد منذ سبعة أعوام مضت، يخيّم الصمت والحزن على أحمد وآدم، اللذين يمتنعان عن مشاركة أحد أجواء العيد، فيما ترقب أعينهما روزنامة التقويم الميلادي، في انتظار الموعد المحدد لزيارة والدتهما أماني داخل السجن، ليتمكنا من الالتقاء بها خلف جدار زجاجي، وسماع صوتها عبر سماعة هاتفية». هنا نطق أحمد قائلاً: «نحن لا نرغب في ذلك مطلقاً، حتى السماح لي وشقيقي آدم بلقاء أمنا وجهاً لوجه، واحتضانها عن قرب، نحرم منه من قبل الجنود».
انضم الطفل الأصغر إلى قائمة المتحدثين، فبكى بكاءً شديداً، ليردد بصوت خافت: «لا ذنب لي، أحتاج إلى أمي، وبشدة، الأيام تمضي وهي بعيدة عني، اشتقت إلى حضنها، فيوم تحررها ورجوعها، سنقضي أجواء العيد الحقيقية».
صدمة نفسية
تحتضن الجدة حفيديها، لتمسح بكفيها دموع البراءة المنهمرة، فتقول: «إن آدم وأحمد واجها أقسى مشاهد الحرمان، بعد اعتقال والدتهما، وأصيبا بانتكاسة نفسية حادة، لازمت حياتهما حتى اليوم».
وتواصل الحشيم حديثها، ومازالت تحتضن آدم وأحمد: «بعد أن كانت ابنتي لا تغادر حياة ولديها لحظة واحدة، واعتادا على دفء حضنها على الدوام، أصبح كل ذلك في حكم الماضي، فلقاء أحمد وآدم بوالدتهما بات مرهوناً بيد الاحتلال، الذي يقرر موعد تلك الزيارة خلف قضبانه، ومدتها الزمنية التي لا تتعدى مدة شرب رضعة حليب كانت أماني تسقيها لطفليها».
وتبيّن أن «الموعد المحدد لزيارة ابنتها رفقة أحمد وآدم كانت في الماضي مرة واحدة كل أسبوعين، من خلال التنسيق المسبق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر، ولكن اليوم باتت مرة واحدة شهرياً، لمدة أقصاها 45 دقيقة».
حرمان طويل
في تاريخ 13 ديسمبر 2016، اعتقلت قوات الاحتلال المقدسية أماني الحشيم، من بلدة بيت حنينا شمال مدينة القدس الشريف، لتغيب تماماً عن حياة طفليها أحمد، الذي كان يبلغ من العمر حينها خمسة أعوام، وآدم الذي لم يكمل عامه الرابع.
وتقول جدة أحمد وآدم: «إن قوات الاحتلال الموجودة على حاجز قلنديا العسكري شمال مدينة القدس، اعتقلت ابنتي، بعد وقوع حادث طرق في المنطقة التي تشهد تحصينات عسكرية مشددة».
وخلف قضبان سجن الدامون في أحراش مدينة حيفا المحتلة، تقضي أماني حكماً بالسجن الفعلي لمدة 10 أعوام، وغرامة مالية قدرها 5000 شيكل، وذلك بحسب والدة الأسيرة الحشيم.
وجرّاء ذلك، غابت الأم أماني عن حياة طفليها آدم وأحمد مبكراً، ليكملا «عمر الزهور» في حرمان تام من دفء حضن والدتهما، إذ يعيشان حالياً في حالة اشتياق دائم لوجودها إلى جانبهما في جميع الأوقات، وتحديداً عيد الفطر المبارك، الذي يمر عليهما تماماً كما الأيتام.
ويذكر أن الأسيرة «الحشيم» حاصلة على بكالوريوس في العلوم السياسية والدراسات الدبلوماسية من جامعة القدس، ودبلوم في اللغة الإيطالية، فيما تنشط في تعليم الأسيرات داخل السجون الإسرائيلية، إضافة إلى أنها استثمرت سنوات اعتقالها في كتابة روايتها الأولى من خلف القضبان، والتي حملت اسم «العزيمة تربي الأمل».
• تُعدّ والدة آدم وأحمد الحشيم، واحدة من ست أمهات أسيرات فلسطينيات من أصل 29 أسيرة يقبعن خلف قضبان سجن الدامون الإسرائيلي، واللاتي يحرمن من فلذات كبدهن بقرار جائر من محاكم الاحتلال.
• الأسيرة «الحشيم» حاصلة على بكالوريوس في العلوم السياسية والدراسات الدبلوماسية من جامعة القدس، ودبلوم في اللغة الإيطالية، فيما تنشط في تعليم الأسيرات داخل السجون الإسرائيلية، إضافة إلى أنها استثمرت سنوات اعتقالها في كتابة روايتها الأولى من خلف القضبان، والتي حملت اسم «العزيمة تربي الأمل».
• على مدار أيام كل عيد منذ سبعة أعوام مضت، يخيّم الصمت والحزن على أحمد وآدم، اللذين يمتنعان عن مشاركة أحد أجواء العيد، فيما ترقب أعينهما روزنامة التقويم الميلادي، في انتظار الموعد المحدد لزيارة والدتهما في السجن.