يجدون المزايا والرواتب العالية في بلدان أخرى
أعداد متزايدة من الأطباء يغادرون بريطانيا بلا رجعة
يشير تحليل الأرقام الرسمية إلى أن المملكة المتحدة تفقد آلاف الأطباء الذين يغادرونها بشكل دائم كل عام. وقال أكثر من نصف الأطباء الذين انسحبوا من السجل الطبي في بريطانيا، خلال مسح رسمي أجراه المجلس الطبي العام، إنهم غير راغبين في العودة.
وتظهر أرقام منفصلة من هيئة تنظيم الأطباء أن 4843 ممارساً انتقلوا إلى الخارج لممارسة الطب العام الماضي. وأفاد الأطباء بأن المؤسسات الطبية في الخارج في دول مثل نيوزيلندا وكندا وأستراليا، تستفيد من النزاعات بين الكادر الطبي في المملكة المتحدة لسد الثغرات في القوى العاملة الخاصة بها.
وبينما تنمو القوة العاملة الطبية في المملكة المتحدة، فهي نفسها تعتمد بشكل كبير على التوظيف الطبي في الخارج، إذ إن ما يقرب من ثلث الأطباء في البلاد مدربون في الخارج.
وقال الزميل في مركز أبحاث الصحة «نوفيلد تراست»، بيلي بالمر: «لقد استفدنا بشكل كبير من تعيين طاقم طبي من الخارج، لكن الأمور تغيرت». وقال إن الاعتماد على التوظيف في الخارج لم يكن مستداماً على المدى الطويل، ودعا إلى زيادة الاستثمار في العرض المحلي، لكنه أضاف: «ليس الأمر بسيطاً مثل مجرد زيادة الأماكن الجامعية للدورات السريرية، حيث لدينا العديد من الأشخاص الذين لم يكملوا تدريبهم، أو اختاروا العمل خارج الهيئة العامة للصحة».
وقال بالمر إن الهيئة لم تعد قادرة على المنافسة من حيث الأجور وظروف العمل، وأشار إلى الخلافات المهنية مع الحكومة كقضية رئيسة. وستدخل الممرضات في عطلة نهاية الأسبوع في مايو، بينما من المرجح أن يعلن الأطباء عن المزيد من الإضرابات ما لم توافق الحكومة على مفاوضات جديدة بشأن الأجور.
إعلانات مستهدفة
وأضاف بالمر: «من السهل معرفة سبب تفكير الكثيرين في الانتقال إلى مكان آخر، وفي غضون ذلك لم يتم اتخاذ إجراءات سياسية كافية لمعالجة هذه القضايا، ومن المحبط أن خطة القوى العاملة في هيئة الصحة لا تواكب الحدث باستمرار».
ويعود العديد من أولئك الذين ينتقلون إلى الخارج لممارسة الطب إلى بلدانهم الأصلية، لكن تقرير حديث يحذر من أن المملكة المتحدة تفقد أيضاً الأطباء المحليين. وقال التقرير إن واحداً من بين كل ثلاثة أطباء انتقلوا إلى الخارج - إلى أستراليا ونيوزيلندا والولايات المتحدة أو كندا - تأهلوا لأول مرة في تلك البلدان، وهي «نسبة صغيرة نسبياً».
وفي غضون ذلك، أفاد المسعفون بتدفق الإعلانات المستهدفة ورسائل البريد الإلكتروني التي تشجعهم على الانتقال إلى الخارج للحصول على رواتب وظروف مهنية ومعيشية أفضل، مع زيادة ملحوظة في العروض مع اقتراب مواعيد الإضراب.
ويحث أحد الإعلانات، مع صورة لزوجين شابين يمشيان حافيي القدمين على الشاطئ، الأطباء على «الانتقال إلى نوفا سكوشا في كندا، حيث ستمارس الطب الرائع وتعيش حياة أفضل». وبدأ العمل في 10 أبريل، أي قبل يوم من إضراب لمدة أربعة أيام من قبل أعضاء الجمعية الطبية البريطانية.
وقال نائب رئيس لجنة الأطباء المبتدئين، الدكتور مايك جرينهالغ: «يرى الأطباء المبتدئون هذه الإعلانات بشكل شبه يومي - على وسائل التواصل الاجتماعي، في المجلات، عبر البريد الإلكتروني - ناهيك بأحداث التوظيف والندوات عبر الإنترنت»، متابعاً: «إنهم لا يعدون بأجور أعلى فقط، وإنما بجو عمل أكثر دفئاً ونمط حياة أفضل، وتوازن أفضل بين العمل والحياة».
وأوضح جرينهالغ: «كل طبيب مبتدئ سيقابل بعض الأصدقاء، أو الزملاء، أو زملاء الدراسة الذين ذهبوا بالفعل إلى أستراليا أو نيوزيلندا»، متابعاً: «يخطط البعض في البداية للذهاب لمدة عام، وينتهي بهم الأمر بالبقاء، وهذه خسارة فادحة لقوتنا العاملة المنهكة بالفعل».
إغراءات الانتقال
وقال الرئيس المشارك لجمعية الأطباء في المملكة المتحدة، الدكتور مات نيل، وهي منظمة ضغط: «بصفتي طبيباً مبتدئاً، كانت إغراءات الانتقال إلى أماكن أكثر جذباً أقوى من أي وقت مضى». وأوضح أن «التوظيف النشط للأطباء من قبل البلدان الأخرى - غالباً ما يدفعون علاوات مجزية ورواتب أعلى مع ساعات أقل - هو تناقض صارخ مع الأجور المتدهورة والظروف في دائرة الخدمات الصحية الوطنية هنا في بريطانيا».
وفي غضون ذلك، دعت المنظمات المهنية الحكومة إلى زيادة رواتب الأطباء لوقف التدفق إلى الخارج.
وقال المسؤول النقابي، تشارلي ماسي: «في الوقت الذي يواجه فيه المرضى فترات انتظار غير مسبوقة للرعاية، ولايزال المتخصصون في الرعاية الصحية يتعرضون لضغوط هائلة، يجب علينا بذل المزيد من الجهد للاحتفاظ بالأطباء والموظفين الآخرين في هيئة الصحة الوطنية».
وتابع ماسي: «يجب أن تتحسن ظروف وأماكن العمل لجعلها أكثر شمولاً ورعاية، إذا أردنا أن يزدهر المزيد من الأطباء ويطوروا حياتهم المهنية هنا في المملكة المتحدة، وهو الأمر الذي يصب أيضاً في مصلحة رعاية المرضى».
جولة توظيف
يبدأ الأطباء المؤهلون حديثاً في بريطانيا مشوارهم المهني براتب أساسي قدره 29384 جنيهاً إسترلينياً سنوياً، بينما يحصل الأطباء المبتدئون الأعلى أجوراً، والذين يتمتعون بخبرة سنوات عدة على 58398 جنيهاً إسترلينياً. وتقول الجمعية البريطانية للأطباء، إن «تآكل الأجور والإرهاق واليأس» تدفع الموظفين خارج دائرة الخدمات الصحية الوطنية، وتتسبب في «نزوح الأطباء المبتدئين إلى دول أجنبية».
وقال رئيس الكلية الملكية لطب الطوارئ، الدكتور أدريان بويل: «هناك مستويات عالية من الإرهاق، لذا فإن الأطباء يقللون من ساعات عملهم أو يغادرون. ولدينا في الأساس أروع برنامج تدريب طبي يمكن أن تستفيد منه أستراليا».
وبدأت مؤسسة سانت جون هيلث كير للرعاية الصحية، التي تدير 17 مستشفى في أستراليا، القيام بجولة في مدن المملكة المتحدة في أكتوبر الماضي، لتوظيف ممرضات وقابلات وأطباء. وحصل موظفو هيئة الصحة العامة على 206 فرص عمل. وقال مدير مجموعة التمريض في سانت جون هيلث كير، داني مينيما، إن الكثيرين «انجذبوا إلى الطقس والشواطئ والرواتب المرتفعة بشكل ملحوظ».
تطوير وظيفي
قالت وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية إن هيئة الخدمات الصحية الوطنية في إنجلترا لديها أعداد قياسية من الموظفين بما في ذلك 5100 طبيب إضافي، مقارنة بشهر يناير من العام الماضي. وأضاف متحدث باسم الوزارة: «نحن ممتنون للغاية لموظفي هيئة الصحة الذين يعملون بلا كلل لتوفير الرعاية». وأردف المتحدث: «لقد تم تصميم برامج لإبقاء الأطباء في أماكنهم، بما في ذلك التركيز على التطوير الوظيفي والتدريب للاحتفاظ بالموظفين». من جهتها قالت الجهة المسؤولة إنه سيتم نشر خطة القوى العاملة قريباً.
وجهات مفضلة
يتخلى عدد متزايد من الأطباء والممرضات عن العمل في هيئة الصحة البريطانية للعمل في بلدان مثل أستراليا، حيث يستهدف القائمون بالتوظيف في الخارج أولئك غير الراضين عن الأجور والظروف في المملكة المتحدة. وتظهر أرقام من المجلس الطبي العام، أن عدد الأطباء الراغبين في العمل في الخارج قد ارتفع بنسبة 25% خلال عام.
وخلال العام الماضي، كان هناك 6950 طلباً من أطباء المملكة المتحدة المسجلين والمرخصين، بارتفاع من 5576 في عام 2021، مع ما يقرب من الربع يختارون أستراليا. وعرض أحد أكبر مستشفيات الحالات الحرجة في هذا البلد 200 وظيفة بعد حملة التوظيف الأخيرة، وسط مخاوف متزايدة بشأن هجرة العاملين في مجال الرعاية الصحية من المملكة المتحدة.
ويأتي ذلك بعد أن وجد استطلاع للرأي شمل 4500 طبيب مبتدئ، في إنجلترا، أن واحداً من كل ثلاثة أطباء يعتزم العمل في الخارج العام المقبل، وكانت أستراليا ونيوزيلندا الوجهات الأكثر شعبية.
وفي هذا السياق، قال كبار المسعفين إن الإرهاق، نتيجة الضغوط العالية على المستشفيات، والإحباط من ظروف العمل، كانت من بين العوامل الرئيسة التي تغذي هذه الاتجاهات.
وفي وقت يخطط فيه الأطباء المبتدئون لتنظيم إضرابات جديدة، يقوم الاتحاد الطبي بحملة من أجل زيادة الأجور بأكثر من الربع، قائلاً إن الأجور لم تواكب التضخم على مدار الـ15 عاماً الماضية.
4843
طبيباً وممرضاً انتقلوا إلى الخارج لممارسة الطب العام الماضي.
أفاد المسعفون بتدفق الإعلانات المستهدفة ورسائل البريد الإلكتروني التي تشجعهم على الانتقال إلى الخارج للحصول على رواتب وظروف مهنية ومعيشية أفضل.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news