علي لن يرافق ميار في رحلتها الترفيهية.. وتُقى لن تفتح دفتر مذكراتها
قبل أن تغرب شمس يوم الإثنين الثامن من مايو، دأبت الطفلة ميار عز الدين (11 عاماً)، وشقيقها الطفل علي (8 أعوام)، على شراء الحلوى والعصائر والشيبس، استعداداً لرحلة ترفيهية تنوي مدرستهما تنظيمها في اليوم التالي.
عادت ميار رفقة علي إلى منزلهما وقد غمرت السعادة ملامح وجهيهما، وقبل الخلود إلى النوم أعدا الملابس الخاصة بالرحلة، رفقة الحلوى والطعام والعصائر حتى يصطحبا جميع ذلك صباح اليوم التالي.
قبل أن يأتي صباح اليوم التالي، ومع ساعات فجره الأولى، باغتت صواريخ مروحيات الاحتلال منزل علي وميار، لتبدل أجواء الفرح والسرور في الطريق إلى الرحلة المدرسية الترفيهية إلى قصف، وإراقة دماء.
فاضت روح علي وميار ووالدهما طارق عز الدين إلى السماء، في جريمة بشعة نكراء ضد الطفولة والمدنيين العزل، فيما اختلطت دماء الطفولة البريئة بحلويات الرحلة المدرسية وطعامها وشرابها، فيما قدر لوالدتهما النجاة من القصف المروحي الذي خلف لها فجيعة الفقد هذه التي سترافقها مدى الحياة.
تقى لن تكتب رسالة لميار
رحيل الطفلة ميار خلّف فاجعة كبيرة سترافق صديقاتها وزميلاتها طويلاً، ولعل الطفلة تُقى الدلو الأكثر قرباً منها، هي الأكثر حزناً على فراقها، حيث أخبرت والدتها عقب رحيل صديقتها بدموع منهمرة: «رحلت صديقة العمر وأوله، لكنها لن تكمله إلى جانبي».
هذا الكم من الحزن عبرت عنه آلاء أبوعيشة والدة الطفلة تقى، قائلة: «على حافة السرير تسند طفلتي تُقى رأسها، فتبكي لتقول متسائلة: لماذا لم تخبرني بأنها سترحل؟».
وتسترسل والدة تُقى: «أجزم بأنني سمعت صوت قلبي يتكسر، فهذا الوداع لا يليق بقلب طفلة، فميار عز الدين صديقة ابنتي منذ سن مبكرة في طفولتهما، أفلتت يدها، ورحلت، لا ضرت ولا أضرت».
وتضيف: «قبل شهر من تاريخ ارتقائها إلى العلا، زارت ميار طفلتي في المنزل عندما كسرت يدها، لتهديها بعض الهدايا، أبرزها دفتر مذكرات، فيما نقشت حروف اسم تُقى على شكل برواز فني، وجميع ذلك سيشهد على وجع الفراق الذي يعتصر قلب طفلتي».
ومنذ رحيل ميار، تتشبث تقى بهديتها الأخيرة لها، وتقول بصوت خافت: «إن ميار رحلت ومازال دفتر مذكراتها الذي قدمته لي هدية كما هو، لم ولن أفتحه، فقد أخبرتها لحظتها أن أول رسالة سأكتبها على صفحات هذا الدفتر ستكون لها، فلن أكتبها، لأن صاحبتها فارقت الدنيا دون رجعة».
جمال يبكي علي
ميار عز الدين ليست وحدها من رحلت عن صديقتها الأقرب تقى، فشقيقها علي هو الآخر غادر الدنيا وترك تساؤلات حيرت عقل الطفل جمال الزبدة (8 أعوام)، الذي لم يتركه يوماً منذ أن التحقا سوياً برياض الأطفال، حتى لحظة اغتيال البراءة الثلاثاء التاسع من مايو الجاري.
وعن ذلك تسرد يسرى العكلوك والدة الطفل جمال لـ«الإمارات اليوم» حالته النفسية التي تتملكه منذ رحيل صديقه علي: «إن طفلي أصيب بحالة هوس منذ اللحظة التي قصف فيها منزل الطفل علي، ولم يصدق حتى اللحظة، ليجيبني صارخاً من هول البكاء: إنني لن أدرك ما تقولون، عندما أعود إلى المدرسة فأبحث عنه ولا أجده عندئذٍ سأصدق أحاديثكم، وما ينشر من صور لحبيبي علي على الفيس بوك».
تسترسل العكلوك: «إنني لا أدرك كيف لقلب طفل لم يتجاوز الثامنة أن تكون هذه هواجسه وأفكاره وآلامه، في حين كان يجب أن تكون هذه أجمل مرحلة في حياة ابني وصديقه علي».
رحيل الطفلة ميار خلّف فاجعة كبيرة سترافق صديقاتها وزميلاتها طويلاً، ولعل الطفلة تُقى الدلو الأكثر قرباً منها، هي الأكثر حزناً على فراقها.