الصحافيون السودانيون تحت القصف
يعيش الصحافيون السودانيون أزمة صعبة في ظل حرب مفاجئة ومختلفة بالكلية عما سبقها من حروب، سواء من حيث وقوع هذه الحرب في العاصمة ذاتها وليس في الأطراف، أو من حيث طبيعة الأطراف المشاركة فيها.
وتأتي هذه الأزمة مكملة لأزمة، ربما أقل ضراوة لكنها مستمرة منذ خمس سنوات، يعيشها الصحافيون السودانيون، تتعلق بتواصل إغلاق الصحف، وانكماش مجال المهنة وتعرّض الصحافيين لظروف معيشية قاسية، ظروف لم يتردد نقيب الصحافيين السودانيين عبد المنعم أبوإدريس في القول إنها «تهدد مهنة الصحافة بالانقراض في السودان».
وحسب إفادة تفصيلية قدّمها أبوإدريس في الخامس من أبريل الماضي أثناء إفطار رمضاني، نشرتها «سودان الترا»، فإن «250 صحافياً سودانياً عاطلين عن العمل حتى هذا التاريخ، و250 صحافياً آخر تركوا مهنة الصحافة فعلياً وامتهنوا شيئاً آخر، بما يشكل رقماً مهماً من مجموع أعضاء الجمعية العمومية لنقابة الصحافيين السودانيين»، كما أنه طبقاً للإفادة ذاتها «فإن عدد الصحف اليومية السياسية التي تصدر في السودان، تراجع من 17 صحيفة قبل ثورة ديسمبر 2019 إلى سبع صحف فقط، كما تقلصت الصحف الرياضية في الفترة ذاتها من 14 صحيفة إلى صحيفتين فقط».
وحملت أجواء الحرب أكثر من خطر على الصحافيين السودانيين، فقد كان الأول فيها هو خطر «النيران العمياء» التي لا تفرق بين أحد وآخر، وبسببها تم إجلاء المراسلين الأجانب منذ الساعات الأولى للحرب، وبسببها أيضاً حذر اتحاد الصحافيين العرب الأطراف المتحاربة من «استهداف المباني والمكاتب التي من الممكن أن يعمل بها الصحافيون»، لكن الأزمة حملت أيضاً بالتوازي خطر «الاستهداف المقصود» لصحافيين محسوبين على هذا الطرف المتحارب أو ذاك، وقد أصدرت نقابة الصحافيين السودانيين بياناً بهذا الخصوص، حذّرت فيه من «إمكانية تعرض صحافيين وإعلاميين للخطر بعد أن تم رصد خطابات تحريضية ضدهم على شبكات التواصل الاجتماعي»، بحسب ما نشرت «بي بي سي».
والواقع أن هذه الأخطار بشقّيها، لم تعد مجرد احتمالات نظرية تهدد الصحافيين، بل أصبحت جزءاً أساسياً من وقائع الحرب، حيث وقع بالفعل اعتداء على مراسل «بي بي سي» محمد عثمان، وتعرضت صحيفة «الجريدة» لإطلاق النار مرتين، وتم احتجاز صحافيين يعملون لصالح قناتي «الحرة» و«روسيا اليوم»، وتم احتجاز 5 صحافيين من وكالة «تنانا فورميديا»، وتم احتجاز صحافيين من إذاعة «هلا 96» في مقر عملهم ثلاثة أيام، وتم احتجاز مراسلين محليين في الولاية الشمالية، وسبعة صحافيين في إذاعة بلادي، وأصيب رئيس تحرير «الحداثة» أحمد إبراهيم بشظايا نيران، والحبل على الجرار.
والمحزن في هذه الأحداث أن السودان ذاته يتحول إلى منطقة تعتيم خبري «رغم كل هذه التضحيات».
• تراجع عدد الصحف من 17 صحيفة قبل ثورة ديسمبر 2019 إلى 7 صحف فقط، كما تقلصت الصحف الرياضية في الفترة ذاتها من 14 صحيفة إلى صحيفتين فقط.