خربة «أم الجمال» بالأغوار.. معسكرات إسرائيل تشوه جغرافيا التجمع النائي
في مناطق حدودية نائية، أقصى مناطق الأغوار الشمالية الفلسطينية قرباً من الحدود الأردنية، لا تنعم العائلات البدوية في خربة «أم الجمال» بالهدوء والأمان لحظة واحدة، إذ تتعرض مساكنها وحظائر ماشيتها - على مدار الساعة - للهدم والمصادرة من قبل قوات الاحتلال.
وخلال السنوات الأخيرة الماضية، استهدفت القوات الإسرائيلية خربة «أم الجمال» داخل قرية المالح والمضارب البدوية عشرات المرات، فهدمت أغلبية منشآتها، وأزالتها عن بكرة أبيها، بذريعة وقوعها في نطاق المناطق المغلقة لأغراض التدريب العسكري.
وكان آخر هذه الممارسات التعسفية، دهم قوات الاحتلال خلال الأسبوع الثالث من يونيو الجاري خربة «أم الجمال» لأيام متتالية، وشرعت في تفكيك غرف حديدية متنقلة وخيام سكنية، وحظائر رعوية (بركسات)، وحالت دون وصول المواطنين إلى أراضيهم ومناطق سكنهم، تزامناً مع عملية الهدم الإسرائيلية الهادفة إلى تهجير العائلات البدوية على امتداد الأغوار الشمالية الفلسطينية.
ضحايا الهدم
تحت أشعة الشمس الحارقة، يقضي الفلسطيني أحمد عليان من سكان خربة «أم الجمال» حياته اليومية برفقة أفراد أسرته البالغ عددهم سبعة أفراد، بعد أن هدم الاحتلال منزلهم، وخيام «بركسات» أغنامه ومصادرتها، في الـ17 من يونيو الجاري، وجعلهم عرضة للتشرد فوق أرضهم الأصلية.
عليان ليس وحده من قضمت آليات الاحتلال العسكرية مأواه الوحيد، ومصدر رزقه، فعلي حمد وحمد ومريم عوض كانوا جميعهم وأفراد عائلاتهم ضحايا عمليات الهدم والمصادرة الإسرائيلية داخل الخربة الفلسطينية، وجميعهم باتوا خارج حدود منازلهم التي أزالها الاحتلال، إلى جانب الغرف الرعوية.
وعلى مرمى مساحة التجمع النائي، تسكن العائلات البدوية داخل بيوت «الشعر» أو ما يعرف باسم «الخيش»، وفي حالات أخرى يقطنون المنازل المسقوفة بالصفيح، والتي تعد مأوى لرؤوس ماشيتهم التي يعتاشون على منتجاتها، التي تعد مصدر رزق تلك العائلات الرئيس، في ظل ظروف حياة البداوة التي يزيد من صعوبتها استمرار الاحتلال في استهداف تلك المنطقة التي تتعرض لنكبات هدم وتهجير متعاقبة.
اقتحام واستيلاء
بالعودة إلى آخر عملية هدم تعرضت لها «أم الجمال»، يفيد رئيس مجلس قروي المالح والمضارب البدوية، مهدي دراغمة، بأن قوات عسكرية من جيش الاحتلال وأخرى تابعة لـ«لجنة التنظيم الإسرائيلي» حاصرت منطقة أم الجمال في ساعات الصباح الباكر، ومن ثم اقتحمتها، برفقة شاحنة كبيرة، ورافعة ضخمة، لنقل الممتلكات المصادرة فور هدمها.
ويقول دراغمة لـ«الإمارات اليوم» في حوار خاص: «تزامناً مع عملية الإزالة والمصادرة، اقتحمت القوات الإسرائيلية المساكن الفلسطينية في (أم الجمال) المهددة في معظمها بالهدم، وأجرت عمليات تفتيش لممتلكات العائلات الخاصة».
ويؤكد أن «قوات الاحتلال فككت واستولت على أربعة منازل من الصفيح، وكذلك خيام تستخدم لغرض السكن، وخيمة تعد مطبخاً لإحدى العائلات، إلى جانب خيمتي أغنام مساحة كل واحدة منهما 60 متراً مربعاً، وحظيرة أغنام مفتوحة بمساحة 300 متر مربع».
ويضيف: «إن قوات الاحتلال استولت كذلك على 30 قاطعاً حديدياً، تستخدمها العائلات داخل حظائر ماشيتها، إضافة إلى ثلاثة خزانات مياه، لتصادر في نهاية المطاف جميع ذلك عبر آلياتها الكبيرة».
معسكر «ناحال»
ويقول مسؤول ملف الأغوار في محافظة طوباس معتز بشارات «إن سياسة الهدم الإسرائيلية باتت كابوساً يؤرق المئات من العائلات البدوية على امتداد الأغوار الشمالية، حيث تنفّذ قوات الاحتلال سياسة تطهير عرقي تستهدف اجتثاث الوجود الفلسطيني من أراضي خربة (أم الجمال) التي تعد بوابة فلسطين الشرقية، لقربها من الحدود مع المملكة الأردنية».
ويضيف: «على مدار السنوات الأخيرة، تعد مساكن خربة (أم الجمال) وأراضيها الزراعية وحظائرها الرعوية، هدفاً دائماً للهدم والاستيلاء من قبل جيش الاحتلال، بحجة الأغراض العسكرية».
ويلفت بشارات خلال حديثه مع «الإمارات اليوم»، إلى أن الجهة الغربية من أراضي خربة «أم الجمال» يجثم عليها معسكر «ناحال» التابع لجيش الاحتلال، وكانت تشهد إقامة عشرات المنازل الفلسطينية قبل هدمها من قبل إسرائيل خلال السنوات المتعاقبة.
ويبين مسؤول ملف الأغوار أن معسكر «ناحال» يقيمه الاحتلال لجنود جيشه فوق أراضٍ فلسطينية مصادرة، حيث تبلغ مساحتها 624 دونماً، داخل أحد مواقع الخربة المعروفة باسم «خلايا البلد»، إلى جانب الاستيلاء على 31 دونماً لصالح معسكرات التدريب الإسرائيلية، في منطقة أخرى من أراضي السكان الأصليين تسمى «أحراج محفوظة»، والمصنفة ضمن أراضي وأملاك وقفية تابعة للبطريركية اللاتينية.
ويشير بشارات إلى الاحتلال الذي يقيم معسكر «ناحال» منذ ثمانينات القرن الماضي، فوق أرض «أم الجمال» ومناطق أخرى داخل الأغوار، أجرى أعمال توسعة كبيرة بداخله استمرت منذ بداية عام 2018، حتى مارس من عام 2019، بحيث أصبح المعسكر مجهزاً لاستقبال مزيد من جنود الجيش الإسرائيلي، بل وتحويله إلى معسكر مركزي يخدم قوات الاحتلال في منطقة الأغوار الفلسطينية الشمالية كافة.
• سياسة الهدم الإسرائيلية باتت كابوساً يؤرق مئات من العائلات البدوية على امتداد الأغوار الشمالية، حيث تنفّذ قوات الاحتلال سياسة تطهير عرقي تستهدف اجتثاث الوجود الفلسطيني من أراضي خربة «أم الجمال» التي تعد بوابة فلسطين الشرقية، لقربها من الحدود مع الأردن.
• على مدار السنوات الأخيرة، تعد مساكن خربة «أم الجمال» وأراضيها الزراعية، وحظائرها الرعوية، هدفاً دائماً للهدم والاستيلاء من قبل جيش الاحتلال، بحجة الأغراض العسكرية.
• تزامناً مع عملية الإزالة والمصادرة، اقتحمت القوات الإسرائيلية المساكن الفلسطينية في «أم الجمال» المهددة في معظمها بالهدم، وأجرت عمليات تفتيش لممتلكات العائلات الخاصة».