على مساحة 13 دونماً في مدينة القدس

جامعة «الحريديات» تلتهم ما تبقى من «لفتا» و«دير ياسين»

صورة

بعد مضي 75 عاماً على نكبة تهجير الفلسطينيين عام 1948، يعيد الاحتلال الإسرائيلي الكرّة مرة ثانية، داخل قريتي «لفتا» و«دير ياسين» المهجرتين في مدينة القدس الشريف، إذ تعتزم بلدية الاحتلال في المدينة بناء أكبر حرم جامعي للطالبات اليهوديات. المشروع الاستيطاني الجديد الذي سيقام على مساحة 13 دونماً داخل القريتين المهجرتين دخل حيز التنفيذ بعد مصادقته من قبل وزارتي التعليم العالي والإسكان والاستيطان في حكومة الاحتلال، وتقديم دعمها الكامل له. وبحسب المخطط الهيكلي لبلدية الاحتلال في المدينة المقدسة، فإن مشروع الجامعة الاستيطاني تبلغ كلفته المالية 120 مليون دولار، جمع منها 70 مليوناً من تبرعات جمعيات دينية يهودية متطرفة من الداخل والخارج.

أجندة اليمين المتطرف

يتلاقى المشروع الاستيطاني الجديد مع أجندة حكومة الاحتلال التي تقودها التوجهات اليمينية المتطرفة، إذ ستخصص الجامعة خدماتها لليهوديات المتدينات والمتطرفات «الحريديات»، فوق أراضي «لفتا» و«دير ياسين» المهجرتين، وذلك بحسب منسق الائتلاف الأهلي لحقوق الإنسان في القدس، وعضو هيئة الحفاظ على الموروث الثقافي في قرية لفتا، زكريا عودة.

ويقول عودة لـ«الإمارات اليوم» في حديث خاص: «إن مشروع بلدية الاحتلال لإنشاء أكبر حرم جامعي لليهوديات المتطرفات يهدف إلى التهام معالم المنازل المهجرة الماثلة حجارتها حتى اليوم، وطمس الآثار العتيقة التي مازالت شامخة على مر سنوات نكبة التهجير، لإلغاء حق عودة اللاجئين إلى ديارهم المسلوبة عنوة».

ويضيف: «ولتحقيق ذلك يسعى الاحتلال إلى زيادة وتيرة الاستيلاء التهويدي الاستيطاني لما تبقى من مساحة داخل لفتا ودير ياسين الفلسطينيتين المهجرتين، بعد قضم دونمات شاسعة منها على مدار 75 عاماً».

ويوضح عودة أن «مشروع الجامعة الاستيطانية سيقام على أراضي القريتين المهجرتين مجتمعة، لإنشاء مؤسسة أكاديمية مبتكرة تضم خمسة مبانٍ كبيرة الحجم»، لافتاً إلى أن أذرع الاحتلال ستباشر تنفيذه على الأرض خلال أسابيع قليلة، والتي تشمل أعمال القواعد الأساسية وشبكات البنى التحتية. ويشير إلى أنه بعد الانتهاء من إنشاء الجامعة الضخمة، ستلتحق الطالبات المتطرفات بكليات الهندسة والعلوم الصحية، إلى جانب مباني المؤتمرات والإدارة، والأقسام الأكاديمية، ومنشآت لسكن «الحريديات».

سلسلة استيطان طويلة

وفي السياق يقول عضو هيئة الحفاظ على الموروث الثقافي في قرية لفتا: إن «مخطط جامعة الحريديات يعد حلقة من سلسلة طويلة من المشاريع الاستيطانية السابقة والجارية واللاحقة داخل أراضي القريتين المهجرتين». ويمضي عودة بالقول: «إنه في عام 2021 واجهت قرية لفتا المهجرة مخططاً ضخماً يحمل رقم 6036، يتضمن إنشاء حي استيطاني كبير باسم (مي مفتوح)، والذي يشمل إقامة 250 وحدة استيطانية، وفنادق ومراكز تجارية ومرافق، وذلك لاستخدامها من قبل المستوطنين».

ومن المخططات الاستيطانية التي تفت بعضد معالم لفتا ودير ياسين، وحجارة منازلهما العتيقة، ما صادق عليه الاحتلال في 25 من مايو الماضي، لإنشاء حي استيطاني يضم 20 برجاً، ووحدات استيطانية، ومراكز سياحية وتجارية، على مساحة 219 دونماً داخل أراضي القريتين المهجرتين، وذلك بحسب عودة.

طمس التاريخ

قرية دير ياسين الواقعة أعلى تل يبلغ ارتفاعه 800 متر، وتطل مباشرة على العديد من البلدات والقرى الفلسطينية من جهاتها الأربع، تعد واحدة من بين 38 قرية مهجرة في مدينة القدس الشريف، هجر الاحتلال جميع سكانها الأصليين إلى البلدات والقرى الفلسطينية المجاورة، وفي الشتات، وذلك بحسب المؤرخ الفلسطيني مصطفى كبها. ويقول كبها: «إن قرية دير ياسين تتعرض لهجمة إسرائيلية شرسة لمحو الهوية الفلسطينية وطمس معالمها التاريخية المتبقية حتى اليوم، والمتمثلة بالحجارة العتيقة للمنازل المهجرة، وعلى المجتمع الدولي أن يمارس دوره بالضغط على حكومة الاحتلال التي تستهدف إبادة ما تبقى من آثار الفلسطينيين المهجرين قسراً في عام 1948».

أما قرية لفتا فتعد البوابة الغربية لمدينة القدس الشريف، لذلك كانت هي القرية الأولى التي ذاقت ويلات نكبة 1948، فيما أقام الاحتلال فوق أرض سكانها المهجرين مستوطنات عدة، هي «جعفات هتحموشت»، و«راموت»، و«رامات أشكول». ويقول كبها: «إن قرية لفتا تقوم فوق أكثر من 12 ألف دونم على أراضٍ احتلت عامي (1948 و1967)، و3300 دونم منها مساحات مزروعة بالأشجار المثمرة والخضار والحبوب، فيما تعد من أقدم القرى الفلسطينية الأثرية، حيث تعود نشأتها إلى عهد الكنعانيين، وتشتهر بالموروث الثقافي والإنساني الحضاري».

ويبين أن قرية لفتا غنية بالآثار التاريخية، وعيون المياه العذبة، والأشجار المثمرة مثل اللوز والتين والزيتون والرمان، ومن أبرز وأهم معالمها الأثرية مسجد سيف الدين، أحد أمراء جند صلاح الدين الأيوبي، والذي أقيم على مقامه في عام 1235 في وسط القرية في الجزء الشمالي من ينابيع المياه العذبة.

وينوه المؤرخ الفلسطيني إلى أن الأماكن الأثرية في قرية لفتا وأبرزها أراضي الشيخ بدر التي بني فوقها خان الظاهر بيبرس قبل نحو 1000 عام، تحولت على مدار 75 عاماً إلى مقر لحكومة الاحتلال والكنيست، وكذلك إنشاء مقر الجامعة العبرية، وإقامة محطة الباصات المركزية.

يتلاقى المشروع الاستيطاني الجديد مع أجندة حكومة الاحتلال التي تقودها التوجهات اليمينية المتطرفة، إذ ستخصص الجامعة خدماتها لليهوديات المتدينات والمتطرفات «الحريديات» فوق أراضي «لفتا» و«دير ياسين» المهجرتين.  

قرية لفتا غنية بالآثار التاريخية، وعيون المياه العذبة، والأشجار المثمرة مثل اللوز والتين والزيتون والرمان. ومن أبرز وأهم معالمها الأثرية مسجد سيف الدين، أحد أمراء جند صلاح الدين الأيوبي، والذي أقيم على مقامه عام 1235 في وسط القرية في الجزء الشمالي من ينابيع المياه العذبة.  

تويتر