«وادي السيليكون».. أنشطة القدس الصناعية في تعداد الماضي
خطر كبير يداهم مصدر رزق عائلة هاني الفتياني، من سكان حي وادي الجوز، شرق مدينة القدس الشريف، الذي يعمل في مرآب والده، المعروف بين المقدسيين باسم (كراج أحمد الفتياني)، داخل منطقة وادي الجوز الصناعية، المتجذرة على مدار أعوام مديدة، التي تواجه اليوم مخططاً استيطانياً ضخماً، يعتزم الاحتلال تنفيذه على أنقاضها. يقول الفتياني: «إن ورشتي الصناعية هذه، التي تُعدّ مركزاً لصيانة وخدمات المركبات، وبيع جميع معداتها، أعمل بها منذ سنوات طوال، لأكمل بداخلها مشوار والدي، الذي ظل يفتتحها منذ نحو 60 عاماً، حتى أضحت معلماً رئيساً داخل المنطقة الصناعية في حي وادي الجوز».
المخطط الذي يطلق عليه الاحتلال اسم «وادي الجوز هاي تك»، المعروف باسم (وادي السيليكون) الاستيطاني، ويصادر 2000 دونم من أراضي حي وادي الجوز المقدسي، أصبح متاحاً للتنفيذ فوق أراضي سكانها، وعلى أنقاض مدينتهم الصناعية، بعد مناقشته من قبل لجنة التخطيط والبناء المحلية في بلدية الاحتلال، ومن ثم المصادقة عليه في تاريخ 14 يونيو الجاري، بعد رفض كل الاعتراضات المقدمة ضده.
مصير مجهول
المصير المجهول الذي يواجهه الفتياني داخل مركزه لصيانة المركبات، الواقع في شارع بن الوليد بحي وادي الجوز، يندرج على 200 ورشة صناعية ومنشأة تجارية قائمة منذ عشرات السنين داخل منطقة وادي الجوز الصناعية، التي يخشى أصحابها اليوم فقدان رزق عائلاتهم الوحيد في أي وقت وحين.
أبومحمود القباني (68 عاماً)، يمتلك ورشة حدادة في مدينة وادي الجوز الصناعية، افتتحها والده (أبوأحمد) قبل الاحتلال الإسرائيلي لمدينة القدس بسبعة أعوام، والتي أنفقت على أجيال عدة من العائلة، عبر مراحل زمنية طويلة.
ويقول القباني لـ«الإمارات اليوم» في حديث خاص: «إن المنطقة التي تحتضن أعمالنا في وادي الجوز منذ عهد الآباء والأجداد، تُعدّ الواجهة الرئيسة للأنشطة الصناعية في المدينة المقدسة، التي يقصدها كل السكان من كل حدب وصوب».
ويسترسل صاحب ورشة الحدادة: «إنه نتيجة مشروع وادي السيليكون، الذي صادقت عليه بلدية الاحتلال، نقف اليوم وسط مفترق طرق خطر، جميع جهاته ستودي بحياة إرث الأجيال السابقة، وتحرمنا مصدر دخلنا من دون رجعة».
أضخم المشروعات
إلى جانب الحي الاستيطاني الذي تقام داخله مئات الوحدات الجديدة، سيتضمن مخطط وادي السيليكون، الذي يصادر أيضا 2000 دونم من أراضي المقدسيين الأصلية، إقامة مجمع «هاي تيك» للتكنولوجيا، إلى جانب مرافق خدمات متعددة، ومطاعم، وفنادق، وأبراج ضخمة، ومراكز تجارية متنوّعة، وذلك بحسب الباحث في شؤون مدينة القدس، فخري أبودياب.
ويشير أبودياب في لقاء مع «الإمارات اليوم» إلى أن مخطط وادي السيليكون، يُعدّ من أضخم المشروعات الاستيطانية والتهويدية في المدينة المقدسة، إذ سيقام بكل مرافقه فوق مساحة يبلغ قدرها 250 ألف متر مربع داخل أراضي المقدسيين في وادي الجوز.
ويبين أن المشروع يربط الجزء الشرقي لمدينة القدس، مع شطرها الغربي، الذي تحتله إسرائيل بالكامل، لافتاً إلى أن ذلك يفرض هيمنة المستوطنين على كل مناطق الوجود الفلسطيني.
إبادة الأنشطة الصناعية
من جهة ثانية، يصف رئيس الهيئة المقدسية لمناهضة التهويد، ناصر الهدمي، مخطط وادي السيليكون بأخطر المشروعات داخل مدينة القدس، منوّهاً بأنه يتضمن إنشاء منطقة صناعية استيطانية، عالية التقنية، إلى جانب إقامة حديقة استيطانية فوق الأراضي المصادرة من السكان المقدسيين.
ويقول الهدمي: «إن المخطط الإسرائيلي الجديد عبارة عن مشروع تهويدي بالدرجة الأولى، على الرغم من أن الاحتلال يحاول أن يقدمه على أنه مشروع تطويري».
ويضيف: «إن الاحتلال يخترق بواسطة المشروع الاستيطاني الأحياء الفلسطينية، وتقطيع أوصال حي وادي الجوز، ليقع محاصراً بين فكي وادي السيليكون، الذي يتخذ شكل البؤرة الاستيطانية».
ويشير رئيس الهيئة المقدسية إلى أن المخطط التهويدي أعده الاحتلال لخدمة المستوطنين، وجلب المزيد منهم بأعداد كبيرة، لإبادة الأنشطة الصناعية في مدينة القدس، موضحاً أن «المنطقة الصناعية في وادي الجوز، تُعدّ الوحيدة في الشطر الشرقي للمدينة المحتلة».
وبحسب الهدمي، خصصت حكومة الاحتلال ما قدره 2.1 مليار شيكل (677 مليون دولار)، لإقامة وادي السيليكون، فوق أراضي المنطقة الصناعية داخل وادي الجوز، على بُعد 200 متر من المسجد الأقصى المبارك.
• إلى جانب الحي الاستيطاني الذي تقام داخله مئات الوحدات الجديدة، سيتضمن مخطط «وادي السيليكون»، إقامة مجمع «هاي تيك» للتكنولوجيا، إلى جانب مرافق خدمات متعددة، ومطاعم، وفنادق، وأبراج ضخمة، ومراكز تجارية متنوّعة.