دعوات لإحياء مساره.. والاهتمام ببقايا «استراحة الحجاج» التاريخية

«عنبر - عيذاب».. طريق «الرحلة الحجازية» المنسي في جنوب مصر

صورة

طالب باحثون ومهتمون مصريون الاهتمام بطريق الحج التاريخي «عنبر – عيذاب»، الذي لعب دوراً مهماً في تاريخ مصر الوسيط، حيث كان بوابة المصريين والمغاربة والغرب الإفريقي إلى الأراضي المقدسة، توازياً مع طريق سيناء، كما كان لواحد من مراكزه، وهو قرية «بئر عنبر» دور مهم في مواجهة الحملة الفرنسية في العصر الحديث. وفي حين تلاشت الأجزاء الرئيسة من معالم الطريق بفعل عوامل الزمن، إلا أن بعض هذه المعالم باقية في بئر عنبر والقصير، بما يستدعي الاهتمام والتجديد، بحسب خبراء وأثريين.

وقال الباحث التاريخي المقيم بصعيد مصر محمد فوزي لـ«الإمارات اليوم» إن بئر عنبر الموجودة بمدينة قفط، في المسافة ما بين مدينتي قنا والأقصر، كانت بمثابة استراحة الحجاج الكبرى القادمين من الصعيد ومن الغرب الإفريقي، ولاتزال موجودة منها حجرات مبنية بالطوب الأحمر مقبى، تربطها الحمرة والجير بدلاً من الإسمنت. وتابع فوزي أن بئر عنبر كانت أول محطة في سفر الحجيج وتوجههم شرقاً إلى شاطئ البحر الأحمر، حيث ينطلقون من هناك إلى الأراضي الحجازية، وقد بنى الاستراحة، ربما، إبراهيم باشا، نجل محمد علي باشا الكبير، وكان أهالي القرية يقدمون لهم الطعام والشراب حتى رحيلهم.

وقال فوزي إن «الأجيال السابقة من كبار السن ممن التقاهم، ذكروا أنها كانت في طفولتها تخرج في احتفاليات حاشدة حاملين الأعلام ويتقدمون بالدفوف يودعون أرتال الحجاج الذاهبين إلى الأراضي المقدسة من المتجهين إلى البحر الأحمر، بالأدعية والهتافات، وذلك قبل تسيد الطيران عملية النقل في موسم الحج، وبعضهم يتذكر بعض هذه الأهازيج».

وشدد على ضرورة الاهتمام بهذه المعالم، التي لاتزال تملك شواهد ولو قليلة، بوصفها تمثل الطريق الحجازي القديم، كما كانت تعرف، وألا يتخذ الأمر اهتماماً موسمياً كل عام، ثم يتم تجاهله، وهو يعبر في ذلك المطلب عن دعوات أثريين وأكاديميين وأهال من القرية. وتابع أن بئر عنبر لعبت أيضاً دوراً في مواجهة الحملة الفرنسية على مصر، في المعركة الشهيرة باسم إيتاي البارود.

وكان الباحث نبيل السيد الطوخي ذكر في كتابه «صعيد مصر في عهد الحملة الفرنسية»، الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، أن الحجاز أرسل 1500 مقاتل عربي، انضموا إلى آلاف الفلاحين المصريين لمواجهة الحملة الفرنسية عام 1799 في قفط، قرب بئر عنبر، وبلغت الخسائر الفرنسية قرابة 500 قتيل، وأطلقت المصادر الفرنسية اسم المكيين، نسبة لقدومهم من مكة، على هؤلاء العرب، كما تواصلت المعركة في بئر عنبر بين الفرنسيين بقيادة ديزيه والمماليك والأهالي المصريين والمكيين، بحسب الكتاب ذاته.

يذكر أن قرية بئر عنبر، التي كانت ومازالت مركزاً تجارياً، تتبع حالياً الوحدة المحلية للقلعة بمدينة قفط في محافظة قنا، ويسكنها 20 ألف نسمة، وكانت تسمى قبل ذلك «القرنة»، وقد سميت بئر عنبر نسبة إلى حيازتها بئراً في الاستراحة يديرها مملوك يدعى عنبر، بحسب روايات تاريخية.

على صعيد متصل ، كشفت صحيفة «المصري اليوم»، الأسبوع الماضي، عن منزل لعبدالقادر سعدون، آخر نسل عائلة آل سعدون بالقصير، كان مخصصاً لاستقبال المسافرين إلى الحج أو العمرة في مدينة القصير. وقالت الصحيفة إن المنزل الذي يعود عمره إلى 400 عام، ظل على حاله رغم مرور السنوات وانقطاع الحجيج والمعتمرين عن المنطقة بعد تحولهم إلى الطيران، وأن سعدون الحفيد لايزال يحتفظ بعقد المنزل الممهور بختم عثماني، وأنه لم يفكر مطلقاً في تركه أو بيعه.

• بئر عنبر موجودة بمدينة قفط، بين مدينتي قنا والأقصر، كانت بمثابة استراحة الحجاج الكبرى القادمين من الصعيد ومن الغرب الإفريقي.

تويتر