مؤرخ أميركي: واشنطن استخدمت حلف «الناتو» لتعزيز سيطرتها على أوروبا
قال المؤرخ الأميركي غراي أندرسون، إنه على الرغم من أن الغرض المعلن لحلف شمال الأطلسي (الناتو) هو الدفاع المشترك، فإن دوره الحقيقي هو منح الولايات المتحدة السيطرة على أوروبا. وأكد في مقابلة مع موقع «ديمكراسي ناو» أن الحرب في أوكرانيا عززت سلطة «الناتو» وواشنطن في القارة الأوروبية.
وفي ما يلي مقاطع من المقابلة:
■ ما رأيك في ما حدث في قمة «الناتو» في ليتوانيا؟
■■ أعتقد أن تنازل تركيا عن معارضتها عضوية السويد أو تأجيل ضم أوكرانيا إلى الحلف ليسا خبرين مفاجئين على نحو مدوٍّ، فقد كانا متوقعين بالنسبة لأي شخص تابع القصة منذ بدايتها.
■ هل تستطيع الحديث بصورة محددة عن أهمية انضمام فنلندا؟ بالطبع لدى هذا البلد حدود بطول 830 ميلاً مع روسيا.
■■ أعتقد أن عضوية فنلندا وكذلك عضوية السويد لن تغير كثيراً من المشهد، إذ إن كلا البلدين كان فاعلاً مع الحلف في العديد من الأوقات، حتى من الناحية العسكرية، حيث شاركا في مناورات مشتركة. واحتمال وضع خطة واقعية للدفاع عن هذه الحدود الطويلة للغاية مع روسيا، يبدو غير واقعي في التخطيط العسكري للحلف.
■ وضّح لنا ما قلته في مقالة لك مع الكاتب توماس ميني في صحيفة نيويورك تايمز بعنوان: «الناتو وظيفته ليس كما يدعي هو»، اشرح لنا ما تقصده، وما هو «الناتو»؟
■■ نعم. ادعى حلف «الناتو» تاريخياً أنه يمثل ثلاثة أشياء وفق ما أعتقد. الأول هو منظمة للدفاع الجماعي، أي تحالف عسكري. والثاني تحالف القيم. والثالث تحالف النظم الديمقراطية، ولكن من الواضح تماماً من تاريخ الحلف أن السمة الديمقراطية للدول الأعضاء كانت قابلة للتفاوض أو ربما الخرق. والبرتغال كانت من الدول المؤسسة، واليونان في ظل حكم الجنرالات كانت علاقتها طيبة مع الحلف. والآن لا أعتقد أن أحداً يقول إن هنغاريا وبولندا هما من الدول الديمقراطية الليبرالية. وعلى مستوى القيم يمكن قول الأمر ذاته. وأما في ما يتعلق بالدفاع المشترك، فأعتقد أنه أيام الحرب الباردة كانت مزاعم الحلف بتشكيل دفاع تقليدي عن أوروبا غير محتملة. ولهذا يمكن للمرء القول إن «الناتو» ليس كما يدعي.
■ قلت في مقالتك إن «الناتو» يعمل بعد الحرب الباردة وفق خطط واشنطن لجعل أوروبا معتمدة على القوة الأميركية، وإن «الناتو» يضمن السيطرة الأميركية في أوروبا بتكاليف قليلة. فسّر لنا كيف أن وجود «الناتو» يمكّن واشنطن من الدفاع عن مصالحها في أوروبا عن طريق إضعاف سيادة الدول الأوروبية عن تحقيق أهدافها الدفاعية والاقتصادية؟
■■ بصورة ملموسة للغاية، فعندما تم فرض نظرية وزيرة الخارجية السابقة مادلين أولبرايت في تسعينات القرن الماضي والتي تفيد بأن «الناتو» من خلال علاقته مع أوروبا، يحظر أي ازدواجية في القدرات الأميركية من قبل الأوروبيين، وأي فصل للأمن الأوروبي عن المصالح والأهداف الأميركية، وأي تمييز من جانب الأوروبيين ضد الأعضاء غير الأوروبيين في «الناتو». وأحد آثار نظرية أولبراريت ملموس للغاية وهو جعل الأوروبيين معتمدين على العقيدة الأميركية، وعلى العتاد والأنظمة والقيادة الأميركية.
■ استشهدتَ في مقالتك بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عندما قال إن حلف «الناتو» في حالة «موت دماغي»، وكان ذلك قبل أربع سنوات. هل بسبب حرب أوكرانيا تم إنعاش الحلف أو في الواقع تقويته؟
■■ نعم. أعتقد أن جزءاً من ذلك يرجع إلى الحرب، على الرغم من أن المرء يميل إلى النظر نحو الخلف أكثر. فمنذ عام 2014 ومع بداية أزمة أوكرانيا، وضم روسيا شبه جزيرة القرم، شهدنا نفقات أكبر على الدفاع من قبل الأوروبيين، وهو نوع من إعادة تأكيد دور أميركا في القارة. ومر ذلك خلال فترات صعود وهبوط. وخلال تاريخ «الناتو» تعرض لأزمات عدة، ولكنني أعتقد أنه ليس هناك جدال على أنه خلال العام الماضي تمت تقويته على نحو كبير، وأن يد أميركا في أوروبا تعززت أيضاً.
• أحد آثار نظرية أولبرايت ملموس للغاية وهو جعل الأوروبيين معتمدين على العقيدة الأميركية، وعلى العتاد والأنظمة والقيادة الأميركية.