غولدا مائير «تعود إلى المعارك» بعد 50 عاماً من حرب أكتوبر

عادت شخصية رئيسة الوزراء الإسرائيلية الراحلة غولدا مائير لتصبح مجدداً، مادة للاشتباك والتجاذب، قبيل أيام من طرح فيلم عن شخصيتها ودورها ومسيرتها في دور العرض الأميركية. وانتقدت أقلام غربية اختيار الممثلة هيلين ميرين لتجسيد شخصية مائير، واعتبرته خياراً غير موفق وإساءة لمائير. وانتقدت أقلام عربية الفيلم ووصفه ناقد بأنه «محاولة لخلق أسطورة من شخصية عادية»، وأثار الفيلم قضية تحديد المسؤولية عن الهزيمة الإسرائيلية في داخل دائرة القادة الإسرائيليين، كما فتح مجدداً قصة أشرف مروان الذي تبنى الفيلم رواية أنه «كان عميلاً مزدوجاً» ضلل الإسرائيليين بشأن توقيت الحرب عام 1973، وفقاً لمصادر صحافية أميركية وبريطانية متطابقة.

وكانت دوائر سينمائية أميركية قد أعلنت أخيراً أن فيلم «غولدا» الذي يجسد جانباً من حياة غولدا مائير، سيقدم في دور العرض الأميركية التابعة لـ«شيفانز بمتشؤ»، و«بليكس سترييت» للجمهور العريض في 25 أغسطس الجاري، بعد أن تم عرضه في مسابقة فنية في مهرجان برلين في فبراير الماضي.

ويركز الفيلم الذي كتب قصته نيكولاس هارتس، وأخرجه غاي ناتيف، وأدت دور البطولة فيه هيلين ميرين، على الأجواء داخل إسرائيل عقب هزيمتها في حرب 1973، وتحديد دقائق المسؤولية عن الهزيمة من قبل قادة إسرائيل، بحسب مشاهدات وتغطيات .

وانتشر في الولايات المتحدة أخيراً إعلان عن الفيلم، أثار كثيراً من الجدل، وتظهر فيه هيلين ميرين (في دور غولدا) وهي تحاور ليف شرايبر الذي يمثل دور وزير الخارجية الأميركي السابق هنري كيسنجر، وكان يقول: «تذكري ياغولدا أنني أميركي أولاً، ووزير خارجية ثانياً، ويهودي ثالثاً»، فترد ميرين قائلة: «أتذكر، لكنك نسيت يا هنري أننا في إسرائيل نقرأ المكتوب من اليمن إلى اليسار».

وأثار اختيار الممثلة هيلين ميرين لتجسيد دور غولدا مائير التي لعبت - في وقت سابق - دور الملكة البريطانية إليزابيث الثانية، حالة من الرفض في الإعلام الإسرائيلي والإعلام الأميركي اليهودي، واتهمت ميرين بفشلها في تجسيد شخصية مائير بسبب أنها ليست يهودية، طبقاً لدورية «جويش كرونكل»، وتصدرت الهجوم الممثلة مورين ليمان، ما حدا بالممثلة هيلين ميرين للرد على الهجمة عبر حوار مع «ديلي ميل» قالت فيه إنها قالت للمخرج :«اسمع يا غابي أنا لست يهودية، وإذا كنت تفكر في ذلك وتسير في اتجاه مختلف عن الحاصل الآن، عليك أن تسند الدور لممثلة ذات خلفية دينية يهودية، فافعل ذلك بلا حرج، سأتفهم ذلك ببساطة شديدة».

من جهته هاجم الناقد بيتر براد شو، الفيلم، وقال لصحيفة الغارديان: «كفيلم حرب، ممل جداً، وكدراما سياسية، باهت جداً، وكتشخيص لشخصية غولدا مائير، يمكن القول إنه قدمها بمنتهى السطحية».

على صعيد متصل، قال الناقد السينمائي أمير العمري: «إن الفيلم ينتمي إلى الأعمال التي تحول فنون الدراما إلى محاولات لخلق أساطير والترويج لها، والفيلم يسعى لإعادة الحياة إلى أسطورة خلقها الاحتلال الإسرائيلي بشأن شخصية غولدا مائير، على الرغم من أننا شاهدنا عملاً فنياً ربما يكون أكثر تماسكاً وهو المسلسل الأميركي (امرأة تدعى غولدا) عام 1982 الذي تحول بعد ذلك إلى فيلم، وأدت دور البطولة فيه انغريد برغمان وأخرجه ألان جيبسون».

من جهته رد المخرج غاي ناتيف على الانتقادات الموجهة للفيلم في «فاريتي» وقال: «إن مائير لديها طبقة في شخصيتها غير مرئية تماماً ولا يعرفها غير الإسرائيليين أبرزها الفيلم، وإن الفيلم ليس تمجيداً للرواية الإسرائيلية عن حرب أكتوبر 1973، حيث إن رؤيتي هي أن إسرائيل هزمت فعلاً والجميع يعرف ذلك، كانت بالنسبة لإسرائيل حرب السقوط، الجميع في إسرائيل كانوا يفقدون أنفسهم وعلى رأسهم موشيه دايان، البطل الإسرائيلي الخارق الذي تلقى صفعة قاسية في الحرب».

وفي الاتجاه ذاته، دافع موقع مكور راشون عن الفيلم، وقال إن «الشباب الإسرائيلي الحالي لا يعرف من هي غولدا مائير، وإن هوليوود أظهرت اهتماماً بها أكثر من الفن الإسرائيلي، وإن الفيلم أظهر أن الجنرالات الذين خدموا تحت قيادتها يتحملون المسؤولية أكثر عما جرى لإسرائيل في حرب 1973، لقد أدوا وظائفهم بشكل مخزٍ وعلى رأسهم موشيه دايان الذي انكسر في اليوم الأول للحرب، وظهر بوجه كئيب في مقابلة تلفزيونية»، كما أظهر الفيلم طبقاً للموقع إخفاق رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية إيلي زيرا الذي كان متمسكاً بقناعة عدم إمكانية قيام الحرب لدرجة عم تفعيله أجهزة التجسس على مصر، وأظهر أيضاً شخصية أشرف مروان الذي كان - بحسب الفيلم - عميلاً مزدوجاً خدع إسرائيل وضللها بشأن توقيت المعركة.

جدير بالذكر أن موقع «روتن توماتوز» المختص في تقييم الأعمال الفنية، قال إن الفيلم لم يتجاوز نجاحه نسبة 42% استناداً إلى تقدير 12 ناقداً فنياً، بينما منحه موقع «ميتا كريتيك» نسبة نجاح بـ51% استناداً لتقييمات سبعة نقاد.

يذكر أيضاً أن شخصية غولدا مائير تم تقديمها في أعمال فنية في الدراما العربية في أدوار متنوعة، حيث قامت الفنانة إنعام سالوسة بدورها في مسلسلي «السقوط في بئر سبع»، و«الكافير»، وقامت الممثلة عايدة عبدالعزيز بدورها في «حائط البطولات»، كما جسدت الفنانة لبنى محمود شخصيتها في «حرب الجواسيس».

• أثار اختيار الممثلة هيلين ميرين لتأدية دور غولدا مائير التي لعبت - في وقت سابق - دور الملكة البريطانية إليزابيث الثانية، حالة من الرفض في الإعلام الإسرائيلي والإعلام الأميركي اليهودي، واتهمت ميرين بفشلها في تجسيد شخصية مائير.

الأكثر مشاركة