اقترن اسم سليم حسن بـ «موسوعة المصريات».. وعرف بصدامه «الأثري» مع الملك فاروق والأجانب
اختيار «مكتشف الـ 200 مقبرة فرعونية» فارساً لمعرض القاهرة للكتاب
أعلنت اللجنة العليا المنظمة لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ55 اختيار الأثري الراحل الدكتور سليم حسن ليكون شخصية العام في المعرض، واستقبل الاختيار بالترحاب في الوسط الأثري المصري استناداً لإنجازات سليم الكشفية المتميزة، كما استقبل بحماس شعبي نظراً إلى الجهد الذي بذله العالم الأثري الراحل في تبسيط ورفع الوعي الأثري لدى رجل الشارع في مصر، ودعا مؤرخ أثري إلى تطوير الاحتفال بسليم حسن ليتجاوز الحالة الاحتفالية بشخصه ليهتم بتحديث تراثه وإضافة ما استجد من معرفة أثرية إليه من جهة، ولإعطاء جهد أكبر لإبراز «المدرسة المصرية» الأثرية من جهة أخرى.
وقال المؤرخ والأثري فرنسيس أمين، لـ«الإمارات اليوم»، إن «اختيار العالم الأثري الكبير سليم حسن كشخصية للمعرض هذا العام بادرة طيبة وموفقة لما يحتله من مكانة يقر بها الجميع، ولما تضمنته شخصيته من أبعاد مختلفة».
وتابع أمين أن «سليم حسن استطاع أن يجمع في شخصه وسيرته، شخص العالم الأثري المتعمق، والمكتشف الذي ارتبط اسمه بحفريات كان الوصول إليها نقطة تحول أبرزها اكتشاف مقبرة (رع-ور)، والمكافح الوطني الذي واجه محاولات البعثات الأجنبية لإخراج آثار مصر والحصول على نسبة 50% من كشوفاتها، والنموذج الذي ارتبط اسمه بقضية (تمصير) الأثريين في مصر قبل ثورة 1952، وصاحب القضية والمبدأ الذي اصطدم مع الملك الراحل فاروق الأول، والأثري القومي المسؤول الذي شارك في حماية آثار النوبة إبان إنشاء السد العالي، وأخيراً بالغيور الحريص على وصول الوعي الأثري إلى كل شخص في الشارع المصري عبر إصداره (موسوعة التاريخ المصري)، التي تجاوزت أعدادها الـ20، كما أصدر كتباً أخرى مثل (الأدب المصري القديم) و(جغرافية مصر القديمة)».
وأشار أمين إلى أن «كل هذه العناصر مهمة وتشكل بصمة قوية لسليم حسن، لكن الأكثر تميزاً هو دوره في إرساء (المدرسة المصرية الأثرية)، على خُطى الرائد الأثري الكبير أحمد كمال باشا، وكان إلى جانبه وبعده جيل كامل من الأثريين الوطنيين المصريين في علم المصريات من أبرزهم أحمد فخري ولبيب حبشي، بعد أن كان حكراً على الأجانب، وليعكس هذا الجيل الأثري المصري، تشربهم بالثقافة المصرية المعاصرة في تفهم روح الحضارة المصرية القديمة، وليجعلوا من الحفاظ على المعابد وعلى انتساب هذه الحضارة لبيئتها هدفاً رئيساً، بعد أن كانت المصريات والجهود الأثرية مجرد قنطرة للمتاحف الأوروبية».
ونوه أمين بضرورة أن يتجاوز الاحتفال بسليم حسن الشكل التقليدي، ومجرد استظهار سيرته، داعياً إلى التركيز على محورين؛ هما «تحديث تراثه، عبر إضافة ما استجد من معلومات أثرية وتاريخية في المحاور ذاتها التي أسسها»، والثاني عبر إبراز وتطوير المدرسة المصرية في الآثار.
وقال الكاتب الصحافي المهتم بالتاريخ والتراث محمود الدسوقي، إن لاختيار الدكتور سليم حسن بعداً سياسياً مهماً «لأنه تعرض للاضطهاد في عصر الملك فاروق الأول، ووقف ضد تقسيم الآثار للأجانب والتهريب وهوس فاروق والعائلة المالكة بوضع آثار وكتب أثرية في قصورهم، والاختيار موفق رغم رؤية علم الآثار الحديث لبعض أطروحات سليم حسن بأنها تحتاج مراجعة».
وأشاد الكاتب والباحث التاريخي أنور فتح الباب بالاختيار، وقال إن «سليم حسن، كان رائداً من روّاد البحث والتنقيب والكتابة في تاريخ مصر يقف إلى جانب العظماء أحمد فخري أحمد بدوي، هو ابن المدرسة التقليدية في الكتابة، وعذره أنه انشغل بالتنقيب أكثر من البحث العلمي، لكنه يكفيه فخراً موسوعة تاريخ مصر القديمة».
وقال المرشد السياحي رأفت نجيب إن «سليم حسن هو أحد أبرز الأثريين وأكثرهم شعبية بلا منازع، وله الفضل في اكتشاف العديد من المقابر المحيطة بأهرامات الجيزة وغيرها، والتي من بينها 200 مقبرة كان ضمنها مقبرة الملكة (خنت كاوس) ومقابر أولاد الملك خفرع، ومراكب الشمس الحجرية لخوفو وخفرع»، وأضاف أن «سليم حسن التصق اسمه بقيادة معركة وطنية أثرية مهمة حين حاول استعادة قطع أثرية من الملك فاروق فكلفه هذا منصبه كأمين عام للمتحف المصري عام 1940، ثم عاود المعركة بعد قيام الثورة في عام 1952 حين قاد مهمة ووطنية كبرى، وهي جرد المتحف المصري لاكتشاف القطع المختفية فيه استمراراً لمعركته الأولى، كما أنه قاد معركة سياسية أخرى بعد عودته من بعثته في أوروبا حيث كتب سلسلة مقالات في الصحافة المصرية أشعلت الرأي العام بعنوان (الآثار المصرية في المتاحف الأوروبية».
وُلد سليم حسن بقرية ميت ناجي التابعة لمركز ميت غمر بالدقهلية، وحصل على شهادة البكالوريا 1919، ثم «المعلمين العليا»، وحاول الالتحاق بالعمل في المتحف المصري لكنه لم يتمكن في البداية لسيطرة الأجانب عليه، فعمل مدرساً بالمحلة الابتدائية، ثم تم إلحاقه بالمتحف المصري بعد ضغوط شديدة من وزير الأشغال عام 1921، فتركت هذه الواقعة بداخله أثراً وشكلت لديه عاطفة ضد السيطرة الأجنبية على الواقع الأثري المصري. وتم إرسال سليم حسن إلى أوروبا عام 1922 فزار فرنسا وإنجلترا وألمانيا، وحصل على شهادات عليا عدة من الخارج، منها دبلوم لغات شرقية ودبلوم لغة مصرية قديمة من السربون، ودبلوم آثار من اللوفر، كما حصل على شهادة الدكتوراه من جامعة فيينا بالنمسا. وتبوّأ سليم حسن العديد من المناصب والمواقع، أهمها أمين المتحف المصري، ورئيس بعثة فحص السد العالي على آثار النوبة، وعضو أكاديمية نيويورك.
• دعا مؤرخ أثري إلى تطوير الاحتفال بسليم حسن ليتجاوز الحالة الاحتفالية بشخصه ويهتم بتحديث تراثه وإضافة ما استجد من معرفة أثرية.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news