37 عائلة رحلت مطلع العام الجاري نتيجة تصاعد اعتداءات المستوطنين
هدم مدرسة «عين سامية».. إسرائيل تستكمل تهجير التجمع البدوي
في ساعات الصباح الأولى من يوم 17 أغسطس الجاري، اقتحمت جرافات وآليات إسرائيلية ترافقها قوات عسكرية تجمع عين سامية بقرية كفر مالك شرق مدينة رام الله وسط الضفة الغربية المحتلة، وعلى الفور باشرت الجرافات بهدم مدرسة تجمع عين سامية نهائياً، والتي تقدم الخدمات التعليمية لسكان التجمعات البدوية، شرق رام الله.
وبذلك تكون مدرسة عين سامية الثالثة التي هدمتها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العام الجاري، بعد إزالة مدرستي «رأس التين» شرق رام الله، و«التحدي 5» شرق مدينة بيت لحم، فيما تواجه 53 مدرسة فلسطينية أخرى بالضفة المحتلة خطر الهدم في أي وقت بعد إصدار الاحتلال أوامره العسكرية بذلك.
ويأتي هدم الاحتلال مدرسة عين سامية استكمالاً لعملية تهجير سكان التجمعات البدوية شرق رام الله، حيث كان تجمع عين سامية يشهد منذ زمن بعيد إقامة 37 عائلة بدوية فوق أرضه، تضم 200 فرد، فيما باشرت جميعها بالرحيل إلى مناطق قريبة برام الله منذ مطلع العام الجاري، إثر اعتداءات المستوطنين اليومية، وأوامر الهدم للمنشآت الزراعية والمساكن، بهدف السيطرة على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية الخصبة، والاستيلاء على مياه الينابيع العذبة.
انعدام مظاهر الحياة
بعد الانطلاق من وسط مدينة رام الله، حيث موطن الأحياء الحضرية، شقت «الإمارات اليوم» طريقاً وعرة تجاه حدود المدينة الشرقية، وصولاً إلى تجمع «عين سامية» المُهجر، أحد التجمعات البدوية النائية، الذي ينهش الاحتلال ومخططاته الاستيطانية مساحات أرضه من دون توقف.
وبدت أراضي عين سامية صحراء قاحلة تنعدم مظاهر الحياة اليومية بداخلها بعد أن كانت تنبض جميع أركانها بالحياة، حيث مشهد الرعاة يصعدون المرتفعات رفقة ماشيتهم، والمزارعون لا يبرحون دونماتهم الخضراء.
ورغم تهجير سكان عين سامية، كانت مدرسة عين سامية حتى اليوم الأخير قبل هدمها حلقة الوصل بين الطلبة في التجمعات البدوية القريبة، وأرض التجمع المُهجر للحفاظ على بعض مشاهد البقاء داخله، ولكن ما إن سوت الجرافات الإسرائيلية فصولها الدراسية بالأرض حتى غابت المؤسسة التعليمية الوحيدة لطلبة تجمع عين سامية البدوي من دون رجعة.
وكانت مدرسة عين سامية قد أقيمت منتصف ديسمبر الماضي بتنسيق بين وزارة التربية والتعليم الفلسطينية وهيئة مقاومة الجدار والاستيطان بالضفة، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي من خلال إحدى المؤسسات الدولية العاملة في فلسطين، وبجهود متطوعين، كواحدة من مدارس الصمود والتحدي في المناطق المصنفة (ج)، وفقاً لاتفاقية أوسلو، وذلك بحسب مسؤول دائرة العمل الشعبي في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عبد أبورحمة.
ويبين أبورحمة في حديثه مع «الإمارات اليوم»، أن مدرسة عين سامية كانت تضم خمس غرف دراسية، مكونة ومسقوفة من الصفيح، لتقدم الخدمات التعليمية لـ87 طالباً وطالبة من شرق بلدة كفر مالك من الصف الأول حتى السادس الابتدائي.
ويلفت مسؤول العمل الشعبي إلى أن المدرسة المشيدة من الصفيح كانت تفتقر للمرافق الرئيسة من ساحات ومختبرات وشبكات مياه وكهرباء.
إبادة أحلام البراءة
يقول المشرف العام لمنظمة البيدر للدفاع عن حقوق البدو حسن مليحات: «مدرسة عين سامية كانت تخدم أطفال التجمعات البدوية شرق رام الله، وكان من المقرر أن يعود الطلبة إلى مقاعدهم الدراسية بداخلها نهاية شهر أغسطس الجاري، غير أن هدم الاحتلال فصولهم الدراسية أباد أحلامهم البريئة باستكمال سير مشوارهم التعليمي فوق أرضهم».
ويضيف: «كانت المدرسة آخر ما تبقى داخل تجمع عين سامية، وبالتالي لن يعود الطلبة ثانية إلى التجمع البدوي الذي هجرته عائلاتهم قبل ثلاثة أشهر، وهو ما يهدف إليه الاحتلال الذي خطط لتفريغ المنطقة من كامل سكانها، وإزالة كل ما يربطهم بأرضهم في عين سامية».
ويشير مليحات إلى أن هدم الاحتلال مدرسة عين سامية الأساسية يعد تجسيداً حقيقياً للإجراءات التعسفية التي تنفذها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، فيما يهدد ذلك حق الأطفال في التعليم الآمن والمستقر.
ويلفت إلى أن العام الجاري شهد تزايداً ملحوظاً للانتهاكات وطبيعتها بحق التجمعات البدوية، وسكانها، وتحديداً في المناطق المصنفة (ج).
وينوه المشرف العام لمنظمة البيدر إلى أن تصاعد وتيرة الاعتداءات بشكل لافت للنظر يستدعي تدخلاً عاجلاً من المؤسسات الحقوقية والدولية والمدافعة عن الطفولة والحق في التعليم، لإغاثة التجمعات البدوية في مواجهة الحرب المفتوحة ضدها من قبل الاحتلال والمستوطنين.
ردود فعل دولية
من جهته استنكر الاتحاد الأوروبي في بيان له في 18 أغسطس الجاري عملية هدم قوات الاحتلال مدرسة عين سامية الممولة منه. وطالب الاتحاد الأوروبي إسرائيل باحترام حق الأطفال الفلسطينيين في التعليم، وتعويض الاتحاد عن التمويل الذي فقده بعد إزالة المدرسة. وفي أعقاب هدم الاحتلال مدرسة التجمع البدوي دعت القنصلية البريطانية في القدس إلى الحفاظ على حق الأطفال الفلسطينيين في التعليم
مدرسة عين سامية هي الثالثة التي هدمتها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية العام الجاري، بعد إزالة مدرستي «رأس التين» شرق رام الله، و«التحدي 5» شرق مدينة بيت لحم، فيما تواجه 53 مدرسة فلسطينية أخرى بالضفة المحتلة خطر الهدم في أي وقت بعد إصدار الاحتلال أوامره العسكرية بذلك.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news