إشادة تركية رسمية بالجهد الأثري المصري.. واعتبار الحدث علامة بارزة في التاريخ المشترك

افتتاح «سارية الجبل».. أول مسجد عثماني في تاريخ مصر

صورة

فتحت إدارة قلعة صلاح الدين في القاهرة مطلع الأسبوع الجاري باب الزيارة الشعبية لمسجد «سارية الجبل»، الذي حمل أيضاً تسمية مسجد سليمان باشا الخادم، بعد أن تم افتتاحه رسمياً أخيراً، عقب انتهاء أعمال الترميم، وأشادت تركيا بالحدث الثقافي المميز، معتبرة إعادة ترميم المسجد علامة بارزة في التاريخ المشترك بين تركيا والعالم الإسلامي، فيما أشاد باحثون تاريخيون وأثريون بقيمة المسجد التاريخية وقيمته المعمارية لما يحمل من بصمات للمعمار العثماني، وقيمة سياسية لارتباطه بأحداث مهمة في تاريخ مصر والدولة العثمانية.

وكان السفير التركي بالقاهرة، صالح موتلو شن، قد وجه الشكر إلى الحكومة المصرية، بعد افتتاح المسجد، وقال في منشور على حسابه الشخصي على صفحة «فيس بوك»: «تم افتتاح مسجد سليمان الخادم وهو أول مسجد تم إنشاؤه على الطراز العثماني في مصر بعد أعمال الترميم المستمرة. أود أن أشكر الحكومة المصرية على الرعاية التي أبدتها لإخراج هذا الأثر القيم من تاريخنا المشترك بهذه الصورة الرائعة».

وقال أستاذ الآثار بجامعة القاهرة د. جمال عبدالرحيم في مداخلة تلفزيونية مع برنامج «صباح الخير يا مصر»: إن تصميم المسجد مأخوذ من تصميم الجوامع التركية، وأن العناصر الزخرفية تمت بأيادٍ مصرية، ترجع للفترة المملوكية، وأن المسجد عثماني التراث، والفنون الزخرفية الموجودة على المنبر والجدران مملوكية.

ويعتبر مسجد «سارية الجبل» أول مسجد عثماني بُني على الأراضي المصرية، حيث شيد عام 1528 على أنقاض مسجد فاطمي شيده والي الإسكندرية أبوقسطل عام 1141 ميلادية، في عهد السلطان سليمان القانوني، واستغرق ترميم المسجد ست سنوات بكلفة خمسة ملايين جنيه، بحسب بيانات وزارة السياحة والآثار المصرية.

وقال مفتش الآثار الإسلامية السابق عبدالحميد إبراهيم: إن قيمة المسجد الأثرية تكمن في تجسيده لشخصية الدولة العثمانية، فهو يختلف عن كل المساجد في منطقتنا العربية، حيث إنه مغطى وليس له صحن، عكس معظم المساجد القديمة في منطقتنا التي لها صحن مكشوف، وذلك بسبب برودة الجو في العالم العثماني الشمالي مقارنة بالأطراف الجنوبية ومقارنة بمعمار مثل المعمار المملوكي، الأمر نفسه يمكن ملاحظته في المئذنة المخروطية المدببة التي صممت بطريقة تسمح لها بانحدار الثلوج.

وتابع إبراهيم أن: المسجد كان يخص طائفة الانكشارية، وهي طبقة المحاربين من الحرس الخاص للسلطان العثماني التي كانت لها شارتها ورتبها وامتيازاتها، والذين لهم جبانة خاصة بداخل المسجد بها شواهد رخامية لكل شخصية رفيعة لها رمز معين، وقد دخلوا مصر مع العثمانيين عام 1517 وأقاموا الأسوار الشمالية لقلعة صلاح الدين، وأن أحد الرموز الموجودة هي العمامة الكبيرة، والتي كانت في الحقبة العثمانية تعني أن المحارب يلف كفنه حول رأسه فيقاتل إما للنصر أو الشهادة. وتابع أن المسجد بُني من حجر الفص النحيت، وله أربع واجهات حجرية، وله بيت صلاة وحرم، وفناء وملحق بها ميضأة، وله منبر من الرخام الخالص عليه نقوش وزخارف، وملحق وكتاب لتعليم الجنود القرآن الكريم والفقه على المذهب الحنفي، المذهب المعتمد وقتها من الدولة العثمانية، وكانت قبابه في السابق مغطاة كلها بـ«القيشاني» الأخضر.

وأضاف أن: مسجد سارية الجبل، حمل اسماً آخر هو مسجد سلمان باشا الخادم، وهو شخصية سياسية مهمة، حيث كان والياً على مصر 1525، ثم عُرف بأعظم (رئيس وزراء) في الدولة العثمانية، وقائد حملة عثمانية على الهند.

وختم أن: «سارية الجبل» سبق مساجد عثمانية أخرى بنيت ولاتزال موجودة في مصر مثل جامع الملكة صفية بشارع محمد علي بالحبانية، وجامع محمد علي بالقلعة، ومسجد سنان باشا ببولاق، ومسجد محمد بك أبوالذهب.

الجدير بالذكر أن هناك روايات شعبية شائعة، حول تسمية المسجد بـ«سارية الجبل» إذ تنسب التسمية إلى قصة الصحابي سارية بن زنيم بن عمرو بن عبدالله الكناني الدؤلي الكناني، والتي ارتبطت بقصة «سارية الجبل» الشهيرة مع الخليفة عمر بن الخطاب (رضي الله عنه)، حيث رددت الرواية أن المسجد الحالي أقيم قرب مسجد قديم يحمل اسمه، لكن معظم الباحثين التاريخيين، ينفون وجود صلة مباشرة لتسمية المسجد الحالي بهذه القصة، وأنه سمي كذلك على سبيل التيمن.

• المسجد بُني من حجر الفص النحيت، وله أربع واجهات حجرية، وله بيت صلاة وحرم، وفناء وملحق به ميضأة، وله منبر من الرخام الخالص عليه نقوش وزخارف، وملحق وكتاب لتعليم الجنود القرآن الكريم والفقه على المذهب الحنفي، المذهب المعتمد وقتها من الدولة العثمانية.

تويتر