بيان رزق الله.. شهادة إدارة أعمال داخل أول «كشك» نسائي في «الضفة»
يومياً، ومنذ ساعات الصباح، تغادر الفتاة الفلسطينية بيان مشهور رزق الله، منزلها في قرية فرخة بمدينة سلفيت شمال الضفة الغربية المحتلة، متجهة إلى الأسواق المحلية، لشراء الفواكه الطازجة، والدقيق، والشوكولاتة بأنواعها المختلفة، ومستلزمات أخرى.
وداخل عربة صغيرة متنقلة، تجمع (بيان) جميع ما أحضرته من السوق، لتجوب شوارع وميادين مختلفة داخل قريتها، تصنع حلوى «الكريب»، وعصير «الأفوكادو» الطازجين أمام الزبائن، إلى جانب قائمة طويلة من الحلويات والمشروبات الساخنة والباردة، بواسطة آلات كهربائية عصرية.
وبذلك، تصبح الفتاة (بيان - 23 عاماً)، أول شابة فلسطينية تفتح كشكاً متنقلاً لبيع الحلويات والمشروبات بشتى أنواعها في الضفة المحتلة، بعد أن فشلت على مدار عامين كاملين في الحصول على وظيفة مناسبة لشهادتها الجامعية.
إثبات الذات
انتقلت «الإمارات اليوم» إلى قرية «فرخة»، حيث عربة (بيان) تصطف على الشارع الرئيس للقرية تجاه القرى والبلدات المجاورة، وتتكون عربتها من الحديد والصفيح المزيّنة برسومات ملوّنة لافتة. وداخل الكشك، علقت يافطات خطت بعبارات بسيطة تجذب الزبائن والمارة، أبرزها: «أحتاج جرعة من القهوة»، إلى جانب صور عامة للمدن الفلسطينية، وعبارات تحفيزية: «وراء كل شخص عظيم إرادته»، و«حتماً نستطيع».
وتقول (بيان) من داخل عربتها: «في شهر أغسطس من عام 2021، حصلت على شهادة البكالوريوس في تخصص المحاسبة وإدارة الأعمال، بتقدير امتياز، من جامعة القدس المفتوحة». وتواصل: «في بداية الأمر بحثت عن فرص عمل، وتقدمت للحصول على وظيفة في مؤسسات عدة، ولم أنجح في الحصول على ما يناسب تخصصي، ومن ثم تقدمت إلى الصندوق التشغيلي لأحصل على فرصة عمل كمساعد إداري بالمجلس القروي، لمدة ستة أشهر، ومنذ عام لم أتمكن من التوظيف مطلقاً».
وعلى مدار عام مضى، لم تقبل (بيان) أن يُضاف اسمها إلى قوائم البطالة، بعد أن أوصدت أبواب التوظيف في وجهها، لتبحث عن مصدر رزق لها ولعائلتها، فتهزم اليأس، وتواصل مشوار إثبات الذات، بافتتاح مشروع ريادي تشرف عليه بكلتا ساعديها.
حلم يتحقق
«في بداية المشروع الخاص بي، كنت أنتج الحلويات داخل المنزل، وأروّجها عبر منصّات التواصل الاجتماعي، وهذا ما دفعني إلى تطوير فكرة مشروعي بصورة مبتكرة غير تقليدية»، تقول (بيان).
وتلفت إلى أن قريتها تفتقر لمثل هذه الأماكن المتخصصة بإنتاج ما أقدمه من أنواع مختلفة من الحلويات، ومعظم الأكشاك المنتشرة داخل «فرخة» تبيع حبوب الذرة والمشروبات الساخنة فقط. وتمضي بالقول: «منذ فترة طويلة كنت أحلم بامتلاك عربة ذات رسومات جذابة، وبفضل الله الحلم تحقق، فبعد بحث طويل ومشقة كبيرة عثرت على كشك جاهز من الحديد، وامتلكته بمبلغ متوسط نوعاً ما».
وتضيف: «إن والدي وأشقائي وشقيقاتي كانوا جميعهم الداعم الأول والأخير لي، ليبصر مشروعي النور، وهذا التشجيع الكبير أتى أكله، لأصبح أول فتاة تعمل في هذا المجال». وتسترسل «أنا أسعى دائماً لأكون مميزة في أي مكان أعمل به، وأن أحدث تأثيراً إيجابياً دائماً داخل المجتمع، كما أن العمل ليس أمراً معيباً بالنسبة للفتاة التي تجتهد لتحقيق ما تطمح إليه».
قائمة طويلة
تنتج (بيان) داخل الكشك، الذي أطلقت عليه اسم «وافل وأكثر»، قائمة طويلة من الحلويات الساخنة والباردة، منها: «الدونات» و«الكريب» و«البان كيك» و«الوافل» و«الفشافيش»، وهي نوع مكون من عجينة الكيك، محشوة بكريمة البندق (النوتيلا)، إلى جانب أصناف عدة من المشروبات الباردة، أبرزها: «الأبيات» و«السموذي» و«الموهيتو».
وتشير رزق الله إلى أنها تقدم هذه المنتجات بسعر أقل من المطاعم والمحال التجارية، بهدف إقبال أكثر من الزبائن، ومراعاة أوضاعهم الاقتصادية المتردية.
• «والدي وأشقائي وشقيقاتي كانوا جميعهم الداعم الأول والأخير لي، ليبصر مشروعي النور، وهذا التشجيع الكبير أتى أكله، لأصبح أول فتاة تعمل في هذا المجال».