الإعلام والحرب والنساء
تحتل قضية تأثير الحروب في الفئات الأكثر هشاشة (الأطفال والشيوخ والنساء)، اهتماماً استثنائياً في الإعلام، وعليه كان لفوز الصحافية مريم ويدر أوغو، بجائزة «نايت» للصحافة الإفريقية عام 2023، وقعاً خاصاً في بلادها وفي الدوائر المهتمة خارجها، لإبرازها - بشكل نوعي - ما تعرضت له النساء في بلدها (بوركينا فاسو) خلال الحرب من اعتداء وتشريد واغتصاب ومعاناة.
ولم تكن مريم ويدر أوغو جديدة على عالم التفوق الصحافي في بلادها، فقد حصلت من قبل على عشرات الجوائز، آخرها حصولها على الجائزة المسماة «بابو كالفادوس نورماندي» عام 2022، لكنّ الاهتمام بها مصدره هو أنها كانت ومازالت صاحبة سجل مشرف في قضية مهمة وصعبة، هي «معاناة النساء في الحروب». وقد لفتت الأنظار إليها بعد سلسلة تحقيقات في صحيفة «سايدويز» اليومية في بوركينا فاسو التي كانت محطة مهمة في مسيرتها المهنية التي بدأت بانتكاسة مهنية، ثم بتحدٍ وانتصار في وكالة الأنباء «البوركينية»، ثم بمشكلة صحية كادت أن تلزمها بيتها، لكنها واجهتها بصبر وتحمّل حتى تمكنت من تجاوزها، بحسب روايتها لموقع «سيفي للتطور الإعلامي».
وتروي أن الرافعة الأهم في حياتها الصحافية هي «إقامتها علاقات قوية وحقيقية مع مصادرها من الفئات المهمشة، وفي مقدمتهم النساء النازحات». وتصف هي طبيعة هذه العلاقة فتقول: «أصبحنا أنا وهنّ (أي النساء النازحات بفعل الحرب) كأعضاء في عائلة كبيرة، هنّ لا يتردّدن في الاتصال بي عند أول طارئ يحدث لهن، ويسألنني كيف تمضي الأمور». وكان هذا هو المدخل الطبيعي والبسيط وغير المفتعل للنجاح، ولكتابة تقريرين حول تأثير الحرب - في بوركينا فاسو - في النساء أحدثا فرقاً كبيراً في مسيرتها وضجة واسعة في المجتمع البوركيني، وهما «من دايلو إلى كايا.. الطريق إلى الجحيم للنساء النازحات»، و«الإرهابيون يغتصبون الضحايا.. حمل وولادة وأحمال إضافية للنساء المغتصبات»، وهما التقريران اللذان فازا إثر نشرهما بجائزة «بيو للتفوق الصحافي»، و«جائزة ماري سوليل للصحافة المكتوبة».
وتؤكد مريم ويدر أوغو أن معاناة النساء في الحروب، لا يمكن أن تدركها وتنقلها بدقة أكبر إلا النساء، وتقول: «الضحايا من النساء في الحروب، لن يثقن في البوح بزوايا حساسة من المعاناة إلا لنساء مثلهن، هذا مهم لمعرفة الحقيقة حتى لو شاب هذا النقل للمعاناة قليل من التحيز الجندري».
وتلخّص أوغو في حوار حول مسيرتها لموقع «ميديا ساهل فور ومان»، فتقول: «حصلت على 16 جائزة صحافية وسنّي لم يتخط 37 عاماً، لكن وراء ذلك سبب بسيط هو أنني لم أكتب لأحصل على جوائز، كنت فقط أمارس هوايتي ومتعتي في نقل قصص النساء ومعاناتهن إلى المجتمع الواسع، حتى إجازاتي كنت أستغلها للحصول على معلومات لأكتبها في تقاريري لاحقاً».