في غزة.. الناجون من القصف يعانون العطش

«الحصول على نقطة مياه نظيفة للشرب، رحلة محفوفة بالمخاطر، وتستمر لساعات»، هكذا وصفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر معاناة سكان قطاع غزة في البحث عن المياه الصالحة للشرب، وتوفيرها لعائلاتهم وأطفالهم، جراء استمرار الحرب الإسرائيلية منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي.

ويقضي سكان القطاع المحاصر الذين قدر لهم النجاة من المروحيات الحربية والعمليات العسكرية المتواصلة جل وقتهم في البحث عن كميات مياه الشرب، والتي يوفرون القليل منها بشق الأنفس، بوسائل مختلفة تفتقر إلى سبل الوقاية من التلوث، نتيجة توقف محطات التحلية عن العمل، وكذلك تعرضها وخزانات مياه البنايات السكنية والمنشآت المدنية والخدمية لعمليات القصف المتواصلة في مناطق القطاع كافة.

كارثة بيئية

وطرق حصول السكان على قطرات المياه تعرض حياة أهالي غزة إلى خطر يضاف إلى خطر الموت من قبل قوات الاحتلال.

وقال علاء ناصر (45 عاماً) أحد النازحين داخل مدرسة تابعة لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مدينة النصيرات وسط قطاع غزة، جراء استمرار عمليات الاحتلال العسكرية، يصف عملية توفر مياه الشرب بأنها بالغة الصعوبة، ويبحثون عنها لساعات وأحياناً لأيام في مناطق شتى داخل مدن القطاع.

ويبين أن طرق تعبئة المياه تتم يدوياً عبر غالونات وأوعية بلاستيكية صغيرة، وليس عبر الخزانات كبيرة الحجم، كما تنقل هذه الكميات أيضاً يدوياً إلى حيث إقامة عائلته، وليس عبر خطوط وصنابير المياه المنزلية.

ويشير ناصر إلى أن مذاق المياه التي يحصل عليها بصعوبة بالغة بعد عمليات بحث طويلة يقترب إلى المالح، ليختلف تماماً عن تلك التي كانت تتوفر داخل منازلهم عبر محطات التحلية.

وأمام هذه الكارثة، تحذر منظمة «هيومن رايتس وواتش» من أن قطع القوات الإسرائيلية المياه ينذر بتفش وشيك للأمراض المعدية في قطاع غزة.

وتقول «هيومن رايتس وواتش» في بيان لها يوم الإثنين الماضي 20 نوفمبر، «إن نقص المياه النظيفة في قطاع غزة أدى إلى مخاوف جسيمة لدى خبراء الصحة العامة من تفش وشيك للأمراض المعدية، بما في ذلك الأمراض المنقولة بالمياه مثل (الكوليرا) و(التيفوئيد)».

وتفيد الأمم المتحدة وفقاً لبيان المنظمة الحقوقية الدولية، بأن أكثر من 96٪ من إمدادات المياه في غزة غير صالحة للاستهلاك البشري.

مشاهد مأساوية

يشهد قطاع غزة أزمة مأساوية في شح ماء الشرب، منذ بداية الحرب واسعة النطاق ضد غزة المحاصرة، والتي تتعمق مع مرور أيام تلك الحرب، جراء قطع وتدمير الاحتلال خطوط المياه الرئيسة المغذية لسكان غزة.

خميس المغربي (54 عاماً) النازح من مخيم الشاطئ للاجئين غرب مدينة غزة، الذي بات تحت قبضة قوات الاحتلال، وفقاً لإعلان الجيش الإسرائيلي إلى مدينة مخيم المغازي للاجئين وسط قطاع غزة.

يجول منذ الساعة الخامسة فجراً وأبناؤه مناطق مختلفة داخل مدينة غزة بحثاً عن غالون من مياه الشرب لأفراد عائلته المكونة من 28 فرداً، والتي نزحت من مكان إقامتها إلى أماكن عدة داخل منازل الأقارب ومراكز إيواء النازحين.

تنقضي الساعات ولا يتمكن من توفير القليل من المياه، جراء الشح الكبير لكميات المياه، والاكتظاظ الشديد لطوابير السكان، ليتكرر المشهد ذاته في اليوم التالي ليحظى بعد انتظام يدوم من ساعات الفجر حتى غروب الشمس بتعبئة غالون من المياه سعته 16 لتراً، تجبر عائلته على الاكتفاء به ليومين آخرين، لينجح مرة ثانية في العثور على كميات قليلة من أهم مقومات البقاء على قيد الحياة.

ويقول المغربي لـ«الإمارات اليوم» في حديث خاص، «أتنقل سيراً على الأقدام بين مناطق عدة طوال ساعات نهار اليوم الواحد، لتوفير مياه الشرب إما عبر عربات تجرها خيول، والتي تنقل المياه بطرق بدائية، أو من خلال صنابير مياه داخل مراكز الإيواء ومستشفى ناصر الطبي، والتي لا تلبي احتياجات آلاف السكان حيث يصطفون في طوابير طويلة للحصول على القليل من مياه الشرب».

• نقص المياه النظيفة في قطاع غزة أدى إلى مخاوف جسيمة لدى خبراء الصحة العامة من تفش وشيك للأمراض المعدية.

• ٪96 من إمدادات المياه في غزة غير صالحة للشرب والاستهلاك البشري.