خبيرة تستبعد أن تسفر الانتخابات المقبلة في الكونغو الديمقراطية عن تغيير حقيقي

من غير المرجح أن تسفر الانتخابات في جمهورية الكونغو الديمقراطية المقررة يوم 20 ديسمبر الجاري عن تغيير حقيقي من أجل التصدي لانعدام الأمن الهائل في شرق البلاد، وفضائح الفساد، والفقر المستمر. وفي ما يتعلق بسجل الرئيس الحالي، فيليكس تشيسكيدي، الذي ينافس به في الانتخابات والمنافسين الرئيسين له، قالت خبيرة الشؤون الإفريقية في مجلس العلاقات الخارجية الأميركي، ميشيل جافين، في تقرير نشره المجلس، إن الرئيس تشيسكيدي جاء إلى السلطة عبر الانتخابات التي أُجريت في عام 2018، بعد تأجيل لمدة طويلة، خلفاً لجوزيف كابيلا، الذي قاد جمهورية الكونغو الديمقراطية لمدة 18 عاماً. وفي بداية ولايته الرئاسية، حكم تشيسكيدي البلاد بدعم من الآلة السياسية الخاصة بكابيلا، إلا أنه كرّس الكثير من طاقته الأولية، لكسر شوكة سلفه، وكان ناجحاً إلى حد كبير في تقييد النفوذ الهائل لكابيلا، لكن بقية فترة رئاسته، كانت أكثر تبايناً؛ حيث إن انعدم الأمن مازال مستمراً في شرق الكونغو، مع مواصلة جماعات مسلحة متعددة التنافس للحصول على الأراضي والموارد، ما تسبب في نزوح كارثي للمدنيين، ولايزال الفساد وعدم المساءلة يستنزفان موارد الدولة.

وأشارت جافين إلى أن حملة إعادة انتخاب تشيسكيدي، تروج لمبادرته السياسية؛ لتوفير التعليم الأساسي المجاني للمواطنين الكونغوليين، إلا أن تنفيذه لهذا الجهد، كان معقداً، وغير منتظم. وقالت جافين، سفيرة الولايات المتحدة السابقة في بوتسوانا، إنه على الرغم من هذه التحديات، يفضل الخبراء فوز تشيسكيدي، ويرجعون ذلك جزئياً إلى حقيقة أن المعارضة لاتزال منقسمة؛ حيث يعتزم أكثر من 20 مرشحاً المشاركة في الانتخابات الرئاسية. ومن بين المرشحين البارزين مويس كاتومبي؛ وهو رجل أعمال وحاكم سابق لمقاطعة كاتانجا، ولديه متابعة سياسية كبيرة، ومارتن فايولو، الذي لديه ما يدعو إلى الاعتقاد؛ بسبب التزوير الموثق للانتخابات، أنه الفائز الحقيقي في انتخابات عام 2018، إضافة إلى الوجه الجديد في عالم السياسة، دينيس موكويجي؛ وهو طبيب نال جائزة نوبل للسلام عام 2018؛ تقديراً لجهوده في حماية ضحايا العنف الجنسي.

وفي ما يتعلق بمسألة هل ستكون الانتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية؛ قالت جافين، التي تتمتع بخبرة تزيد على 20 عاماً في الشؤون الدولية، وعملت من قبل مديرة إدارية لمركز إفريقيا، الذي يهدف إلى تعزيز تفهم إفريقيا المعاصرة، إن التزام إدارة تشيسكيدي بإجراء الانتخابات يوم 20 ديسمبر، هو أمر إيجابي؛ حيث توقع مشككون عدة تكرار أساليب التأخير التي استخدمها كابيلا، للبقاء في السلطة إلى ما بعد فترة ولايته، إلا أن ساحة التنافس في الفترة السابقة للانتخابات ليست متكافئة؛ نظراً لاستمرار العنف السياسي، والملاحقات القضائية ذات الدوافع السياسية. وكان أحدث تقييم لمنظمة فريدوم هاوس الأميركية المعنية بالدفاع عن حقوق الإنسان والحرية السياسية والديمقراطية، في ما يتعلق بالحقوق السياسية، قد أعطى الكونغو الديمقراطية أربع نقاط وحسب من إجمالي 40 نقطة. وقد أثار أنصار المعارضة مخاوف حقيقية بشأن نزاهة عملية تسجيل الناخبين.

ويوجد فريق تابع لمركز كارتر؛ وهو مركز أميركي، يمتلك سجلاً طويلاً في مراقبة الانتخابات، في الكونغو، ويعتزم الفريق مراقبة الانتخابات، كما أن الاتحاد الإفريقي يمتلك خططاً مماثلة، إلا أن الأمر المثير للقلق، هو أن الاتحاد الأوروبي أعلن في نهاية نوفمبر الماضي، أنه سيلغي بعثة المراقبة التابعة له؛ بسبب قضايا فنية وأمنية. وستكون بعثة المراقبة الأكثر أهمية على الأرض، هي البعثة المشتركة، التي ينظمها المؤتمر الوطني للأساقفة في الكونغو وكنيسة المسيح في الكونغو، وهما منظمتان (كاثوليكية وبروتستانتية) على الترتيب. ونظراً لانتشارهما الواسع على المستوى الوطني، وسجل النزاهة الذي تتمتعان به، يحظى المؤتمر الوطني للأساقفة في الكونغو وكنيسة المسيح في الكونغو، بمصداقية في الخارج والداخل. وستكون درجة تمتعهما بالحرية لنشر بعثة مراقبة شاملة ومنسقة بشكل جيد، والمهمة الموازية لجدولة الأصوات، مؤشراً مهماً يتعين متابعته.

وفي ما يتعلق بتأثير الصراعات المستمرة في جمهورية الكونغو الديمقراطية في الانتخابات، أشارت جافين إلى أن انعدام الأمن والنزوح، سيبعدان بلا شك عدداً كبيراً من مواطني الكونغو عن مراكز الاقتراع. وأشارت مجموعة الأزمات الدولية؛ وهي منظمة مستقلة تسعى إلى منع الحروب، إلى أن أكثر من مليون شخص لا يمتلكون بطاقات انتخابية؛ وذلك بسبب أعمال العنف، إضافة إلى ذلك، فإن أي تنازع على نتائج الانتخابات، سيؤدي إلى زيادة التوتر، ومن الممكن أن يصل الأمر إلى مزيد من الصراعات الأهلية. وفي ظل التاريخ الحديث من القمع العنيف، عندما قتلت قوات الأمن عشرات المحتجين في حادث واحد في أغسطس، على سبيل المثال، فإن هناك إمكانية كبيرة لاندلاع أعمال عنف.

ورأت جافين أنه من غير الواضح ما إذا كانت أي انتخابات ناجحة، يمكن أن تؤدي إلى تحقيق مكاسب أمنية، بغض النظر عن النتيجة. فقد انتقدت الحكومة الكونغولية، بعثة حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (مونوسكو)، والقوات التي نشرتها مجموعة شرق إفريقيا (اياك)؛ بسبب فشلهما في حماية المدنيين، وهزيمة حركة «إم 23»، ومتمردي القوات الديمقراطية المتحالفة في الشرق، ما دفع (مونوسكو) و(اياك) إلى تسريع جداول انسحابهما. وبينما تدرس مجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية (سادك) ما إذا كانت ستخوض في المستنقع قريباً، لا يوجد ما يشير إلى أن قوات (سادك)، تمتلك الصيغة السحرية، لحل المشكلات المعقدة في المنطقة، أو أن جمهورية الكونغو الديمقراطية، ستكون أكثر فاعلية في توفير الأمن للبلاد في ظل غياب الدعم الخارجي. إن علاج الأزمة القائمة منذ فترة طويلة في الشرق، سيتطلب دبلوماسية؛ للسيطرة على الجهات الخارجية، الراعية للجماعات المسلحة من خلال الدبلوماسية، وإصلاح قطاع الأمن، وتوسيع نطاق الحكم، ليشمل المناطق المهملة منذ فترة طويلة، وتقديم فرص عمل بديلة للمقاتلين، وتفكيك شبكة المصالح الاقتصادية، والجهات الفاعلة التي تؤجج القتال، ولا يمكن حل أي مشكلة من هذه المشكلات بشكل سريع.

وفي ما يتعلق بما الذي يمكن أن تعنيه الانتخابات لعلاقة جمهورية الكونغو الديمقراطية مع الجهات الفاعلة الدولية الأخرى، مثل الأمم المتحدة والدول المجاورة، قالت جافين: إن المشاعر الشعبية، والإحباط الحقيقي، يشيران إلى أن أي زعيم كونغولي سيستمر على الأرجح في الضغط من أجل انسحاب بعثة (مونوسكو)، وخلال حملاتهم الانتخابية، اقترح مرشحو المعارضة البارزون أنه من خلال زيادة رواتب قطاع الأمن، سيكون بإمكان قوات جمهورية الكونغو الديمقراطية، تحقيق السلام في المنطقة. وبالمثل، من المرجح أن يواصل أي مرشح منتصر، حث الدول الأخرى على تحميل رواندا المسؤولية عن دعم حركة «إم 23» المتمردة.

وأشارت جافين إلى أن مصداقية انتخابات جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأي أعمال عنف بعد الانتخابات، يمكن أن يجدا طريقهما إلى جدول أعمال دول عدة في المنطقة، إضافة إلى الاتحاد الإفريقي، لكن إذا كان الماضي بمنزلة مقدمة، فإن الاتحاد الإفريقي والمنظمات المعنية، مثل (اياك) و(سادك) سيعطون الأولوية للاستقرار قبل نزاهة الانتخابات.

واختتمت جافين تقريرها بالقول: إن الجهات الفاعلة الخارجية الأخرى، ومن بينها الولايات المتحدة والصين، ستواصل بالمثل الاهتمام بالاحتياطات المعدنية الكبيرة لجمهورية الكونغو الديمقراطية؛ وذلك خلال سعيها إلى التحول إلى اقتصاد أخضر، ولا يمكن للعالم أن يتحمل تجاهل الحاجة الملحة إلى حماية حوض الكونغو؛ أحد أهم أحواض الكربون على كوكب الأرض.

في ما يتعلق بمسألة هل ستكون الانتخابات حرة ونزيهة وذات مصداقية؛ قالت جافين: «إن التزام إدارة تشيسكيدي بإجراء الانتخابات يوم 20 ديسمبر هو أمر إيجابي».  

أشارت جافين إلى أن مصداقية انتخابات جمهورية الكونغو الديمقراطية، وأي أعمال عنف بعد الانتخابات، يمكن أن يجدا طريقهما إلى جدول أعمال دول عدة في المنطقة، إضافة إلى الاتحاد الإفريقي.

الأكثر مشاركة