زعيم حزب المحافظين البريطاني مطالب بمعالجة 4 من أعقد مشكلات البلاد
إن آمال حزب المحافظين في التغلب على حزب العمال معلقة على الاقتصاد، وخدمة الصحة الوطنية، والهجرة، واستعادة الناخبين السابقين. ويعتقد رئيس الوزراء البريطاني، ريشي سوناك، منذ فترة طويلة، أن هناك «طريقاً ضيقاً» لكي يفوز المحافظون في الانتخابات العامة، لكن هذا المسار أصبح أضيق، نظراً لرفض صناديق الاقتراع التزحزح، على الرغم من سلسلة من الإعلانات الكبيرة. ويُعتبر العام الجديد مسألة حياة أو موت بالنسبة لسوناك وحزب المحافظين. فهل يستطيع سوناك أن يحقق واحداً من أكبر التحولات السياسية في التاريخ، أم أنه وحزبه قد يصبحان في غياهب النسيان الانتخابي؟
الاقتصاد
تعتمد آمال سوناك في ما يتعلق بالاقتصاد جزئياً على هيئات خارجية خارجة عن سيطرته، الأولى هي بنك إنجلترا، الذي يحدد أسعار الفائدة. والثانية هي مكتب مسؤولية الميزانية، الذي يتنبأ بحجم التقدم الذي تتمتع به الحكومة، وما إذا كان هناك ما يكفي من المال لخفض الضرائب.
وحصل رئيس الوزراء على هدية مبكرة لعيد الميلاد عندما انخفض التضخم إلى 3.9% في نوفمبر من أعلى مستوياته البالغة 11.1% قبل عام. وحسب تقديرات 10 داوننغ ستريت، فإن التضخم سيستمر في الانخفاض بينما ترتفع الأجور، ما يترك الناس مع المزيد من الأموال في جيوبهم، ويشعرون بشكل عام بأن حالهم أفضل.
ويشعر الوزراء بالتفاؤل بأن فترة مستدامة من انخفاض التضخم ستكون كافية لتغيير موقف بنك إنجلترا، الذي حذر حتى الآن مراراً وتكراراً من أن بريطانيا تواجه فترة طويلة من أسعار الفائدة المرتفعة. وهناك آمال في الحي المالي في إمكانية تقديم تخفيضات أسعار الفائدة، التي كانت متوقعة في نهاية العام المقبل.
وفي غضون ذلك، سيواصل المحافظون مهاجمة حزب العمال بشأن تعهده باقتراض 28 مليار جنيه إسترليني لتمويل الاستثمار الأخضر، بحجة أن هذا سيجبر زعيم حزب العمال، السير كير ستارمر، على فرض الضرائب إذا فاز في الانتخابات العامة. ويأمل المحافظون أن يتمكنوا في عام 2024 من تحويل السرد الاقتصادي، ومعه التصورات العامة للحزب. وفي انتخابات سيكون فيها الاقتصاد ساحة المعركة المركزية، يعد هذا أمراً محورياً لـ«الطريق الضيق» الذي يسير فيه سوناك للبقاء في السلطة.
ويعتقد الناخبون أن ستارمر سيكون رئيس وزراء أفضل من سوناك بنسبة 31% إلى 19%، ويحتل زعيم حزب العمال مركزاً متقدماً كبيراً في كل المجالات، بما في ذلك الاقتصاد. وما يقرب من ثلث الناخبين (31%) يقولون إنهم يثقون بقدرة ستارمر على إدارة الاقتصاد، مقارنة بـ23% الذين يثقون بسوناك.
التحدي الذي يواجهه سوناك ذو شقين: أولاً هو أن بريطانيا لاتزال في قبضة أزمة كلفة المعيشة، وحتى لو تحسنت التوقعات الاقتصادية، فمن غير المرجح أن يشعر الناس بتحسن حالهم.
ووفقاً لمكتب مسؤولية الميزانية، عانت بريطانيا من أكبر انخفاض في مستويات المعيشة منذ بدء السجلات. وبينما ينخفض التضخم، لاتزال الأسعار ترتفع، ومعها يستمر الناس في المعاناة.
ثانياً، يحاول سوناك إعادة وضع نفسه في موقع خافض الضرائب، ولكن نظراً لسجله الخاص، فمن الصعب القيام بذلك، ولايزال العبء الضريبي في طريقه للارتفاع إلى أعلى مستوى منذ الخمسينات.
وسيحاول حزب العمال تأطير الانتخابات بسرد بسيط، مفاده أن الناس أصبحوا أسوأ حالاً في ظل حزب المحافظين. لقد حطم حزب المحافظين الاقتصاد، وترك البلاد في وضع أسوأ مع ارتفاع الرهون العقارية وارتفاع فواتير الطاقة وارتفاع الأسعار في المتاجر. وحقيقة أن بريطانيا على حافة الركود من الناحية الفنية بعد أرقام الناتج المحلي الإجمالي الأسوأ من المتوقع، فمن المرجح أن يعزز ذلك موقف حزب العمال.
للتغلب على هذا السرد، سيحتاج سوناك إلى إقناع الناخبين بأنه يمثل خروجاً عن حكومة المحافظين التي استمرت 14 عاماً، خصوصاً من أسلافه المباشرين، وأنه قادر على قيادة البلاد إلى أوقات أفضل.
هيئة الخدمات الصحية الوطنية
يهدد إضراب الأطباء المبتدئين غير المسبوق من الساعة السابعة صباحاً من يوم الأربعاء الثالث من يناير إلى الساعة السابعة صباحاً يوم الثلاثاء التاسع من الشهر نفسه، بتعطيل الخدمات الصحية الوطنية في أكثر الأوقات ازدحاماً في العام، ما يؤدي إلى المزيد من إلغاءات للمواعيد الطبية التي من المرجح أن تدفع قوائم الانتظار إلى مستوى قياسي آخر، لكن الوزراء يأملون أن يعود الأطباء المبتدئون إلى طاولة المفاوضات في يناير. السيناريو الأكثر تفاؤلاً بالنسبة لسوناك هو أن الأطباء المبتدئين المعزولين بشكل متزايد يدركون في نهاية المطاف أن عليهم الاستقرار والاستمرار في العمل.
وكما يشير سوناك، فخلافاً للتعطيل الذي تسببت فيه الإضرابات، حققت هيئة الخدمات الصحية الوطنية أخيراً مقادير قياسية من العلاج، يمكن أن تسمح لها بإحراز تقدم في قوائم الانتظار، وقد تتراجع الخطة الأصلية الخاصة بوصول قائمة الانتظار إلى ذروتها في شهر مارس، ولكن الأمل هو أنه بحلول الصيف سيتمكن الوزراء من القول إنهم حققوا أخيراً تقدماً جدياً في الأعمال المتراكمة.
وفي حين أن هناك فرصة ضئيلة لحدوث انخفاض كبير في قوائم الانتظار قبل الانتخابات، يأمل سوناك أن تؤدي علامات التقدم إلى تحييد هيئة الخدمات الصحية الوطنية باعتبارها قضية حملة، ما يسمح بتقديم حججه التكنوقراطية المفضلة حول إصلاح المشكلات العميقة وتداعيات الوباء.
وفي حين أن اللهجة الأكثر تهدئة لفيكتوريا أتكينز كوزيرة للصحة، إلى جانب استعداد سوناك المتأخر لتوفير الأموال، زادت من فرص التوصل إلى اتفاق مع الأطباء المبتدئين، فإن الكثير من الأطباء مصممون على الصمود على المدى الطويل.
مسألة الهجرة
لقد جعل سوناك مخططه الخاص بمسألة ترحيل المهاجرين إلى رواندا محورياً في رئاسته للوزراء. في نهاية المطاف، سيتم الحكم عليه بناء على شيء واحد، وهو ما إذا كان يستطيع ترحيل المهاجرين قبل الانتخابات العامة. ويعتقد رئيس الوزراء وفريقه أنه بمجرد أن تبدأ الرحلات الجوية في ترحيل المهاجرين إلى كيغالي، سيتوقف الناس في غضون أيام عن إنفاق آلاف الجنيهات لعبور القناة.
ولهذا السبب يخصص رئيس الوزراء الكثير من رأس المال السياسي وموارد وزارة الداخلية لجعل اتفاق رواندا، الذي تم التوصل إليه للمرة الأولى في أبريل 2022، حقيقة واقعة. وبعد حكم المحكمة العليا الذي قضى بأن مخطط رواندا غير قانوني في منتصف نوفمبر، أعلن سوناك عن خطته لمعالجة المخاوف القانونية واللوجستية في الوقت المناسب لبدء الرحلات الجوية في ترحيل المهاجرين في الربيع.
الناخبون المترددون
كشف أحدث استطلاع أجرته مؤسسة يوغوف لصحيفة التايمز أنه إذا تحول جميع الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم بعد إلى حزب المحافظين، فإن الحزب سيتقدم بنقطتين على حزب العمال. وفي حين أن هذا غير مرجح بالطبع، إلا أن أبحاث حزب المحافظين تشير إلى أنه في حين أن هؤلاء الناخبين سئموا من المحافظين، لكنهم غير مقتنعين بسردية حزب العمال ولهذا يمكن إقناعهم بـ «التمسك بالشيطان الذي يعرفونه». وتشير أحدث الأرقام الصادرة عن يوغوف إلى أن 8% فقط من هؤلاء الناخبين يعتقدون أن حزب العمال مؤهل ليكون في الحكومة.
لم يكن رئيس لجنة الانتخابات في حزب المحافظين، إسحاق ليفيدو، مخطئاً عندما أشار إلى أن عدد الناخبين الذين لم يحسموا أمرهم قبل هذه الانتخابات أكبر بكثير مما كان عليه قبل المنافسات السابقة، ولكن الإشارة إلى أن هؤلاء الناخبين من المرجح أن يعودوا في نهاية المطاف إلى حظيرة حزب المحافظين ربما يكون أمراً مبالغاً فيه في التفاؤل.
• يحاول سوناك إعادة وضع نفسه في موقع خافض الضرائب، ولكن نظراً لسجله الخاص، فمن الصعب القيام بذلك. ولايزال العبء الضريبي في طريقه للارتفاع إلى أعلى مستوى منذ الخمسينات.