تغطية الحروب عن بُعد
يكتسب كتاب «الغرافيك.. الصدمة والمعنى في حياتنا الأونلاين»، الذي أصدره الصحافيان أندريا لامبروز وأليكس كوينغ، أخيراً، أهمية نوعية للصحافيين العاملين عن بُعد ولجهة حمايتهم نفسياً، فالتغطية عن بعد أصبحت رافداً مهماً في المشهد الإعلامي اليوم في ظل المخاطر المحدقة التي أصبحت تحيط بحياة الصحافيين في الحروب، وفي ظل تزايد تساقط شهداء الصحافة في الميادين.
وعلى الرغم من الأمان النسبي الذي يتمتع به «صحافي التغطية عن بعد» مقارنة بزميله الذي يغطي من قلب الحدث، فإن هناك أنواعاً أخرى من الأخطار التي يتعرض لها الأول ليست بالهينة، منها الأخطار النفسية.
يُقر أحد الكاتبين وهو لامبروز في حوار له مع «رويترز إنستيتيوت» بأن فكرة الكتاب نشأت في دورة تعلقت بالتحقق من المستندات عبر استخدام المعلومات التي تتيحها المصادر المفتوحة، حيث لفت الجانب الحقوقي المشارك الأنظار الى أهمية الحفاظ على «الصحافيين العاملين عن بعد» على الصعيد النفسي والنفسي الاجتماعي والعاطفي، وصيانة حيواتهم من التأثر بالتغطيات الصحافية للحروب، وأن المؤلفين أدركا أهمية جمع هذه العناصر جنباً الى جنب مع عناصر الأمن الالكتروني والأمن البدني للصحافي، وصياغتها في مفهوم شامل.
ويكشف الكاتب أن الدورات تطورت إلى تقديم أسئلة الى الصحافيين المشاركين كمتدربين من نوع: كيف تشعر وأنت صحافي عن بعد تجاه هذه الصورة أو تلك القادمة من أتون الحرب؟ وكيف كانت درجة ابتهاجك قبلها وبعدها عبر ملاحظتك لنفسك؟ وما الأشياء التي يمكن أن تراعيها للحفاظ على صحتك الذهنية في ظل أجواء وطبيعة عملك؟
كذلك اشتمل التدريب الذي أوحى بالكتاب، إضافة الى الأسئلة النظرية، على ممارسة عملية تم فيها تعريض الصحافيين الدارسين لأخطار رقمية، عبر عرض صور من فظائع الحروب عليهم، وملاحظة تأثيرها عليهم. ويخلص الكاتب إلى أن هناك نوعين من الصدمات يمكن للصحافي الذي يغطي عن بعد تلقيهما: الأول عادي وصحي لا خوف منه ويعانيه كل الناس، أما الثاني فهو خطير وينتج عنه تأثير قوي وتغير طويل المدى في رؤية الصحافي للعالم، وتغير في نشاطه المعتاد، وربما يصل به التأثر إلى عدم الاستمرار في العمل الصحافي.
أما عن وسائل الحماية، فيرى الكتاب أنها تختلف حسب الشخص، ويورد مثالاً عن صحافية تغطي الحرب في غزة فتلجأ إلى الاستراحة كل فترة والانفصال عن الحدث وفعل ما يشبه الصراخ، ويشير الى آخرين يركزون على فترة ما بعد العمل، لكنه ينصح الصحافيين في كل الأحوال بعمل مجتمع ودود وحميمي يقويهم في مواجهة الصدمة. ويبقى السؤال هذا عن الصحافيين والحرب، لكن ماذا عن القارئ - المشاهد المتلقي؟