روسيا زادت من إنفاقها الدفاعي منذ الحرب في أوكرانيا   

انتقادات ترامب لحلف شمال الأطلسي تؤكد أسوأ مخاوف أوروبا

صورة

فاجأ الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب المسؤولين على جانبي المحيط الأطلسي خلال عطلة نهاية الأسبوع، عندما بدا كأنه يدعو روسيا لغزو أعضاء حلف الناتو الذين لا يفون بالتزاماتهم المتعلقة بالإنفاق الدفاعي. وتفاخر المرشح الجمهوري، الذي ينافس الرئيس الحالي جو بايدن، أمام حشد من أنصاره في ولاية كارولينا الجنوبية، بأنه عندما كان في منصبه أخبر عضواً في «الناتو»، لم يذكر اسمه، بأنه سيشجع «الكرملين» على أن «يفعلوا ما يريدون» تجاه دول الناتو «الجانحة».

ولطالما كان لدى ترامب تاريخ طويل في الإدلاء بتصريحات نارية بشأن التحالف العسكري، وكرئيس كان يهاجم بشكل روتيني الدول الأعضاء التي فشلت في تحقيق هدف الإنفاق الدفاعي الأدنى بنسبة 2%، وأخبر مساعديه في عدد من المناسبات بأنه يريد أن تنسحب الولايات المتحدة من الحلف.

وإلى حدٍّ ما اعتاد المسؤولون في أوروبا وواشنطن التصريحات التحريضية للرئيس السابق في التجمعات التي تهدف إلى إثارة حماس مؤيديه. وفي الواقع روى ترامب قصة مماثلة خلال محادثته مع أحد أعضاء «الناتو»، لم يُذكر اسمه، أثناء حوار جمعهما في حدث مؤسسة التراث في فلوريدا عام 2022. وقال رئيس تلك الدولة: «إذا لم ندفع فلن تحمينا من روسيا، وكان الاتحاد السوفييتي والآن روسيا». فأجاب ترامب: «هذا بالضبط ما أقصده»، ولكن حتى وفقاً لهذه المعايير، فإن تصريح ترامب الإضافي بأنه لن يرفض فقط حماية دولة زميلة في «الناتو» ضد روسيا، ولكنه سيشجع روسيا على مهاجمة زملائها الأعضاء في التحالف، أثار قلق القادة على جانبي المحيط الأطلسي وجلب توبيخاً حاداً. وقال نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق لشؤون أوروبا وحلف شمال الأطلسي، جيم تاونسند: «هذا يتحدث بطريقة متعجرفة عن إلقاء حليف للذئاب».

تعليقات خطيرة

ووصف بايدن التعليقات بأنها «مروعة وخطيرة»، وتشير إلى شخص يعد بالحكم كديكتاتور. وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، إن لغة ترامب «تقوض أمننا». وقال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل، إن التصريحات «تخدم فقط مصلحة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين».

وأخذ البعض الأمر إلى أبعد من ذلك، فقال تييري بريتون رئيس الأسواق الداخلية في الاتحاد الأوروبي: «الديمقراطية الأميركية مريضة». من جهته قال النائب الأميريكي البارز آدم شيف: «سيكون ذلك كافياً لإصابة الرئيس الأميركي السابق رونالد ريغان بالمرض»، مشيراً لجهود ريغان في تعزيز ردع الحلف الأطلسي.

وبينما تظهر استطلاعات الرأي تنافساً متقارباً بين ترامب وبايدن، يبحث المسؤولون الأوروبيون بهدوء عن طرق لعزل القارة في حالة فوز ترامب برئاسة ثانية. ومنذ بداية الحرب في أوكرانيا حذر المسؤولون الأوروبيون بشكل روتيني من أنه إذا نجحت روسيا في أوكرانيا فإن ذلك سيشجع الرئيس الروسي على وضع دول أخرى في أوروبا نصب عينيه.

وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان السويدي آرون إميلسون: «إذا لم نتمكن بالتعاون مع الولايات المتحدة من إيقاف روسيا في أوكرانيا فستكون مسألة وقت عندما تكون الحرب ضد حلف شمال الأطلسي بشكل عام، وستكون الكلفة أعلى بكثير». وفي غضون ذلك دعا كبار المسؤولين العسكريين في السويد والمملكة المتحدة مواطنيهم إلى الاستعداد لحرب محتملة مع روسيا.

ولدى ترامب تقارب طويل الأمد مع بوتين. وفي قمة عقدت في هلسنكي بفنلندا عام 2018، انحاز إلى جانب الزعيم الروسي بشأن اتهام موسكو بمحاولة التدخل في الانتخابات الرئاسية الأميركية عام 2016.

وخلال حملته الرئاسية عام 2016 دعا ترامب روسيا إلى العثور على آلاف رسائل البريد الإلكتروني المفقودة من الخادم الشخصي لمنافسته هيلاري كلينتون. وقال ترامب في مؤتمر صحافي: «روسيا، إذا كنت تستمعين، آمل أن تتمكني من العثور على 30 ألف رسالة بريد إلكتروني مفقودة». وفي وقت لاحق من ذلك اليوم استهدف عملاء الاستخبارات الروسية بريد هيلاري كلينتون وعشرات حسابات البريد الإلكتروني المرتبطة بالحملة، وفقاً للائحة اتهام لـ12 ضابطاً بالمخابرات الروسية المتورطين في جهود القرصنة.

دعوة للتحرك

وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية بالبرلمان الليتواني زيجيمانتاس بافيلونيس، متحدثاً عن تعليقات ترامب بشأن «الناتو» خلال عطلة نهاية الأسبوع: «في بعض الأحيان يفسر البعض مثل هذه التصريحات على أنها دعوة للتحرك».

لم يكن ترامب أول رئيس أميركي يحث الحلفاء على تحقيق أهداف الإنفاق الخاصة بالحلف. وقالت الزميلة في جامعة هارفارد راشيل ريزو، إن الرئيسين السابقين باراك أوباما وجورج دبليو بوش ضغطا على الدول الأعضاء لتعزيز إنفاقها الدفاعي، وهو الإحباط الذي شاركته الدول الواقعة على الجانب الشرقي للحلف، والتي شعرت منذ فترة طويلة بأنها تتحمل قدراً غير متناسب من المسؤولية.

وأضافت ريزو: «ليس سراً أن الأوروبيين بحاجة إلى أن يأخذوا أمنهم على محمل الجد»، متابعة: «الدول الأوروبية زادت الإنفاق الدفاعي على مدى العقد الماضي، مدفوعة بضم روسيا لشبه جزيرة القرم والمحور الاستراتيجي لواشنطن للتركيز على منطقة المحيطين الهندي والهادئ».

إن حلف الناتو اليوم مختلف تماماً عما كان عليه عندما غادر ترامب البيت الأبيض، وقد دفعت الحرب في روسيا العديد من الأعضاء إلى إعادة النظر في إنفاقها الدفاعي واستعدادها العسكري، وارتفع الإنفاق الدفاعي وكذلك الاستثمارات في تصنيع الأسلحة ومشترياتها.

ومع ذلك يرى الخبراء أن تصريحات الرئيس السابق من الممكن أن تُحدث ضرراً كبيراً وتقوض مكانة التحالف العسكري الذي يعتمد على موافقة الأعضاء بالإجماع على اتخاذ أي قرار مهم تقريباً.

وقالت ريزو: «لفترة طويلة كان الناس قلقين بشأن آليات انسحاب الولايات المتحدة من الناتو، لكن هذا في الواقع ليس الشيء الأكثر أهمية». وأردفت: «الشيء الأكثر أهمية هو كيف يمكن للولايات المتحدة أن تتصرف كحليف داخل الناتو، وكيف يمكن أن تقوضه من داخله».

• ضغط الرئيسان السابقان باراك أوباما وجورج دبليو بوش على الدول الأعضاء لتعزيز إنفاقها الدفاعي.

• لدى ترامب تاريخ طويل في الإدلاء بتصريحات نارية بشأن التحالف العسكري.

تويتر