معلمة فرنسية تُخلّص طلابها من إدمان الهواتف الذكية

ابتكر معلمون في إحدى المدارس الفرنسية، خطة ذكية لتخليص طلابهم من قضاء وقت أطول أمام شاشات هواتفهم الذكية، وتتمثل هذه الخطة في إجبار مثل هؤلاء الطلبة على ممارسة الرياضة كعقوبة، ويرحب العديد من المراهقين بهذه الخطة المتشددة، للتخلص من إدمانهم.

عندما تم توجيه سؤال إلى المعلمة إروان شابيليير عن الوقت الذي يقضيه التلاميذ الذين هم في عمر 11 عاماً على هواتفهم المحمولة في مدرستها الواقعة في ضواحي باريس، كانت الإجابة مخيبة للآمال: «بمعدل سبع ساعات و22 دقيقة يومياً».

ومنذ استئناف الدراسة بعد الإغلاق الذي فرضه فيروس «كورونا»، لاحظت شابيليير، (31 عاماً)، التي تُدرّس التربية البدنية، أن تلاميذها أصبحوا أثقل وزناً وأقل لياقة، ويكافحون من أجل التركيز. وكانت تعلم أن السبب الرئيس يتمثّل في قضاء طلابها وقتاً طويلاً أمام هواتفهم النقالة. وعندما سألت أحد الطلاب في سبتمبر، اعترف بقضاء 19 ساعة من أصل 24 ساعة على هاتفه. وتقول: «هذا الطالب متطرف في سلوكه، لكن نصف الطلاب تقريباً يقضون بين 12 و18 ساعة يومياً».

وبدلاً من توبيخهم، قررت هي وزميلتها سيسيل جوتيير، معالجة ذلك بطريقة مختلفة، في صباح كل يوم إثنين، تطلبان من التلاميذ تسليم هواتفهم حتى تتمكنا من تسجيل عدد الساعات التي قضاها كل طالب خلال الأسبوع السابق أمام هاتفه، ويتم تسجيل ذلك في جدول بيانات «إكسل» خاص بكل طالب.

التلاميذ الذين يقضون ما يصل إلى أربع ساعات يومياً على هواتفهم المحمولة، هم في مأمن من العقاب، أما الذين استمروا لفترة أطول، فسيتم احتجازهم لمدة ساعة، حيث يتعين عليهم ممارسة الرياضة أو واجباتهم المدرسية. وبالنسبة لأولئك الذين ظلوا ملتصقين بالشاشة لأكثر من ست ساعات يومياً، تصل مدة الاحتجاز إلى ساعتين أسبوعياً، أما الذين يقضون أكثر من ثماني ساعات في اليوم، يتم احتجازهم لممارسة الرياضة ثلاث ساعات.

وتأتي تجربة المعلمتين في وقت يحاول فيه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مثله مثل رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، إيجاد طرق لتقليل الوقت الذي يقضيه الأطفال أمام الهواتف الذكية أو حتى منعهم من استخدامها على الإطلاق.

الأسبوع الماضي، توصل خبراء بتكليف من ماكرون إلى مقترحات، تضمنت فرض حظر على الأطفال دون سن الثالثة بمنعهم من استخدام أي هاتف من أي نوع حتى سن 11 عاماً، وعدم استخدام أي هاتف ذكي حتى يبلغ الطفل 13 عاماً، مع إمكانية محدودة فقط لوصوله إلى شبكات التواصل الاجتماعي حتى سن 15 عاماً.

ويبدو أن طريقة شابيليير وزميلتها ناجحة تماماً. ووفقاً لسجلاتهما، انخفض متوسط الاستخدام اليومي للهاتف إلى خمس ساعات و58 دقيقة، بعد فصل دراسي واحد، وإلى أربع ساعات و58 دقيقة في نهاية الفصل الثاني. وقالتا إن «هذا يعني خصم ساعتين ونصف الساعة في ستة أشهر من الوقت الذي يقضيه التلميذ أمام هاتفه الذكي».

ومع ذلك، لايزال الاستخدام يختلف على نطاق واسع، فالطفل الأكثر امتناعاً عن استخدام الهاتف يستخدمه لمدة ثلاث ساعات فقط في اليوم، ولكن الطفل الأكثر إدماناً تصل مدة استخدامه إلى ست ساعات و43 دقيقة. يعود وقت الشاشة أيضاً إلى الوراء خلال العطلات المدرسية.

وعلى الرغم من بعض الاحتجاجات الأولية، فإن التلاميذ، الذين تراوح أعمارهم بين 15 و16 عاماً، قبلوا بهذه القواعد، في حين دعمها آباؤهم إلى حد كبير، واقترنت هذه الخطة بمحادثات أجرتها المدرسة مع الخبراء، حيث أظهر طبيب أعصاب آثار الاستخدام الزائد للهاتف الذكي على نمو الدماغ.

وعلى الرغم من أن بعض التلاميذ لم يقبلوا بهذه الخطة، فإن معظمهم على استعداد لقبول هذه التمارين العلاجية. ويقول أحد الصبية للتلفزيون الفرنسي: «إنه مثل الإدمان». ويقول أحد التلاميذ «الهاتف يجعلك تؤجل الأمور، حيث إنك تفكر دائماً في تأجيل واجبك المنزلي». وتُعدُّ منصة التواصل الاجتماعي لمشاركة مقاطع الفيديو (تيك توك) مسببة للإدمان بشكل خاص، فقد وصف طفل الإقلاع عن مشاهدة «تيك توك» بالإقلاع عن التدخين.

• منذ استئناف الدراسة بعد «كورونا»، لاحظت شابيليير، التي تُدرّس التربية البدنية، أن تلاميذها يكافحون من أجل التركيز.

الأكثر مشاركة