البطريق الإفريقي مهدد بالانقراض بسبب نقص الغذاء وأزمة المناخ
إنها الساعة الثالثة و40 دقيقة من بعد ظهر يوم الخميس، حيث عادت البطريق الأنثى التي تحمل الرقم (999.000000007425712) إلى مستوطنة «ستوني بوينت» للبطريق في خليج بيتي، في جنوب إفريقيا، بعد يوم كامل من البحث عن الغذاء. وكانت تنزلق بسهولة خلال المياه الزرقاء، قبل أن تصعد إلى الصخور نحو العش، حيث يمكث شريكها الذي يحضن بيضتين رماديتي اللون. وقادها سياج بدائي بارتفاع ركبة الإنسان نحو جسر عبارة عن ميزان متطور للغاية لقياس وزنها. وعندما غادرت العش في السابعة السادسة و45 دقيقة صباح اليوم التالي، كان وزنها 2.7 كيلوغرام، ولكنها الآن، وبعد الصيد وجمع الغذاء ليوم كامل، ازداد وزنها 285 غراماً. وتقول مديرة مشروع يهتم بطيور البحر لصالح منظمة «بيرد لايف» أو حياة الطيور، في جنوب إفريقيا: «في السنة الجيدة تعود هذه الطيور ومعدتها منتفخة»، وتستطيع طيور البطريق زيادة وزنها بمقدار الثلث خلال يوم واحد من الصيد والبحث عن الطعام، «ولكن لم يعد هناك الكثير من السمك كما في السابق».
تبادل الأدوار
وغداً ستتبادل البطريق الأنثى (999.000000007425712) الأدوار مع شريكها، حيث ستبقى في العش، ويذهب هو بحثاً عن الطعام. وإذا سارت الأمور على ما يرام، فهما يستطيعان العناية بمجموعتين، كل منها بيضتان هذا الموسم، ولكن بالمعدل الحالي عليهما مغادرة هذا العش، والتخلي عن التكاثر لهذا العام.
وانخفض عدد طيور البطريق الإفريقي بأكثر من 99% خلال 120 عاماً. ومن خلال هذا المعدل من التناقص، البالغ 7.9% سنوياً، ستنقرض هذه البطاريق الإفريقية في الحياة البرية بحلول عام 2035.
ولن يشكل ذلك مجرد كارثة بيئية، لأن البطاريق تمثل مؤشراً إلى النظام البيئي برمته، ولكنها ستكون مسألة مدمرة بالنسبة لصناعة السياحة في جنوب إفريقيا. وأظهرت دراسة على هذه المستوطنة للبطاريق في ساحل «بولدرز بيتش» في مدينة كيب تاون، أنها تسهم بمبلغ 311 مليون راند (31 مليون جنيه إسترليني) سنوياً للاقتصاد المحلي.
وبناءً عليه، ولوقف التدحرج نحو انقراض هذه البطاريق، قامت منظمتان غير حكوميتين، هما «بيرد لايف ساوث أفريكا» و«ساوث أفريكا فاونديشن فور كونسريشن أوف كوستال بيردز» بمقاضاة وزيرة الحراج والثروة السمكية والبيئة باربرا كريسي، مدعيتين أنها فشلت في تنفيذ أي «إغلاق بيولوجي ذي معنى» لصيد الأسماك حول ست مستوطنات للبطريق تعتبر موطناً لـ76% من إجمالي تعداد البطاريق الإفريقية في العالم. وجاءت هذه المقاضاة بعد رفض الوزيرة الانصياع لبعض التوصيات التي قدمتها لجنة المراجعة الدولية، والتي تم تعيينها من قبل الوزيرة.
ويقول رئيس برنامج الحفاظ على الطيور البحرية في منظمة «بيرد لايف ساوث أفريكا»، ومؤلف الإفادة الأساسية في أوراق المحكمة أليستار ماكلنيز، إن الحظر على صيد الأسماك التي أوصت به اللجنة ينطبق على سفن الصيد التجارية فقط، التي تستخدم شباك صيد ذات فتحات صغيرة، تستهدف سمكات السطح الصغيرة، وهي مثل السردين، والسنمور، وهي من الأنواع الصغيرة. وتعتبر طيور البطريق الإفريقي متخصصة في أغذيتها، فهي تتغذى على هذه الأنواع من الأسماك، كما أن كميات السردين والسنمور منخفضة دائماً. وليس البطريق هو من يستفيد من الإغلاق، وإنما طائر آخر قاتم اللون، يعيش على الأسماك الصغيرة. ورحّب صغار الصيادين بمقترح الإغلاق، بالنظر إلى أن العديد من الأنواع التي يصيدونها تتغذى بسمك السردين، والسنمور.
أسباب انخفاض تعداد البطريق
وأصدرت لجنة الخبراء التي عينتها الوزيرة كريسي تقريراً في يوليو عام 2023، ينص على أن تنفيذ إغلاق على صيد السمك حول مستوطنات البطريق «من شأنه أن يقدم فائدة للحفاظ على طيور البطريق»، وعلى الرغم من أن الوزيرة عملت ببعض توصيات التقرير، إلا أنها حافظت على حالات الإغلاق الموجودة أصلاً، والتي تمثل إغلاقاً محدوداً.
وفي الواقع، فإن الصيد ليس السبب الوحيد الذي يؤدي إلى انخفاض أعداد البطريق، وقال ماكلنيز: «ربما يكون البطريق الإفريقي هو الطائر البحري الذي خضع لأكثر الدراسات في إفريقيا. وتم إنجاز الكثير من الأبحاث حول مختلف التهديدات لبقائه».
وتتضمن هذه التهديدات أزمة المناخ «إذ إن الحرارة المفرطة في ارتفاعها، والأمطار الغزيرة، يمكن أن تنطوي على نتائج كارثية خلال موسم التكاثر»، وهناك أيضاً الحيوانات البرية المفترسة، ومنها الفهود، والقط البري المعروف باسم الكاراكال، والغرير العسلي، جميعها تهاجم مستوطنات البطريق، إضافة إلى التهديد المحلي، مثل التلوث من نقل الوقود من سفينة إلى أخرى.
ولكن الحقيقة الثابتة أن توافر الفريسة عامل مهم لتحديد إمكانية بقاء أي نوع من الأنواع المفترسة، وفق ما يقوله ماكلنيز، ناهيك عن قدرته على الكاثر. ولهذا ربما يكون من المفيد أن نقول إن مستعمرة البطريق الوحيدة في جنوب إفريقيا ذات التعداد السكاني المستقر نسبياً هي مستوطنة «بولدرز»، الواقعة بالقرب من كيب تاون، إذ إنها تقع في منطقة تم حظر صيد الأسماك فيها بالشباك ذات الفتحات الصغيرة، منذ عقود من الزمن. ويقول ماكلنيز الذي يجري الأبحاث عن البطريق الإفريقي منذ عقد من الزمن: «لم ألتق مع عالم متخصص في حياة البطريق لا يعتقد أن حظر الصيد في مناطق البطريق هو جزء من الحل لأزمة تناقص أعداد هذا الطائر الذي أخشى أن نفقده قريباً».
• انقراض البطريق لن يشكل مجرد كارثة بيئية، حيث إن البطاريق تمثل مؤشراً إلى النظام البيئي برمته، ولكنها ستكون مسألة مدمرة بالنسبة لصناعة السياحة في جنوب إفريقيا.
• توفر الفريسة عاملاً مهماً لتحديد إمكانية بقاء أي نوع من الأنواع المفترسة.