المرصد

«كومباكت»

تعيد مجلة «كومباكت» المعبرة عن اليمين المتشدد في ألمانيا، ومعركتها الجارية اليوم، فتح النقاش الذي لا تنتهي آفاقه أبداً، عن «حرية التعبير وحدودها»، وما إذا كانت هذه الحدود تعني فتح الباب أمام آراء عنصرية تقوض أسس هذا المجتمع، بما فيها التسامح وحرية التعبير وقبول الآخر، ومدى وحدود وأدوات التصدي، بحسب ما تنقل متابعات إعلامية.

ففي الـ16 من يوليو الماضي، أصدرت وزارة الداخلية قراراً صارماً بحظر مجلة «كومباكت» و«شركة كونسيت فيلم»، باعتبارها مجلة تناصر التطرف اليميني، وتثير القلاقل، وقالت الوزارة، في بيانها، إن «الشرطة قامت منذ الساعات الأولى من صباح أمس في مداهمة مباني المجلة، ومنازل الأطراف الفاعلة الرئيسة فيها، والإدارة، والمساهمين، في ولايات براند يورغ، وهيس، وساكسونيا، وساكسونيا انهاليت، لمصادرة الأصول والأدلة».

وفسرت الداخلية الألمانية حملتها الشرسة على المجلة بأن «كومباكت» هي الناطقة باسم المشهد اليميني المتطرف، الذي تشهده البلاد، وأن «المجلة تحرض على الديمقراطية البرلمانية الألمانية بشكل لا يوصف، وأننا، كسلطات ألمانية، نتخذ إجراءات ضد مشعلي الحرائق الفكرية الذين يؤججون مناخ الكراهية والعنف ضد اللاجئين والمهاجرين، ويريدون هزيمة دولتنا الديمقراطية»، بحسب «دويتشه فيله» وصحف ألمانية.

وكان المكتب الاتحادي لحماية الدستور في ألمانيا قد وصف «كومباكت» في 2021 بأنها «يمينية متطرفة تجلب مواقف مناهضة للديمقراطية في المجتمع».

وتأتي خطوة مصادرة المجلة مع تصاعد نفوذها الإعلامي في الشارع الألماني، وهو أمر لا يمكن النظر إليه محصوراً في توزيعها الذي لا يتخطى الـ40 ألف نسخة، حيث إن النسخ الورقية وحدها لم تعد مؤشراً إلى الانتشار، وإنما في ظل ما سجلته «تنسيقيات الأفلام الوثائقية الفردية» الألمانية، بأن متابعات موقع المجلة تخطت المليون مشاهدة، بحسب المركز الأوروبي لدراسات مكافحة الإرهاب، كما يجب النظر إليها في ظل تصاعد اليمين المتطرف الذي أصبح الأشخاص الذين يتبنون أفكاره عام 2021، يمثلون واحداً من كل 12 شخصاً، بحسب المكتب الاتحادي السابق الإشارة إليه، والذي حذّر في أغسطس 2024 من «خروج هذا اليمين من السيطرة»، بحسب بيان له.

وعلى الرغم من أن معارضي وجود «كومباكت» يملكون براهين من وجهة نظرهم على شططها اليميني، منذ أسسها «يورغن» السياسي الذي عرف بمعارضته الشديدة لتوحيد ألمانيا، ومنها دعوة المجلة علناً إلى «التمرد»، وارتباطاتها بالعاطفين على «النازيين الجدد»، ودعم ساسة من حزب «البديل الألماني» المحسوب على اليمين المتشدد يعرفون بقربهم من روسيا والصين، مثل ماكسميليان كراه الذي اعتقل بتهمة التجسس للصين، فإن القانون في ألمانيا سمح لها بالطعن في إجراء مصادرتها ووقفه مؤقتاً، تاركاً الحسم لتجاذب قانوني وسياسي وفكري واسع قد تشهده ألمانيا أو لا تشهده، في القريب العاجل.

 

تويتر