تفرض انتخاب كل قاضٍ في البلاد
الرئيس المكسيكي يثير جدلاً قبل انتهاء ولايته بـ «خطة إصلاح قضائي»
أثار الرئيس المكسيكي أندريس مانويل لوبيس أوبرادور، الذي حقق نجاحات كبيرة خلال فترة رئاسته، الجدل أخيراً، وذلك قبل ثلاثة أسابيع من انتهاء فترة ولايته، فقد تمكن الرئيس اليساري من خفض معدلات الفقر ورفع الحد الأدنى للأجور بواقع ثلاثة أضعاف، وبلغت نسبة شعبيته 73%، وهي نسبة لم يحظَ بها أي رئيس اقتربت ولايته من الانتهاء من قبل. ومن المقرر أن تخلفه في أكتوبر المقبل إحدى أتباعه التي تعهدت بالاستمرار في تبني سياساته. ويسيطر حزب حركة التجديد الوطنية «مورينا» الذي أسسه أوبرادور رسمياً منذ عقد على غرفتي الكونغرس حالياً، وأغلبية الولايات الـ32 في البلاد.
وذكرت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» أنه بدلاً من الاستمتاع بنجاحاته، اختار لوبيز أوبرادور معركة جديدة ليخوضها، فقد أوقع المكسيك في أزمة من خلال الدفع بإصلاح دستوري مثير للجدل من شأنه تغيير النظام القضائي في البلاد جذرياً، وذلك من خلال فرض انتخاب كل قاضٍ في البلاد، بما في ذلك أعضاء المحكمة العليا.
وقوبلت خطة لوبيز أوبرادور بانتقادات من جانب مجتمع الأعمال وكبار الشركاء التجاريين في المكسيك والخبراء القانونيين، من بينهم الآلاف من القضاة والعاملين في المحاكم الذين أضربوا عن العمل لأسابيع احتجاجاً على الإصلاح القضائي. وانخفضت قيمة العملة المحلية «بيزو» لأدنى مستوى أمام الدولار منذ نحو عامين، وخرج المتظاهرون للشوارع، قائلين إن هذه الخطة من شأنها القضاء على القيود والتوازنات الديمقراطية المهمة وتسهيل الفساد وملء المحاكم بقضاة موالين للحزب الحاكم.
وقد صوّت مجلس النواب لصالح مقترح الرئيس، الأمر الذي مهد الطريق أمام التصويت عليه أمام مجلس الشيوخ هذا الأسبوع، ما دفع النواب للاجتماع داخل استاد رياضي بسبب إغلاق المتظاهرين الغاضبين للأبواب المؤدية للكونغرس. وبالنسبة لمنتقدي الرئيس المكسيكي منذ وقت طويل، يعد مقترح الإصلاح القضائي دليلاً جديداً على ازدراء لوبيز أوبرادور للمؤسسات الديمقراطية ورغبته في ترسيخ سلطته.
ولكن بعض أنصار لوبيز أوبرادور أعربوا أيضاً عن قلقهم إزاء المقترح، حيث حذروا من أنه يمكن أن يعرّض للخطر إرثه كنصير للفقراء، إذ نجح في الحدّ من عدم المساواة في الدخل، وتواصل مع أفراد الطبقة العاملة.
وتساءل البعض حول سبب استخدام لوبيز أوبرادور أيامه الأخيرة في الرئاسة للدفع بإجراء يثير الانقسام، ما سيحيط خليفته كلوديا شينباوم بتحديات سياسية واقتصادية لم تكن موجودة عندما حققت فوزاً كبيراً في الانتخابات قبل ثلاثة أشهر.
ويقول أستاذ العلاقات الدولية بمركز البحث والتدريس في الاقتصاد، كارلوس بيريز ريكارت، إن «الرئيس يقيد دخول الرئيسة مع الحكومة الجديدة التي ستبدأ فترة ولايتها معها بمشكلة سياسية خطيرة». وفي حال تم إقرار الإصلاح فإن شينباوم ستمضي أول أشهر حاسمة لها في الرئاسة في تطبيق تغييرات جذرية على نظام القضاء بما في ذلك تنظيم انتخابات في أنحاء البلاد واتخاذ إجراءات للحد من تأثيرات الإصلاح على المستثمرين المذعورين.
وأشاد بيريز بسياسات لوبيز أوبرادور الأخرى، لكنه وصف مقترح الرئيس للإصلاح القضائي بأنه «نوبة حماقة»، وقارنه بقادة آخرين يحظون بشهرة عالمياً «دمروا مشاريعهم السياسية» من خلال تجاوز حدود سلطاتهم.
يذكر أن لوبيز أوبرادور الذي ترشح للرئاسة وخسر مرتين قبل انتخابه خلال عام 2018 غيّر المشهد السياسي المكسيكي بالكامل خلال فترة رئاسته التي استمرت ستة أعوام، حيث حول حركة اجتماعية يسارية ذات قاعدة شعبية إلى الحزب السياسي المهيمن في البلاد. وتجدر الإشارة إلى أن الدستور يحظر ترشح لوبيز أوبرادور للرئاسة لفترة ثانية. وبناءً على تعهده بالقضاء على الفساد المستشري في البلاد «ومنح الأولوية للفقراء»، خفض لوبيز أوبرادور التمويل المخصص لمعظم الوكالات الحكومية، كما أنشأ نظاماً موسعاً للرعاية الاجتماعية لكبار السن والشباب.
كما منح القوات المسلحة السيطرة على عدد من الأعمال المدنية من بناء المطارات وخطوط القطارات إلى تشغيل الموانئ، كما أعاق عمل المؤسسات الحكومية المستقلة، وتشمل المعهد الوطني للشفافية والوصول للمعلومات وحماية البيانات الشخصية، ما يضمن وصول المواطنين للمعلومات. ورفضت المحاكم بعض جهوده لتوسيع السلطة التنفيذية، مثل مقترح إعادة تشكيل مؤسسة الانتخابات بصورة جذرية.
وانتقد لوبيز أوبرادور بشده قضاة البلاد، حيث يقول إنهم فاسدون ويخدمون مصالح «مافيا السلطة» للنخب الاقتصادية التي يقول إنها تسيطر على المكسيك، وقد اقترح مطلع العام عزل جميع القضاة، وتعيين القضاة في المستقبل من خلال التصويت الشعبي.
يشار إلى أنه في البداية لم يحظ لوبيز أوبرادور بالدعم لتمرير التعديل الدستوري الذي يتطلب موافقة أغلبية تقدر بالثلثين في غرفتي الكونغرس وموافقة ما لا يقل عن نصف المجالس التشريعية في الولايات، وبعد ذلك حقق حزب مورينا فوزاً كاسحاً في الانتخابات التي أجريت في يونيو الماضي، حيث فاز بأغلبية كبيرة في مجلس النواب، واقترب من الفوز بالأغلبية في مجلس الشيوخ، ما جعل التعديلات الدستورية فجأة قريبة من التحقق.
• قوبلت خطة لوبيز أوبرادور بانتقادات من جانب مجتمع الأعمال وكبار الشركاء التجاريين في المكسيك والخبراء القانونيين، من بينهم الآلاف من القضاة والعاملين في المحاكم الذين أضربوا عن العمل لأسابيع احتجاجاً على الإصلاح القضائي.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news