خبراء: القمة الخليجية في الكويت "فرصة ذهبية" لتعزيز التكامل الاقتصادي

 تتجه الأنظار إلى تعزيز آفاق التعاون الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي بالتزامن مع انعقاد القمة الخليجية في دولة الكويت، حيث أكد خبراء خليجيون، على أن هذه القمة تعد فرصة لتعزيز التكامل الاقتصادي ودعم الجهود المشتركة في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية، كما ستشكل فرصة لتعميق التعاون الاقتصادي في عدة مجالات حيوية، بما في ذلك التجارة، والطاقة، والاستثمار، والتكنولوجيا، والصناعات المستقبلية، وكذلك تكامل الأسواق.
وتنطلق القمة الخليجية الـ45 في الكويت يوم غد الأحد (الموافق الأول من ديسمبر )، بحضور قادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية الذي يضم، إلى جانب الكويت، السعودية وسلطنة عمان ودولة الإمارات العربية المتحدة ودولة قطر ومملكة البحرين وذلك لمناقشة عدة موضوعات أبرزها العسكرية والأمنية والاقتصادية وغيرها.

وحدة اقتصادية
وقالت ناعمة عبدالله الشرهان، عضو المجلس الوطني الاتحادي الإماراتي، إن القمة الخليجية تجسد رؤية قادة دول مجلس التعاون في تحقيق وحدة اقتصادية وسياسية وأمنية شاملة، مما يعزز مكانة الخليج العربي ككتلة متماسكة ومؤثرة في الساحة الدولية. وأضافت أن القمة تأتي في وقت تشهد فيه المنطقة تحديات إقليمية ودولية كبيرة، بما في ذلك الأزمات الإنسانية في غزة، والحروب الإقليمية، وتأثيرات هذه الصراعات على الاقتصاد العالمي. وبالتالي، تمثل القمة فرصة لتوحيد الجهود الخليجية وتعزيز التعاون لمواجهة هذه التحديات بشكل جماعي، بما يسهم في استقرار المنطقة وازدهار شعوبها.
كما أشارت الشرهان، إلى أن القمة توفر فرصة لمناقشة التحديات الاقتصادية المشتركة مثل التضخم وتقلبات الأسواق العالمية، والعمل على وضع استراتيجيات موحدة لتجاوز هذه التحديات. وأضافت أن من أهم الاستراتيجيات تعزيز التكامل الاقتصادي بين دول المجلس من خلال توحيد الأنظمة والسياسات الاقتصادية، مما يسهم في خلق سوق خليجي موحد يدعم الاستثمارات والتبادل التجاري بين الدول الأعضاء. وأكدت على أهمية تطوير البنية التحتية المشتركة مثل شبكة السكك الحديدية الخليجية، التي تسهم في تسهيل حركة البضائع والأفراد وتعزيز التجارة الإقليمية.
وأوضحت الشرهان، أن تقليل الاعتماد على النفط من خلال تنويع مصادر الدخل يعد من بين الاستراتيجيات المهمة. يمكن تحقيق ذلك عبر تطوير قطاعات جديدة مثل السياحة، والتكنولوجيا، والصناعات التحويلية، مما يساهم في تعزيز اقتصادات الدول الأعضاء. كما لفتت إلى أهمية التعاون في مواجهة تحديات بيئية مثل تغير المناخ، من خلال مبادرات خليجية موحدة، بالإضافة إلى تعزيز الأمن الغذائي من خلال مشاريع مشتركة.
وأشارت إلى ضرورة تعزيز التكامل الصناعي بين دول المجلس، وخاصة في الصناعات الدفاعية والتكنولوجيا المتقدمة، لتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية. كما يجب دعم دور القطاع الخاص وتعزيز مشاركته في مشاريع التكامل الاقتصادي عبر وضع سياسات تشجع على التعاون بين الشركات الخليجية.
وقالت الشرهان، إن القمة يمكن أن تسهم أيضًا في تطوير التشريعات المشتركة بين الدول الأعضاء، مما يسهل حركة رأس المال والاستثمار. كما أكدت على ضرورة التركيز على قطاعات استراتيجية مثل الطاقة المتجددة، من خلال إنشاء مجمعات خليجية للطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وكذلك تطوير تقنيات لتحلية المياه باستخدام مصادر الطاقة المتجددة. وأشارت إلى أهمية تعزيز التعاون في مجالات الأمن الغذائي والنقل لتسهيل حركة البضائع والأفراد بين دول المجلس.

التكامل الخليجي
من جهته، قال الباحث المتخصص في الشأن العقاري عبد الرحمن الحسينان، إن القمة الخليجية الـ45 في الكويت ستركز على التكامل الاقتصادي الخليجي، بالإضافة إلى تنفيذ الاتفاقية الاقتصادية الموحدة بين دول المنطقة، والوقوف آخر تطورات المشاريع المشتركة بما في ذلك استراتيجيات التكامل المالي وإقامة منطقة التجارة الحرة، وذلك بما يدعم استكمال مسيرة التعاون المشترك، وتزيد قوة التلاحم بين الشعوب والدول الخليجية.
وأكد الحسينان، على أن القمة تعتبر محطة مفصلية لدعم الجهود المشتركة بين دول الخليج في مواجهة التحديات الاقتصادية العالمية والإقليمية، كما ستشكل فرصة لتعميق التعاون الاقتصادي في عدة مجالات حيوية، بما في ذلك التجارة، والطاقة، والاستثمار، والتكنولوجيا، والصناعات المستقبلية، وكذلك تكامل الأسواق الخليجية.
وأضاف أن القمة تركز أيضًا على توطيد العلاقات التاريخية العميقة بين بلدان وشعوب المنطقة، موضحًا أن الحدث سيكون له قرارات تمتد آثارها حتى سنوات قادمة، وسط ما يجرى عالميًا من حروب طاحنة أو أزمات اقتصادية واضحة.
وأكد أن المشاريع المشتركة تزيد من قوة الكيان الخليجي، كما يعزز من ثقل الاقتصادات الخليجية إقليميًا وعالميًا، بالإضافة إلى أهمية هذه المشاريع في تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط والاعتماد مصادر جديدة مما يساعد في خلق فرص عمل كبيرة للأجيال القادمة بطرق حديثة، وخيارات في مجالات جديدة تخلقها مشاريع وشركات استثمارية عالمية، توثّق التبادل الاقتصادي والتعاون المشترك في المنطقة، لربطها بشكل أكبر مع دول العالم الحديث.
وقال الحسينان، إن القمة الخليجية تعد فرصة مثالية لتفعيل المزيد من المبادرات الاقتصادية المشتركة، مما يسهم في نمو المنطقة وتوطيد مكانتها في الاقتصاد العالمي.

تحولات عالمية
وفي هذا الشأن، قال المؤسس والرئيس التنفذي لشركة بيزنت للاستشارات العقارية المتخصصة إسماعيل الحمادي، إن القمة الخليجية في الكويت تنعقد في ظل تحولات عالمية كبيرة وتغيرات كبيرة من المحتمل أن تحدث خلال العام القادم، مما يتطلب من دول المنطقة الاستعداد لها عبر تطوير استراتيجيات التعاون فيما بينهم لمواجهة مختلف التحديات القادمة الاقتصادية منها والجيوسياسية.
وأضاف الحمادي أن هناك عدد من القطاعات الاقتصادية والمشاريع التي تحتاج إلى تركيز كبير في عدد الشراكات واتفاقيات التعاون بين دول التعاون الخليجي لتحقيق رؤية إصلاحية مستدامة لاقتصادات المنطقة مستقبلا، أهمها قطاعات الطاقة النظيفة والمتجددة لتنويع مصادر الطاقة بعيدا عن النفط، والاستثمار في الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الأخضر لتحقيق أهداف الاستدامة وتقليل الانبعاثات الكربونية خاصة في ظل وجود بنية تحتية متميزة، إلى جانب الاستثمار في الاقتصاد الرقمي والذكاء الاصطناعي، الذي يعتبر اليوم من الأولويات لتحويل الخليج إلى مركز عالمي للتقنية وتعزيز جذب الشركات الناشئة وتحفيز الابتكار في جميع القطاعات الأخرى.
وتابع الحمادي: "من القطاعات الأساسية التي يجب التركيز عليها أيضا قطاعي الصناعة والأمن الغذائي والمائي للمنطقة، لتعزيز الإنتاج المحلي وتحقيق الأمن الاقتصادي وتقليل الاعتماد على الواردات من دول أخرى".

التنمية المستدامة
من جهته، قال عضو مجلس النواب البحريني السابق، حمد الكوهجي، إن القمة الخليجية التي ستُعقد في الكويت ستكون فرصة ذهبية لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول المنطقة وتحقيق أهداف التنمية المستدامة. من خلال التركيز على التعاون في مجالات التجارة، والاستثمار، والطاقة المتجددة، والتكنولوجيا، يمكن لدول مجلس التعاون أن تضع أسسًا قوية لتحقيق التكامل الاقتصادي وتعزيز الاستقرار والنمو في المنطقة.
وأضاف الكوهجي، أن انعقاد القمة الخليجية يتزامن مع العديد من  التحديات والتغيرات على الساحتين الدولية أو الإقليمية بشكل عام، مما يعزز أهمية القمة كفرصة هامة لتعزيز التعاون الاقتصادي بين دول مجلس التعاون الخليجي لافتًا إلى أن جميع ما يطرح في القمم الخليجية يبحث دائمًا توفير الاستقرار الأمني والاقتصادي والمالي، حيث إنه في كثير من الملفات هناك تعاونًا تامًا من الناحية الاقتصادية وفي دعم المشاريع الاقتصادية بين دول الخليج مما يدعم عملية الاستثمار ويدعم عملية الاقتصاد بما يصب في مصلحة شعوب المنطقة.
واختتم الكوهجي بقوله: "متفائلون خير بنتائج القمة الإيجابية، وتكليل أعمالها بالنجاح لتحقق التنمية المستدامة والاستقرار الاقتصادي والأمني لجميع الدول العربية وخاصة دول الخليج مع مزيد من التعاون المشاريع سواء كانت السياحية مثل اتفاقيات خليجية لبناء مشاريع مجمعات استثمارية تعود على شعوب المنطقة بالخير، وأيضًا المشاريع المشتركة التي تقوم عليها دول مجلس التعاون، سواء كانت في مشاريع تطوير البنية التحتية وغيرها".

فرصة قوية للتكامل
وفي هذا الشأن، قال عبدالرحمن عدنان المهيدب، رئيس مجلس إدارة شركة "أريب المالية"، إن القمة فرصة قوية لتعزيز التكامل بين بلدان المنطقة، حيث شهدت اقتصادات دول المجلس نموًا ملحوظًا في القطاعات غير النفطية، مدعومةً بالاستثمارات الحكومية ومبادرات التنويع الاقتصادي.
وأضاف المهيدب: "وفقًا لتقرير البنك الدولي، من المتوقع أن تنمو اقتصادات المنطقة بنسبة 1% في عام 2023، مع ارتفاع إلى 3.6% و3.7% في عامي 2024 و2025 على التوالي. وهذا النمو يعكس الجهود المبذولة لتعزيز التعاون الاقتصادي وتطوير البنية التحتية المشتركة".
وأكد المهيدب، أن القمة الخليجية تُعتبر منصة مهمة لمناقشة السياسات الاقتصادية وتنسيق الجهود بين الدول الأعضاء، فيما من المتوقع أن تسهم القمة في تعزيز التكامل الاقتصادي من خلال مناقشة مشاريع مشتركة، مثل الربط الكهربائي وتطوير شبكات النقل والسكك الحديدية، مما يعزز التجارة البينية ويسهم في تحقيق التنمية المستدامة.
وذكر عبدالرحمن المهيدب، أن القطاعات الاقتصادية والمشاريع ذات الأولوية تحقق رؤية إصلاحية حقيقية ودائمة لاقتصادات المنطقة، فإنه يجب التركيز على قطاعات مثل الطاقة المتجددة بالاستثمار في مصادر الطاقة النظيفة لتعزيز الاستدامة وتقليل الاعتماد على النفط، فضلًا عن الاستثمار بقطاع التكنولوجيا والابتكار عبر دعم البحث والتطوير لتعزيز الاقتصاد الرقمي وتبني التقنيات الحديثة.

تويتر