فضـيحة كــريكـيـت تهدّد تماسك الحكومة الهندية
أدت ادعاءات فساد تكتسح رياضة الكريكيت الهندية الى إحداث صدع في حكومة هذا البلد عندما حاول أعضاء من الائتلاف الحكومي توريط وزراء آخرين في هذه الفضيحة. وتحول الخلاف الطويل الأمد بين حزب المؤتمر الهندي الحاكم وشريكه في الحكومة حزب المؤتمر الوطني، الى حرب مفتوحة.
ورغم أن الدوري الهندي للكريكيت يمثل «وجه الهند الجديد» نظراً لمشاركة اطراف من بوليوود، إضافة الى رجال الاعمال، وتطور هذه الرياضة هناك إلا أن ما حدث أخيراً يمثل اسوأ ما في الهند القديمة عندما تم إيقاف مدير دوري الكريكيت الهندي لاليت مودي، في حين أجل البرلمان اجتماعاته اثر انكشاف فضيحة فساد شارك فيها سياسيون ورجال أعمال و كبار مسؤولي الرياضة في الدولة.
وكان ذلك اليوم مثيراً بصورة غير معقولة حتى بالمعايير الهندية، حيث أعلنت هيئة مراقبة رياضة الكريكيت في الهند انها منحت السيد مودي 15 يوماً ليجيب عن عدد من اتهامات الفساد. وأدى هذا التحرك الى إنهاء سيطرة مودي على منافسات الكريكيت لمدة ثلاث سنوات تحول فيها الوجه التجاري لرياضة الكريكيت ورسخت دولة الهند باعتبارها المركز الجغرافي لهذه الرياضة في العالم.
وفي العاصمة دلهي اضطرت الحكومة الى إنكار انها كانت تراقب بصورة سرية الاتصالات الهاتفية لعدد من السياسيين بمن فيهم أحد الوزراء الذي كان يتباحث مع السيد مودي بشأن دوري الكريكيت، وردت المعارضة على ذلك عن طريق رفض الدخول الى البرلمان والاصرار على أن يقوم رئيس الحكومة مانومهان سينغ بإصدار بيان شخصي وتشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الفضيحة برمتها. وتطرح هذه الفضيحة التساؤلات ليس بشأن مستقبل الدوري الهندي لرياضة الكريكيت فقط وإنما في صدقية الهند مضيفة للاحداث الرياضية الدولية، ودولة يمكن ان تقام فيها مشروعات تجارية، وديمقراطية طموحة في آسيا. ولكن ما خفي كان أعظم وسيتشكف المزيد من الفضائح، خصوصاً ان السيد مودي هدد بأنه لن يغادر موقعه بهدوء. وقال «لأنني كنت في منتجع طوال اليوم فإني بحاجة إلى الاستراحة، ولكني لاأزال رئيس اتحاد اندية الكريكيت، وانتظروني فقد بدأنا للتو».
وقامت هيئة رقابة الكريكيت في الهند التي تمتلك اتحاد اندية الكريكيت بإيقاف مودي على الفور بعد الاعلان قبل يومين عن فضائح تلاعب بنتائج المباريات، وغسل اموال، وبيع حقوق بث المباريات بصورة غير شرعية، ورشى تقدر بملايين الدولارات. وقال رئيس هيئة مراقبة الكريكيت الهندي شاشانك مانوهار في مؤتمر صحافي في مدينة مومباي «نعتبر اتحاد الكريكيت من اكبر ممتلكاتنا، ولكن الشفافية والاخلاق اكثر أهمية منه»، وأشار الى ان الادعاءات ضد السيد مودي تتضمن تلاعباً في امتلاك فريقين من فرق الكريكيت، هما راجستان رويال الذي تمتلك الممثلة شيلبا تشيتي جزءاً منه، وفريق الملك الحادي عشر للبنجاب الذي يمتلك جزءاً منه نجم بوليوود برتي زينتا. وثمة ادعاءات بشأن تلاعب السيد مودي بصفقة بيع حقوق البث تصل قيمتها الى 1.6 مليار دولار. ولكن مودي انكر ارتكابه اي أخطاء وأكد أن المجلس الحاكم للكريكيت صادق على «كل قرار»، وأشار الى وجود صراعات للمصالح بين أعضائه.
وحاولت الحكومة في دلهي أن تحد من زيادة تعقيد هذه الفضيحة التي أحرجت حزب المؤتمر الحاكم، وأجبرت الوزير في وزارة الخارجية شاشي ثارور على الاستقالة نظراً لدوره في صفقة غير شرعية بملايين الدولارات. وطالت الفضيحة وزير الزراعة شاراد باوار، والرئيس السابق لهيئة مراقبة الكريكيت ووزير الطيران المدني بارافل باتيل. وقال وزير الداخلية بي تشيدامبارام امام البرلمان انه لا الحكومة الحالية ولا السابقة وكلاهما بقيادة حزب المؤتمر، خولت أحداً بمراقبة الاتصالات الهاتفية لأحد. وأضاف ان الحكومة لاتزال تحقق في ادعاءات نشرتها مجلة إخبارية مفادها إجراء مراقبة للاتصالات الهاتفية دون تخويل رسمي.