مانديلا أحب وطنه وتجاهل أسرته
في الأسبوع الماضي، صدر كتاب جديد تضمن أفكار رئيس جنوب إفريقيا السابق نيلسون مانديلا، ويحمل عنوان « محادثات مع نفسي»، وهو عبارة عن رسائل كان يرسلها إلى عائلته. وبعكس ما هو متوقع كشف الكتاب أن مانديلا لم يكن يرغب في ان يكون رئيساً لجنوب افريقيا وانما كان يفضل شاباً اصغر منه لهذا العمل.
وبالرغم من الإنسانية التي اظهرها مانديلا (92 عاماً الآن)، فإن القراء صعقوا من اللهجة الباردة لرسائل مانديلا لأسرته خلال سجنه الطويل. وانما كانت رسائل مانديلا تحوي افكاراً عن الأحداث المعاصرة في ذلك الوقت، وكأنها كتبت للأجيال المقبلة وليس للعائلة. وبناء عليه فإن صورة الزعيم الحنون والكارزمي التي احاطت بمانديلا كانت مناقضة للرجل الذي عرفته عائلته. واكبر أبناء مانديلا هي الدكتورة ماكازيوي المعروفة ب«ماكي» وهي من اول زواج له من الممرضة ايفلين مايس، وتربطها علاقة جيدة مع والدها الآن، وهي تقول انها كافحت لسنوات عدة ضد مشاعر الغضب والهجران التي انتابتها ازاء والدها، وان شقيقها ثيمبي الذي توفي في حادث سيارة عام ،1969 وماكاغاثو الذي توفي بمرض الإيدز، يشاطراها هذه المشاعر.
وكانت ماكي طفلة عندما انفصل والداها، وترعرعت خلال فترة سجن والدها الطويلة. وعلى الرغم من المشاهد الرائعة التي احاطت اطلاق سراحه من سجن جزيرة روبن عام ،1990 فهي تقول ان عائلته لم تهتم بالسياسة كثيرا. وقالت ماكي في اول مقابلة لها لصحيفة «عندما كنت طفلة وقبل ان يذهب والدي الى السجن، كنت اشتاق الى وجود والدي في حياتي، ولكن والدتي فقط هي التي ربتني. وكان والدي موجوداً ولكنه غائباً عن حياتي. ولم يكن مهتماً بنا». وأضافت «اعتدت ان اتحدث مع اشقائي عن هذا الموضوع ولكنهم كانوا يقولون لي لا تبحثي عن والدك فقد نذر حياته للسياسة، وهو يعيش ويتنفس على السياسة. وكان ذلك يبدو غريباً ولكني طورت علاقة جيدة معه عندما خرج من السجن».
وعلى الرغم من أن رسائل مانديلا إلى عائلته كانت تفتقر إلى العاطفة، إلا أنها منحت ماكي بعض التواصل الشخصي معه. وعندما خرج من السجن، تم ابتلاعه من قبل العالم اجمع، ودولة جنوب إفريقيا. وقالت ماكي «لاأزال اعتقد بأنه عندما خرج من السجن كان يتعين عليه أن يوفر لعائلته وأطفاله مكانة ووقتاً، لكنه تجاهلنا، أو على الأقل كان مشغولاً عنا بالسياسة. وحتى الآن وعلى الرغم من أنه لديه المزيد من الوقت، فإنه لا يبذل أي جهود كي يشاركنا حياتنا. وهو منفتح على العالم، لكنه مقلّ جداً في علاقاته الشخصية والعائلية».
وتبدو ماكي وهي تجلس في منزلها الحديث في العاصمة جوهانسبورغ، مثال سيدة الأعمال الناجحة جداً. وهي تشارك في مجلس إدارة عدد من الشركات والمؤسسات الخيرية، وهي تعزو نجاحها إلى أمها وتقول «كانت أمي امرأة قوية. وهي المرأة التي تزوجت مانديلا لأطول فترة. وكانت الوحيدة التي تكسب رزق العائلة، ولطالما دفعت مصاريف تعليم مانديلا، وهي التي أوصلته إلى الوضع الذي أصبح عليه الآن».