«نساء الكوتة» يُشعلن منافسات الأناقة والذوق في البرلمان المصري
يراقب الشارع المصري بصحفه وقنواته الفضائية أداء النساء اللاتي يشاركن بكثافة في البرلمان للمرة الأولى، واللاتي دخلن مجلس الشعب طبقاً لما عرف بقانون «الكوتة» وبلغ عددهن 64 نائبة، وينتمي معظمهن إلى الحزب الوطني الحاكم، وعلى الرغم من اعتبار اوساط نسائية وجودهن مكسباً لحقوق المرأة، اعتبرها مراقبون مجرد ديكور أنيق.
مجرد أرقام
قالت الإعلامية والناشطة السياسية جميلة إسماعيل لـ«الإمارات اليوم» «إن نساء الكوتة لن يكون لهن دور فاعل تحت قبة البرلمان المصري لأنهن في الغالب جئن بالتزوير، ولم يخضعن لأي تدريب سياسي او قانوني».
وأضافت اسماعيل «ان السلطة لا تطلب منهن اي نشاط، ودورهن فقط هو زيادة مقاعد الحزب الوطني الحاكم داخل البرلمان على حساب المرأة»، وتابعت «الحزب الوطني يعتبرهن مجرد أرقام تستخدم فيها المرأة للرد بالموافقة على القرارات من ناحية، وتحسين وجه النظام في الخارج أثناء المؤتمرات من ناحية اخرى، لنقول إن لدينا 64 امرأة تحت قبة البرلمان، وإننا أنصار المرأة وحقوقها، لكن في واقع الأمر هي مجرد أرقام اضافية تزيد من هيمنة الحزب الحاكم على السلطة في البلاد».
وكان حضور 64 نائبة لأول مرة في تاريخ البرلمان المصري على المجلس اضفى شكلاً اكثر اناقة واكثر هدوءاً على جلساته التي بدأت الأسبوع الماضي، حيث التزم النواب الصوت الخافت في حضور الرقة النسائية المشبعة بأفخم أنواع العطور العالمية، كما قال نائب الشعب وائل زكريا، الذي اضاف «تحولت النائبات الى رقيبات على اداء الرجال ومدى اقناعهم تحت القبة، حيث يخشى النواب من نميمة النائبات وانتقاداتهن اللاذعة».
منافسة أخرى
قالت النائبة ماجدة النويشي «ان هناك منافسة اخرى غير العمل البرلماني تدور بشكل يومي تحت القبة بين النائبات، وهي منافسة الشياكة والعطور العالمية، اذ تحرص كل نائبة على ان تكون الأكثر اناقة وجاذبية، اضافة الى حرصها الشديد على اعداد ما تقدمه بشكل جيد حتى لا تقع في مأزق عدم المعرفة»، وقالت نائبة الأقصر سلوى النخيلي «ان نائبات كثيرات يرهبن العمل البرلماني حتى الآن ويفضلن المشاهدة على العمل في ايام المجلس الأولى، خصوصاً ان جميعهن يدخل المجلس لأول مرة»، وقالت «ان وجود نائبات من اقصى صعيد مصر يتجرأن على الحديث بين نواب الشعب وامام كاميرات التلفزيون، ليس بالأمر السهل، ونحاول التغلب على ذلك بالمناقشات الحرة في كافتيريا المجلس».
ألوان زاهية
قالت النائبة هبة العطار «بعد ان كانت مقاعد البرلمان يغلب عليها اللون الأسود لبدل الرجال ودخان سجائرهم، لمعت الألوان الزاهية وهبّت نسائم البرفانات التي خففت من حدة المناقشات.
واعتبرت العطار ان المرأة في اختبار صعب لابد ان تثبت جدارتها في جميع قضايا الوطن، وقالت «هناك قضايا ارتفاع نسبة العنوسة، وزواج القاصرات، والاهتمام بالمرأة المعيلة، وزيادة البطالة في صفوف النساء، وغيرها من القضايا الخاصة بالمرأة». واعترفت العطار بأن هناك سباقاً على الأناقة «فكل نائبة تسعى لتظهر بأفضل ما عندها ولكن من دون مغالاة، على أن تلتزم بجدية في المظهر تليق بها برلمانية».
استجوابات النساء
اما النائبة الفائزة بمقعد الكوتة عن سوهاج هويدا جابر، التي دخلت المجلس وهي حامل، فقات لإن ذلك لم يسبب لها اي حرج لأن دخول المرأة البرلمان لن يلغي حقيقة انها زوجة وأمّ. وأضافت جابر «طبعاً (الشياكة) جزء مهم جداً داخل البرلمان، واذا كان الرجال يتسابقون في ارتداء افخم البدل وربطات العنق، فلابد ان نكون اكثر حرصاً منهم». وتابعت مازحة «ان النساء يقدمن استجوابات سريعة في ما بينهن حول الفستان والبرفان، هناك حرص على الاناقة والجدية، والبرلمان هو مكان الوجاهة الاجتماعية لكل الدائرة التي امثلها».
واعتبرت النائبة والوزيرة فايزة أبوالنجا أن تخصيص مقاعد للمرأة في البرلمان فرصة تاريخية لتثبيت دورها في الحياة السياسية وسيكون لها دورها في خدمة المجتمع، واضافت أن المرأة لديها إصرار وعزيمة على أن تثبت وجودها في البرلمان، ولاحظت ان النواب أيضاً ينشطون ليثبتوا جدارتهم أمامها ما يجعل البرلمان اكثر حيوية.
حقوق المرأة
قالت الكاتبة بجريدة «الشروق» عزة كامل، إن «الرهان على منظمات المجتمع المدني، خصوصاً المنظمات النسائية، في الالتفاف حول هؤلاء النساء من أجل تمكينهن وإعدادهن للعب دور مهم وتاريخي في عملية التغيير والإصلاح الديمقراطي لهذا الوطن»، وتابعت «على هذه المنظمات أن تقترب أكثر من نساء البرلمان سواء كن معارضات لنظام الكوتة أو مؤيدات له، للمساعدة في استصدار قوانين تدعم حقوق المرأة وفي التأثير في الحكومة كي تتبع منهجاً أكثر إدراكاً للمساواة بين الرجل والمرأة عند وضع موازنات مختلف الوزارات، وطالبت أن نُخضع هؤلاء البرلمانيات للمساءلة عن أدائهن البرلماني ونزاهة سلوكهن وأفعالهن».
وكان لافتاً حرص عدد من نائبات الكوتة على اصطحاب الأبناء والأزواج إلى مقر لجان الاستقبال لاستخراج كارنيه العضوية وإعداد الاستمارات المطلوبة وتقديم إقرار الذمة المالية.
وكانت النائبات قد تجولن في أركان مجلس الشعب والبهو الفرعوني لمشاهدة التحف المعمارية الأثرية والتعرف إلى قاعات الجلسات. ووفقا لبيانات البرلمان المصري فإنه منذ برلمان 1957 (الذي شهد أول مشاركة نسائية)، وحتى برلمان ،2005 بلغ إجمالي النائبات في البرلمان المصري 144 سيدة فقط، 125 منهن فزن بالانتخاب و19 بالتعيين، وطوال هذه الفترة لم تتقدّم أي نائبة باستجواب لأي وزير بالحكومة، وفي انتخابات عام 1987 ترشحت 22 سيدة، فاز منهن 14 سيدة، وفي انتخابات 2005 ترشحت 127 سيدة فاز منهن أربع فقط، وتم تعيين ثلاث فأصبحن سبع نائبات