«بهجاتوس».. زعيــــم الديكتاتوريين الورقي في العالم الــــثالث
أنجز رسام الكاريكاتير المصري الراحل بهجت عثمان أعمالاً كثيرة في حياته، لكن قراءه لن ينسوا أبداً شخصية الديكتاتور العربي في رسوماته، والتي من قوة ومهارة ابداعه لها بدت كما لو كانت إنسانا حقيقيا يأكل ويشرب ويتنفس بيننا.
لمشاهدة الجزء الاول من الكاريكاتير الرجاء الضغط على هذا الرابط . لمشاهدة الجزء الثاني من الكاريكاتير الرجاء الضغط على هذا الرابط . |
سمى بهجت هذا الديكتاتور، «بهجاتوس»، وقدم تنويعات لتصرفات الحاكم المطلق اليومية البسيطة، مثل جلوسه على المكتب، أو احتفاله بعيد الطفولة، أو خروجه من الحمام. فجاءت هذه الرسومات عميقة وسريعة الوصول الى القلب ، خصوصاً أن تصرفات كثير من هؤلاء الحكام في منطقتنا العربية ليست بعيدة عن واقع الشعوب.
عاش بهجت محمد عثمان (1931-2001)، حياة صعبة رغم حجم البهجة التي تنطق بها رسوماته، فقد ولد في حي بولاق الشعبي بالقاهرة، وظل يتنقل بين صحف عدة بسبب الطابع الانتقادي الحاد لرسوماته، مثل «روز اليوسف، وصباح الخير، والأهالي، والمساء، والمصور، والكواكب» ثم تعرض للنفي السياسي من مصر بسبب موقفه من حكم الرئيس السابق أنور السادات واتفاقية كامب ديفيد، فذهب الي الكويت، ثم عاد الى مصر، لكنه توقف تماماً عن رسم الكاريكاتير مكتفياً بتقديم رسومات للأطفال.
ألف بهجت عثمان أيضاً كتباً عدة، لكنها كانت اقرب إلى أداة جديدة لنشر رسوماته وضحكاته و«سخرياته» من عالم القمع المزري، كان أبرزها «الديكتاتورية للمبتدئين»، و«بهجاتوس رئيس بهجاتيا العظمى»، و«حكومة وأهالي»، و«ضحكات مجنونة جداً»، و«كنت حماراً».
يقول رئيس تحرير صحيفة «السفير»، اللبنانية طلال سليمان، إن شخصية «بهجاتوس»، التي اخترعها بهجت تشير الى «كل حاكم ظالم ومتجبر ومستغل ومتاجر بالدين»، ويقول الناقد المصري علي الراعي، إن «بهجاتوس» اختصر صورة الحاكم في كثير من بلدان العالم الثالث حيث هو القارئ الأول، والمعلم الأول، والعامل الأول، يستهل عمل اليوم بالسحل والفرم، ويدخل للسهر على مصالح شعبه مصطحباً زجاجات الخمر.
غادر بهجت عثمان عالمنا الفاني في الثالث من يونيو 2001 عن عمر بلغ الـ69 عاماً، لكن صورة «بهجاتوس»، ظلت رغم افتراضيتها أكثر واقعية في أذهاننا وخيالنا من الواقع «المنقول إلينا مزيفا» ذاته.
ففي ظل الثورات والأحداث التي نعيشها في المنطقة، وفي ظل معايشتنا لحكام يخرجون على شاشات التلفزيون يهددون بأنهم مستعدون لإفناء شعوبهم كي يبقوا، تصبح زيارتنا لبهجت، وبهجاتوس، وبهجاتيا، زيارة اعتذارية، نتأسف فيها لأننا كنا نظن أنه يبالغ، ونقول له: سامحنا لأننا لم نصدق أننا نعيش جحيماً بهذا الشكل.