الحرب بالألوان والأقلام

الكاريكاتير سلاح آخر في الحرب ضد القذافي

صورة

لطالما انتشرت صور الزعيم الليبي معمر القذافي في العاصمة الليبية طرابلس، وكذلك اللوحات الجدارية في صالات الفنادق والمكاتب والمتاجر والمنازل والمدارس، وعادة ما يظهر «الاخ القائد، ومرشد الثورة» نوعاً من الآلهة، او في بذلته العسكرية حيث تسطع الاشعة اللامعة خلفه.

وفي بنغازي التي تبعد عن طرابلس مسافة يوم كامل بالسيارة الى الشرق على طول ساحل البحر المتوسط، هناك ايضاً الكثير من الصور العامة للديكتاتور القذافي، الذي حكم دولته الصحراوية أكثر من أربعة عقود، ولكنها في هذه المدينة تستخدم سلاحاً ضده، وضد نظامه، وتظهر الجداريات المؤيدة للديمقراطية في جميع مراكز المدينة، وفي الثكنات العسكرية التي سقطت بيد الثوار أخيراً، وعلى المباني وأي جدران ملائمة.

وهناك ملصقات للقذافي تصوره وهو يضخ البترول الى جمل مجنح، والقذافي وله ذيل أفعى ولسان متشعب، والقذافي بصورة دراكولا، وبصورة مهرج، والقذافي يعضه كلب، وهناك تنوعات كثيرة من هذه الصور.

وانضمت كل من طبرق، والبيضاء، ودرنة، ومدن أخرى واقعة تحت سيطرة الثوار الى هذه الاعمال الفنية. وغطت جدران هذه المدن صور كاريكاتيرية تسخر من حماس «الرجل القوي» الذي جعلته تصرفاته الغريبة موضوعا مثاليا للتهكم. ولكن بنغازي تعتبر مركزا لهذه الحركة الفنية.

وأرسلتني وكالة «فرانس برس» في أبريل الماضي «الحديث للكاتب» لأحل مكان مراسلها في مصراتة، وهي مدينة ساحلية دار حولها قتال عنيف، ولكن في نهاية المطاف قررت الوكالة أن أبقى في بنغازي. ومنذ اللحظة التي وصلت فيها الى المدينة كانت تبدو كخلية نحل من نشاط الحركة فيها.

وكان قد مضى ثلاثة أشهر منذ قيام الثورة المناوئة للقذافي، وهو لايزال في السلطة في طرابلس وقواته لاتزال تسيطر على معظم ليبيا، ولكن خطوط القتال كانت بعيدة عن بنغازي. وكان الثوار يستغلون الوقت لتدريب المتطوعين وبناء جيش لمقاتلة القذافي.

وبدأت تظهر في ساحات الدولة لافتات ضخمة كتب عليها باللغة الانجليزية «لدينا حلم». وبنغازي هي المدينة التي يبدو فيها هذا الحلم الاكثر لمعاناً من المدن الاخرى. وانتشر علم الثوار المؤلف من الالوان الاخصر والاحمر والاسود في كل مكان، الى جانب اعلام فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، وهي علامة عرفان بالجميل لدول حلف شمال الأطلسي (الناتو) التي أبعدت قوات القذافي عن بنغازي.

ولقد رفعت الثورة الغطاء عن مجتمع مقموع، كما ان سكان بنغازي يحاولون التعويض عن السنوات الضائعة. وبدأوا فورا بتأسيس الصحف ومحطات الراديو والتلفزة وفرق أغاني الراب ليقولوا اشياء كانوا لا يجرؤون على قولها قبل بضعة أشهر. ولكن الصور الكاريكاتيرية للقذافي كانت الاداة الابرز للتعبير على الحرية الجديدة التي أحسوا بطعمها.

وعندما وصلت إلى المحكمة لفت انتباهي مئات الملصقات التي تحمل صور وأسماء الذين قتلوا او فقدوا منذ اندلاع الانتفاضة، ولكن كانت جدران المباني المجاورة مغطاة بصور الكاريكاتير الساخرة. وبدأت بالتقاط صور لهذه الملصقات بهاتفي النقال في البداية كي أرسلها الى أصدقائي وعائلتي.

ولم يخبرني أحد من هو المسؤول عن هذه الرسومات التي تغطي جدران المدينة، ولكني شاهدت مجموعة من الشبان يحملون صوراً للديكتاتور واخبروني أنهم لم يلجأوا الى محاربة القذافي بالبندقية وانما بالالون والاقلام. وكان أحد افراد هذه المجموعة قد قتل في بداية اندلاع الثورة من قبل الشرطة السرية، ولذلك أطلق اسمه على المجموعة وأصبحت مجموعة قيس الهلالي.

تويتر