الجَرْي يقلل من هيبة السياسيين

اعتدنا أن نرى صور السياسيين على صفحات المجلات والصحف وفي التلفزيون، وهم يمارسون رياضة الجري بالزي الرياضي، وإلى جانبهم مدربهم وبعض المساعدين، وكانت هذه الصور تثير إعجابنا إلى حد كبير بالجوانب الانسانية في شخصيات هؤلاء، ولكن ما لا نعرفه هو أن كثيرا منهم يعتقد أن هذه الرياضة تنال من هيبتهم. ومن أشهر السياسيين الذين عرفت عنهم رياضة الجري، وغطتها وسائل الإعلام زعيم إيطاليا الفاشية الدوتشي بنيتو موسوليني والرئيسان الأميركيان السابقان: جيمي كارتر وبيل كلنتون، ورئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير، والرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، ورئيس الوزراء البريطاني السابق غوردون براون، والرئيس الأميركي الحالي باراك أوباما، ورئيس الوزراء البريطاني الحالي ديفيد كاميرون، إضافة إلى روبرت موردوخ صاحب إمبراطورية الاعلام العملاقة، التي تحمل اسمه. وقال مقربون من كاميرون إن مدربه الشخصي مات روبرتس يرافقه كظله، منذ بداية حصة الجري، وإن كاميرون لا يعصي له أمرا. ويقول خبراء إنه بمقدار ما تكشفه ملابسهم الرياضية الخفيفة والقصيرة من أجسامهم، فإن فترة رياضة الجري تدفع هؤلاء السياسيين غالبا إلى التعبير عما يجول في أنفسهم من انفعالات وعواطف فرح، أو ارتياح، أو امتعاض، أو استياء من التدريب نفسه، أو ملاحظات المدرب، أو أوامره، وما يعدونه فضولا وتطفلا شديدين. وذات يوم من عام ،2009 وأثناء ممارسته رياضة الركض، لاحظ مرافقون أن براون كان يعض بأسنانه إحدى شفتيه بشكل عصبي، ويقول: ما الذي أفعله؟ ولماذا؟ وكأن لسان حاله يقول إن جسمه يجب أن يكون في لباس رسمي خلف مكتبه الرسمي. وعلى الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، كان الرئيس الأميركي السابق كارتر (1977ـ1981)، شديد الرغبة في اختبار مدى فاعلية تلك التوليفة والمزاوجة، بين مهام أخر، وأهم مهام وظيفة أو منصب رسمي في العالم، وما تسببه من توتر على مدار الساعة، والولع بممارسة تمارين رياضة صحية عنيفة، وهي الجري، وفي عام ،1979 وبعد تألقه في هذه الرياضة أمام الأميركيين الذين ازدادوا إعجابا به، وتعلقا بصوره في الصحف ومحطات التلفزيون، وهو بالملابس الرياضية وأثناء الركض مع مدربه الخاص في غواديلوب، أصيب الأميركيون بالإحباط والحزن، لسقوط رئيسهم كارتر اثناء مشاركته في سباق المارثون الطويل ( 6.2 أميال ) في ميريلاند. أما الرئيس السابق بيل كيلنتون ( 1993-2001)، فقد كان يرغب في ممارسة الجري، رغم تعلقه بنكهات الوجبات السريعة غير الصحية، التي اعتادها لوقت طويل في أركنساس، وأمر بتخصيص جزء من الجناح الجنوبي بالبيت الأبيض له، لممارسة رياضة الجري، بسبب الصعوبة المتزايدة للتحرك والتنقل داخل العاصمة واشنطن بسبب الازدحامات والاختناقات المرورية. وفي عام ،2009 تمكن صحافيون ومصورون من التقاط صور أوباما وقد بدا عليه التعب والإرهاق، بعد ممارسته الجري. ومهما يكن من أمر هذه الرياضة بالنسبة للسياسيين، فإنه ورغم كل ما يمكن ان تتركه من آثار سلبية فيهم، إلا أنها تكشف لنا كأناس عاديين الجوانب الإنسانية في شخصيات هؤلاء، وهذا في حد ذاته ليس بالأمر السيئ.

الأكثر مشاركة