صراع نفــوذ بين أسماء الأسـد وحماتهـا أنيسة
لم يصبح بإمكان السيدة الأولى في سورية أن تتجول برفقة زوجها في أحياء دمشق العتيقة وتتناول العشاء في مطاعمها الشهيرة، فالأوضاع في البلاد لا تسمح بمثل هذه النزهات، وبعد سنوات من حكم بشار الأسد اعتادت قرينته أسماء الأخرس (36 عاماً) نمطاً معيناً من المعيشة يغلب عليه الترف، وباتت تتصدر أغلفة مجلات الموضة والجمال.
ولم تكن سيدة سورية الأولى تتوقع أن يؤول الوضع لما آل إليه، فقد كانت منهمكة في اقتناء أرقى الحقائب النسائية وأكثر الأزياء العالمية أناقة من لندن وباريس. وبعد أشهر من الأحداث الدموية خرجت الأخرس عن صمتها معلنة دعمها لزوجها «رئيس سورية وليس زعيم طائفة»، ورفضت في بداية زواجها من الأسد، الظهور في المناسبات الاجتماعية، كما اعتذرت عن زيارة مؤسسات أوروبية راقية، وإجراء مقابلة تلفزيونية مع قناة فرنسية رائدة، في .2001
وداخل محيطها العائلي وجدت السيدة الشابة نفسها أمام فريقين متنازعين على النفوذ والسلطة، فأسماء ابنة طبيب العيون السوري المعروف، فواز الأخرس، لم تألف مثل هذه الصراعات. ويتزعم الفريق الأول أنيسة، والدة الرئيس، وتسهر هذه الأخيرة على الحفاظ على مصالح آل مخلوف، وتساعدها في هذه المهمة ابنتها وشقيقة الرئيس، بشرى، التي عارضت ووالدتها زواج الأخرس من بشار الأسد، ولم تتنازل أنيسة عن لقب السيدة الأولى في سورية إلا بعد ست سنوات من حكم ابنها. ولم تتقبل الأم والشقيقة دخول الأخرس إلى الدائرة الضيقة لحكم آل الأسد لأسباب عديدة، أهمها انتماؤها المذهبي (سنية)، وكانتا تفضلان أن يكون اختيار ابنهما من الطائفة العلوية. وعانت السيدة الأولى الضغوط المختلفة، في البداية، حتى أصيبت بانهيار عصبي.
وفي الخارج، تم تقديم «أسطورة» أسماء الأخرس بشكل تدريجي، واستُقبلت برفقة زوجها، من قبل ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية، في ،2002 في القصر الملكي. وحضرت مع الأسد احتفالات فرنسا السنوية في باريس في ،2008 ما أثار جدلاً واسعاً في الأوساط الفرنسية. وفي 2010 تسلطت الأضواء على الزوجين، اللذين كانا في زيارة رسمية لباريس، ونزلا ضيفين على الرئيس الفرنسي وزوجته وتناولا العشاء في قصر «شانزليزيه»، وعلقت صحيفة «باري ماتش» على الزيارة قائلة «عشيقان في باريس»، مشيرة إلى الرئيس السوري وزوجته. وكانت السيدة الشابة تهتم بأناقتها وتلفت الانتباه في الحفلات الخاصة. وفي بلادها أسهمت في إطلاق مؤسسات وجمعيات مدنية تعنى بقضايا المرأة وتحسين ظروفها الاجتماعية. كما اهتمت أسماء الأخرس بالطفولة، وكان لها اهتمام خاص بأطفال المخيمات، وحاولت التقرب من شعبها الذي لم تعرفه إلا قبل سنوات، فقد عاشت حياتها في لندن مع عائلتها، بعيدة عن سورية ولم تعرف معاناة أبناء جيلها.
وتقول مجلة «فوغ» المتخصصة في الأزياء والجمال « إنها (أسماء) أكثر السيدات الأُوليات انتعاشاً وجاذبية».
وتشبّه المجلة سيدة سورية الأولى بزوجة ملك فرنسا لويس السادس العاشر، ماري أنطوانيت، التي اشتهرت بالكاريزمية، إلا أن زوجها كان ضعيف الشخصية. ويقول دبلوماسي غربي، إن الأخرس تعلم جيدا ما يجري في بلادها لكن لا تمتلك «هامشاً للمناورة في نظام الأسد». وهي لا تستطيع التواصل أو حتى الخروج من دمشق، وبالتالي فهي إلى جانب زوجها في «الحلو والمر». وقد تلقى مصير ملك فرنسا وزوجته، إذ نفذ فيهما حكما الإعدام، وطويت صفحة الملكية للأبد.