حملة صامتة لاسترداد أموال الطغاة العرب في أوروبــا
لم يكن من السهل العثور على الثروات التي نهبها الحكام الديكتاتوريون بعد سقوطهم، خلال الثورات العربية، فقد تبين أن هؤلاء برفقة المقربين منهم أمضوا وقتاً طويلاً في تجميع الأموال وإخفائها في أماكن آمنة، وبات من الصعب الوصول إلى أغلب هذه الأموال.
ففي ليبيا اكتشف المحققون مليارات الدولارات في بنوك سويسرية لم يتم تجميدها، في أرصدة لأشخاص غير معروفين.
وفي تونس ومصر تتعقب الحكومتان الجديدتان آثار الأصول والأرصدة المنهوبة، ويقال ان قيمتها تقدر بالمليارات. ويواجه المحققون في البلدان الثلاثة عقبات كبيرة في تتبع واستعادة تلك الأموال، فالأموال الليبية، مثلاً، تم توظيفها في استثمارات أجنبية معقدة، اضفت عليها قدراً من الشرعية. وفي سابقة خطيرة قتل وزير النفط الليبي السابق شكري غانم في فيينا، قبل شهرين، بعد اتصاله بالحكومة الليبية الجديدة وإبداء رغبته في الكشف عن صفقات مشبوهة أبرمت في عهد العقيد معمر القذافي، مقابل الحصانة ضد المحاكمة.
مبارك و 40 مليار دولار يقول مراقبون انه في غاية الصعوبة معرفة حجم الأموال التي تنهبها مبارك، والتي قدرت بنحو 40 مليار دولار. ما يجعل الرجل على قائمة أثرياء العالم، إلى جانب كارلوس سليم وبيل غيتس وغيرهما. وفي المقابل يعد ما يحصل عليه الفرد في مصر قليلاً جداً مقارنة بقدراته التي لا تقل عن تلك الموجودة في البلدان الغربية. والضرر الكبير الذي أحدثة نظام مبارك لا يتوقف عند نهب الأموال، بل يتمثل في أن النظام الذي سمح لهؤلاء بالنهب دمر فرص الآخرين في الحصول على الثروات.
|
وحسب بشير صالح، المقرب من القذافي، فإن الوزير المقتول يكون الوحيد الذي يعلم مصير سبعة مليارات دولار استثمرت في مشروعات بالقارة السمراء. وإلى حد الآن لم يتم استرجاع أي من الأصول المزعومة، ما عدا منزل بقيمة 15 مليون دولار يمتلكه الساعدي القذافي في لندن، وطائرتين تعودان للرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي، استرجعتا من فرنسا وسويسرا، وتقدر قيمتهما بنحو 30 مليون دولار.
ووزعت الثروات المنهوبة على عدد من الدول، ولايزال بإمكان عائلات الحكام المخلوعين الوصول إلى تلك الأصول بوساطة سماسرة الظل.
ويقول المحقق في قضايا الفساد في مجموعة «غلوبل وتنس»، روبرت بالمر، أن «استرجاع هذه الأصول ليس أمراً هيناً»، موضحاً «يجب إيجاد هذه الأصول أولاً ثم يجب إثبات ملكية السياسيين المعنيين لها، وتالياً يتعين إثبات تهمة الفساد بحق هؤلاء، وذلك يحتاج إلى جمع للأدلة، الأمر الذي يعد مكلفاً وصعباً ومستهلكاً للوقت».
وحتى إن عثر على الأموال وتم تجميدها فإن عملية استرجاعها تأخذ وقتاً طويلاً، ما تؤدي إلى نشوب توتر بين حكومات الربيع العربي والغرب، فقد رفعت هيئة الكسب غير المشروع الحكومية في مصر قضية ضد الخزانة البريطانية، في مارس الماضي، في محاولة لحملها على إعادة 135 مليون دولار مودعة في حسابات 19 شخصاً من الدائرة المقربة من الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك. ومن جهتهم أكد المسؤولون البريطانيون أن القانون يستلزم تقديم الأدلة الجنائية.
ولاتزال السلطات السويسرية تجمد 450 مليون دولار تعود لعائلة مبارك، في انتظار الفصل في ادعاءات الحكومة المصرية. وفي ليبيا بلغت قيمة الأصول في الخارج نحو 160 مليار دولار، قبل اندلاع الثورة، إلا أن الكثير من هذه الأموال لم يُجمد نظراً لغياب المعلومات عن مكان وجودها أو عدم رغبة الحكومات الأجنبية في تجميدها. وقالت مصادر في الأمم المتحدة إن دولاً إفريقية أحجمت عن إعطاء معلومات عن الأصول الليبية، وبعضها قدم معلومات خاطئة. ويعتقد أن بشير صالح (66 عاماً) هو الرجل الوحيد الذي يعرف خبايا الاستثمارات الليبية في إفريقيا التي لم يتم توثيقها بشكل رسمي، ويذكر أن طرابلس استثمرت بالمليارات في بلدان افريقية في قطاعات شملت الاتصالات والبنوك الفنادق.