البعض رأى أنه لا يمت للواقع بصلة وأنه مهين

اشتداد الهجمة على «سرايا عابدين» واقترابها من ساحة القضاء

العمل أثار موجة من الجدل. أرشيفية

تواصلت حملة الانتقادات على مسلسل «سرايا عابدين» منذ اليوم الأول لعرضه في القنوات المصرية، وشارك في الحملة مؤرخون ونقاد وصحافيون كثر، حتى أصبح الهجوم على المسلسل وكشف أخطائه خبرين يكادان يكونان يومياً في الصحافة المصرية، لكن نقطة التحول الجديدة في الحملة، هي إصدار الملك أحمد فؤاد الثاني، سليل الأسرة العلوية التي حكمت مصر من عام 1805 وحتى عام 1952، بياناً حاد اللهجة، اعتبر فيه أن المسلسل جاء مليئاً بالإهانات والتهم الكاذبة، فيما لوح مؤرخ الأسرة العلوية، ماجد فرج، بشروعه في اتخاذ إجراءات قضائية.

وتفصيلاً، تواصلت الحملة على مسلسل «سرايا عابدين» منذ اليوم الأول في رمضان، وأصبح انتقاده من قبل أساتذة التاريخ في الجامعات والنقاد مادة ثابتة في الصحف المطبوعة وبرامج «التوك شو» والفضائيات.

وقال رئيس تحرير مجلة «المقتطف المصري» التاريخية والباحث في التاريخ المعاصر، الدكتور وائل إبراهيم الدسوقي، لـ«الإمارات اليوم» إن «أبرز السقطات التاريخية في مسلسل (سرايا عابدين) أنه في الحلقة الأولى كان هناك مشهد يقول فيه إسماعيل لأحد موظفيه إن يوم ميلاده سيكون يوم إعلان تأسيس البرلمان المصري، في تحدٍّ للباب العالي في الأستانة، وهنا وقع في أول خطأ، وهو أن شهر ميلاد إسماعيل تقريبا كان ديسمبر 1830 وشهر إعلان تأسيس البرلمان هو نوفمبر 1866، بمعنى أن هناك فرق توقيت لم تنتبه له المؤلفة.

أما الخطأ الثاني الأهم في المسلسل، فهو أن إسماعيل طوال الحلقة التي كان يحتفل فيها بميلاده، كانوا يقولون له «خديوي»، أي قبل أن يحصل على لقب الخديوية بشهور. البعض يفسر هذا على أنه عادة مصرية، بإلقاء ألقاب في غير محلها، مثل ضابط الشرطة الذي يعطونه لقب «باشا» في أيامنا هذه في مصر، لكننا نتكلم عن بروتوكولات حيث إن اللقب بحساب، والكلمة تراجع ألف مرة قبل أن تنطق».

وتابع الدسوقي «هناك مشكلة أخرى أنه من بداية الحلقات من المفترض أن قصر عابدين لم يكن بني بعد، لأن إسماعيل قرر شراء قصر عابدين باشا (وهو أحد قادة جيوش جده محمد علي باشا الكبير) من أرملته، مع بداية حكمه سنة 1863 وهدمه، كما قرر أن يبنى مقر حكم جديداً بعيداً عن القلعة، لإيمانه بأن الحاكم لابد أن يلتحم بشعبه ولا يكون بينهما سور عالٍ. وربما تأثر في هذا بفرنسا ومبادئ ثورتها، وقد انتقل إلى القصر سنة 1872، أي بعد بداية المسلسل تقريباً بست سنوات».

واستطرد الدكتور الدسوقي «هناك أخطاء تتعلق أيضاً بكثرة الجواري في المسلسل، خصوصاً مع معرفتنا بأن الخديوي إسماعيل كان بدأ حربه ضد تجارة الرقيق في مصر وإفريقيا، تزامناً مع الحرب ضدها في أوروبا وأميركا، وليس من المنطقي أن يكون قصره مليئاً بالجواري وهو يحارب تجارتها».

وعنونت جريدة «القدس العربي»، أخيراً، مقالاً انتقادياً بعنوان «عشرة أخطاء في مسلسل سرايا عابدين»، كما هاجم أستاذ التاريخ بجامعة عين شمس، الدكتور جمال شقرة، أيضاً، في تصريحات إعلامية أخطاء جديدة في المسلسل، وأشار إلى أن «اتهام الخديوي بقتل أخيه أمر عارٍ تماماً من الصحة، فلم يكن له أي دخل في حادثة وقوع الأمير أحمد رفعت بعربته في ترعة، كما أن اتهامه أيضاً بأنه زير نساء أمر مبالغ فيه، وهو محاولة لنقل ما كان يجري في قصور السلطان العثماني سليم الأول».

وتابع شقرة أن «اتهام خوشيار بأنها تكره المصريين والمصريات فيه إجحاف لصاحبة جامع الرفاعي، وهو تحفة معمارية، فضلاً عن تشجيعها لتعليم البنات وتأسيسها مدرسة، في ما بعد أصبحت مدرسة السنية، التي خرجت منها مظاهرات 1919».

من ناحيتها، قالت الناقدة، ماجدة خيرالله «منذ اللحظات الأولى يستشعر المشاهد مقارنة تكاد تكون متطابقة مع المسلسل التركي حريم السلطان، ونقل مشاهد بالحرف وبالمسطرة».

لكن أسرة المسلسل، على الصعيد المقابل، لم تتراجع أمام سيل الانتقادات، واعتبرت أنها تنتج عملاً درامياً، وليس عملاً توثيقياً تاريخياً.

وقالت الكاتبة الكويتية مؤلفة سيناريو المسلسل، هبة مشاري، في مقابلة تلفزيونية أخيراً «إن صناع المسلسل على علم بكل الأخطاء التاريخية التي تم الإعلان عنها في المواقع والصحف، وإن قصة العمل مستوحاة من التاريخ، ولا تهدف إلى توثيق مرحلة تاريخية محددة». وتابعت مشاري أنها «تعمدت تجاهل تفاصيل تاريخية، حتى لا يكون العمل مملاً، وبطريقة تحمل قدراً من الخيال والتحرر».

من جهته، أصدر الملك أحمد فؤاد بياناً استنكر فيه ما سماه تزييف التاريخ المصري في «سرايا عابدين»، وطالب بوقف المسلسل ووصفه بالمهزلة. وقال الملك أحمد فؤاد في البيان «تابعت المسلسل ظناً مني أنه سيكون منصفاً لتاريخ الخديوي إسماعيل باشا، الذي يعد واحداً من أهم وأعظم حكام مصر، والشريك الأساسي لجده محمد علي باشا، في بعث نهضة الوطن الغالي، وباني مجده ورفعته»، وأضاف «بدلاً من إبراز إنجازات الخديوي، اهتم منتجو المسلسل بجانب لا وجود له إلا في خيالهم، ولا يمت للواقع بصلة، وأبسط ما يقال عنه إنه مهين».

من جهته هاجم مؤرخ الأسرة العلوية، الدكتور ماجد فرج، المسلسل، وأعلن اعتزامه رفع دعوى قضائيه ضد القائمين على العمل وضد الجهات التي سمحت بقبول هذا العمل، لكن «الإمارات اليوم» لم تتمكن من التثبت، ما إذا كان قد اتخذ خطوات رسمية تجاه رفع الدعوى القضائية أم لا.

وقال فرج في مداخلة تلفزيونية في برنامج «رمضان بلدنا» مطلع الأسبوع الجاري، إن هذه النوعية من الأعمال ليس المقصود منها سوى «مداعبة الخيال الجنسي عند المشاهد» واعتبر العمل مهيناً لمصر.

 

تويتر