بيانا «الأزهر» و«الإفتاء» حسما الموقف
ضغط شعبي يوقف عرض برنامج «الراقصة» في مصر
أجبرت ضغوط شعبية، كان في القلب منها بيان أصدرته مجموعة من علماء الأزهر، منتجي برنامج «الراقصة» الذي اتهم بترويج العري والإباحية، على التراجع المؤقت ووقف عرض البرنامج على قناة «القاهرة والناس»، الذي تقدمه الفنانة الاستعراضية دينا بعد خروج الحلقة الأولى للنور، وبينما قال بيان التراجع الذي اصدرته القناة، إن الوقف قد تم مراعاة لحالة الحداد التي تعيشها مصر، رفض بعض علماء الأزهر قبول هذه الصيغة الملتبسة في التعامل مع الموقف، وطالبوا بموقف صريح يرفض العودة إلى هذا البرنامج وأمثاله بشكل مطلق.
البناء والتنمية شدّدت دار الإفتاء المصرية على أن «الظرف الدقيق الذي تمر به مصر حالياً، يحتم على الجميع أن يلتفتوا إلى قضايا البناء والتنمية والأخذ بأسباب التقدم والرقي، في معالجة التحديات الكبرى التي تواجه الوطن مثل الأمية والبطالة، والمرض والتطرف والإرهاب، دون إغفال التنمية الحقيقية لبناء منظومة الأخلاق التي هي عماد الأمم جميعاً، فما بالنا بأمة جاء رسولها ليتمم مكارم الأخلاق التي بدأت برسالات إخوته السابقين من الأنبياء والمرسلين». على صعيد موازٍ، رحب رئيس المركز القومي للبحوث السابق، الدكتور هاني الناظر، بإيقاف إذاعة برنامج الراقصة بعد حلقة واحدة من عرضه، وقال: «الرأي العام المحترم يمثل قوة فعالة ضد محاولات هدم القيم». الطريف في الأمر أن البرنامج قبل ثورة الرأي العام عليه شهد مناوشات لافتة، حيث استبعدت الفنانة الاستعراضية «دينا»، الراقصة «برديس» المعروفة بلقب «شبيهة صافيناز»، من البرنامج. وعلقت «دينا» بقولها: «رقصها غريب قوي»، وهو ما فسره بعض متابعي البرنامج على مواقع التواصل الاجتماعي بأنه «غيرة مهنية». |
وتفصيلاً، شهدت الساحة السياسية والإعلامية في مصر تجاذباً في الأيام الثلاثة الماضية حول برنامج «الراقصة»، الذي تقوم فكرته على إجراء مسابقة بين الفتيات لاختيار أمهر راقصة. وبثت فضائية «القاهرة والناس» الاثنين الماضي الحلقة الأولى من البرنامج، وتضمن ما اسمته بـالاختبار اﻷول للمتسابقات في الرقص الشرقي، وظهرت فيه متسابقات مصريات وروسيات وأوكرانيات وغيرهن من جنسيات أخرى، ولعبت دور المحكمة الفنية فيه الراقصة دينا. ودارت الحلقة ايضاً حول التحضيرات للبرنامج وبدء تقدم الفتيات للمشاركة، والتصفيات الأولية التي تمت بينهن حتى الوصول إلى اختيار 27 راقصة سيتنافسن في البرنامج للحصول على لقب «أفضل راقصة».
وقد بدأ رد الفعل الشعبي الغاضب عقب بث الحلقة مباشرة، إذ تقدم خطيب الثورة العالم الأزهري مظهر شاهين، عبر محاميه سمير صبري ببلاغ يطالب فيه بوقف البرنامج، كما أصدر مع مجموعة من علماء الأزهر، معروفة بالاستنارة وبمحاربتها للإرهاب والتطرف بياناً عنوانه «هذا بيان للناس»، والمجموعة ضمت الداعية خالد الجندي والدكتور أحمد كريمة والدكتورة آمنة نصير والدكتورة سعاد صالح وهما أستاذتان بجامعة الأزهر، والشيخ أحمد ترك وهو عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلاميه، واعتبر البيان البرنامج خارجاً عن صحيح الدين من جهة وداعماً لقوى التطرف في الظروف التي يمر بها الوطن من جهة أخرى. وقال العالم الأزهري والكاتب الإسلامي امام مسجد عمرو بن العاص بدمياط الدكتور علي عطية، لـ«الإمارات اليوم»: إن «علماء الأزهر حين يصدرون هذا البيان لا ينطلقون من مبدأ فرض وصاية ولا ممارسة سلطة، وإنما من باب النصح وإظهار الحلال والحرام للناس، وعلى اصحاب القرار بعد ذلك أن يفعلوا كما يشاؤون».
وتابع عطية «أن التوقيت حساس جداً، وإننا حين نفسح المجال لهذا النوع من البرامج التي تروج للفحش والإباحية، فإننا نساعد دون أن نقصد قوى التطرف والتشدد وجماعات العنف، حيث يمكن ان تستغل هذه الجماعات هذه الأشياء وتقول للناس إن هؤلاء هم اعداء الإسلام»، وشدد عطية على ضرورة التأكيد على أمرين، أن الرقص الشرقي بالمعنى الذي تظهر فيه المرأة عارية حرام بيّن، وأن هذا لا يعني أن هذا موقف من الفن الذي يقدم رسالة سامية، وأن مجتمعنا الشرقي والعربي والإسلامي سمته الأساسية الفضيلة، والاحتشام والحفاظ على كرامة المرأة.
بدورها تراجعت قناة «القاهرة والناس» عن بث البرنامج وأوقفته بحجة «الحداد والتعاطف مع ضحايا الحوادث الإرهابية»، حسب بيان لها. وتابع البيان: «لا تملك (القاهرة والناس)، سوى أن تضع علامة الحداد على شاشتها عزاءً ومواساة لهؤلاء الضحايا الأبرياء، امتداداً لذلك تعلن القناة عن إعادة النظر في عرض البرنامج، الترفيهي، الذي حرصت القناة على أن يكون مصدراً للبهجة الراقية وتأكيداً لفن مصري أصيل يشاركنا أفراحنا، وكل مناسباتنا الطيبة، فناً يتلهف إليه العالم ويفتح له مدارس وأكاديميات». واختتم البيان: «التزاماً بهذه المبادئ ترجئ إدارة القناة إذاعة برنامج (الراقصة)، كما أرجأته من قبل، في مثل هذه الظروف».
لكن خطيب ميدان التحرير، مظهر شاهين، رفض إرجاء البرنامج وطالب بوقفه، كما رفض قبول أي حجة أخرى تلتف حول الاعتراف بحرمته وإباحيته. وقال مظهر شاهين في مداخلة مع الإعلامية هالة سرحان على قناة «إم بي سي مصر» في برنامج «آن الأوان» أمس (الأربعاء)، «عدم عرض البرنامج أمر جيد، لكن لماذا لا يتم وقفه نهائياً، ولماذا لا يقال إن السبب الحقيقي لوقفه هو الاعتراف برفض الإباحية». وفي تطور لافت، تراجعت سرحان بعد استضافة شاهين عن استضافة كاتبة ليبرالية مدافعة عن البرنامج، وانتقلت إلى الفقرة التالية في برنامجها مباشرة.
من جهتها، دخلت دار الإفتاء المصرية أمس على الخط، وطالبت بضرورة وقف برنامج «الراقصة» معللة ذلك بأنه مفسدة للأخلاق.
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news