«ريبورتاج» صحافي قديم يثير ضجة حول تاريخ الملك فاروق
أثار «ريبورتاج» صحافي قديم سلط عليه الضوء معرض «مصر في ذاكرة الصحافة» بقصر الأمير محمد علي في المنيل بالقاهرة، جدلاً حول صحة المعلومات الواردة فيه بشأن تبرع الملك فاروق مطلع عام 1952 بمبلغ 3000 جنيه للمقاومة السرية المسلحة ضد الاحتلال الإنجليزي في منطقة القناة، ورفض مؤرخون وباحثون المعلومة باعتبار أن ورودها في صحيفة لا يصبغ عليها صفة «التوثيق»، لكن آخرين دعوا إلى عدم «تسييس» التاريخ، مذكرين بكتابات سابقة نوهت بما اعتبرته انحيازات وطنية للملك فاروق.
وكان معرض «مصر في ذاكرة الصحافة» قد عرض في مطلع فعالياته نسخة من صحيفة «أخبار اليوم» في 31 مايو 1952، أي قبل شهر واحد من حركة الجيش في 23 يوليو 1952 للإطاحة به، وعنوانها «سر خطير يذاع للمرة الأولى.. الملك فاروق يتبرع بـ3000 جنيه لكتائب التحرير». واستطرد الخبر الذي تصدر مساحة كبيرة في الصفحة الأولى وحرره مؤسس ورئيس تحرير «أخبار اليوم» الصحافي الراحل مصطفى أمين، أن «الرسالة الملكية الأخيرة كانت فرصة لإذاعة سر تبرع قارئ مجهول لكتائب التحرير عن طريق (أخبار اليوم) بمبلغ 3000 جنيه».
نبيل متواضع الحارس الخاص للملك فاروق، وعميد كلية التجارة السابق، الدكتور عبدالمنعم جنيد، أثار ضجة مماثلة العام الماضي حين أكد في حديث لصحيفة «الوفد» المصرية، أن الملك فاروق اتسم بسمات تضمنت جوانب مختلفة عن الصورة النمطية السائدة، وأنه كان «نبيلاً متواضعاً، ووطنياً جداً». |
وسردت الصحيفة القصة الإخبارية كاملة حين «دق جرس التليفون السري في (أخبار اليوم)، وقال المتحدث إن قارئاً مجهولاً يريد أن يتبرع للفدائيين عن طريق (أخبار اليوم)، وظن المتلقي أن المتصل يداعبه، فالرقم السري غير معروف وغير مكتوب ولا يعرفه إلا عدد قليل من الناس». وتابعت الصحيفة «في اليوم التالي أرسل القارئ المجهول خطاباً مسجلاً للصحيفة قال فيه: إلى مصطفى أمين صاحب دار أخبار اليوم، تحيات مصري إلى المجاهدين من الفدائيين الذين استرخصوا الحياة في سبيل بلادهم، وبذلوا الدم من أجلها ووهبوا أرواحهم فداها، إنني وإن كنت لا أستطيع مشاطرتهم الجهاد، فلا أقل من أن أقدم لهم مما أفاء الله به علي من نعمة، لذا يسعدني إرسال الشيك رقم 48428 على البنك الأهلي المصري بمبلغ 3000 جنيه مصري آملاً وصوله إلى المجاهدين، وآملاً أن يوزع على كتيبة جامعة فؤاد الأول (700 جنيه)، كتيبة جامعة فاروق الأول (500 جنيه)، كتيبة جامعة إبراهيم (400 جنيه)، كتيبة الأزهر (400 جنيه)، كتيبة أحمد عبدالعزيز (400 جنيه)، كتيبة لجنة الشرقية (400 جنيه)، كتائب أخرى (200 جنيه)».
وقد استُقبل «الريبورتاج» المنشور في المعرض بردود فعل متباينة.
وقال المؤرخ المصري، عميد كلية آداب حلوان السابق، وعضو الجمعية التاريخية الدكتور عاصم الدسوقي، لـ«الإمارات اليوم»، إن «هذا خبر غير حقيقي، وكل ما هنالك أنه بعد إعلان مصطفى النحاس رئيس الحكومة إلغاء معاهدة 1936 في 8 أكتوبر 1951، قامت الحكومة بتشجيع العمال المصريين الذين يعملون بمعسكرات الجيش البريطاني على ترك العمل، والمقاولين على الامتناع عن توريد مواد غذائية للاحتلال، وبدأت المقاومة المسلحة، لكن لا يذكر المعاصرون لتلك الفترة أن الملك فاروق تبرع بأي مبلغ لكتائب التحرير، لا يوجد مرجع قال ذلك». وتابع الدكتور عاصم الدسوقي «كذلك فإن تأسيس (أخبار اليوم) جاء بموافقة القصر الملكي وتمويله لكي تتم الموازنة مع صحيفة (الوفد)، وفي الوثائق البريطانية تقارير تشير إلى أن أمين يوسف والد مصطفى أمين كان يتعامل مع السفير البريطاني وينقل لهم الأخبار».
وقال الباحث في التاريخ وعضو ائتلاف ثورة 25 يناير بالصعيد أحمد فؤاد، لـ«الإمارات اليوم» إن «نشر الخبر في صدر معرض وعمل ضجة حوله يشي بأن هناك محاولة لتبييض تاريخ الملك فاروق، وإعادة تقييمه كثائر وطني وسط جيل تربى على أن 23 يوليو 1952 أطاحت بالملك لفساده وتواطئه مع الاحتلال الإنجليزي».
يذكر أن الحارس الخاص للملك فاروق، وعميد كلية التجارة السابق، الدكتور عبدالمنعم جنيد، قد أثار ضجة مماثلة العام الماضي حين أكد في حديث لصحيفة «الوفد» المصرية، أن الملك فاروق اتسم بسمات تضمنت جوانب مختلفة عن الصورة النمطية السائدة، وأنه كان «نبيلاً متواضعاً، ووطنياً جداً، أحب مصر وشعبه، شرقياً متديناً، لم يشرب الخمور ولم يعشق النساء قط، وأن تسليته الوحيدة الذهاب لنادي السيارات ولعب الكارت للتسلية».