أفلت من سطو السلطان حسين كامل ومغامرات «عبدة الشيطان».. وجيرانه يؤكّدون أنه مسكون

القاهرة تنفي شائعة بيع قصر البارون إمبان

القصر تعرّض للإهمال الشديد ما أثر على بنيته. الإمارات اليوم

أفلت قصر مؤسس مصر الجديدة، البارون امبان بحي مصر الجديدة أمس، وللمرة الثالثة في تاريخه من محاولات اختطافه، حيث حاول السطو عليه قبل ذلك السلطان حسين كامل (1914-1917)، لكن صاحبه رفض واضطر إلى ان يبني له قصراً مقابل ذلك، ثم سطت عليه جماعة «عبدة الشيطان» حين كانت تحتله ليلاً وتمارس فيه طقوسها المهووسة عام 1997 حتى قبضت عليها الشرطة المصرية، ثم انتشرت شائعة بيعه، رغم ملكيته الحكومية، بثمن بخس 7.6 ملايين جنيه.

يعود تاريخ القصرالغريب الى عام 1905 حين بناه المليونير البلجيكي، البارون امبان، وهو راجع من رحلة الى الهند، ويتميز برسوم غريبة على جدرانه لجماجم وطلاسم، وطيور محنطة. وبني القصر على قاعدة مثبتة على رمان بلي، بحيث يمكن تحريكه، إلا أن القاعدة أصيبت الآن بالصدأ.

مواصفات

مساحة القصر ستة أفدنة ونصف الفدان، أي نحو 30 ألف متر مربع، وحديقته كانت مزروعة بالموالح، ولكن قطع عنها الماء فجفت. وعلى جدرانه تماثيل رائعة من المرمر ورقصات من الهند، وأفيال، وفرسان يحملون السيوف، وحيوانات أسطورية متكئة على الجدران.

ملكية

انتقلت ملكية القصر أخيراً، إلى المجلس الأعلى للآثار بعد فترة طويلة عانى فيها إهمال ورثته، الذين باعوه إلى مالكين أحدهما سعودي وآخر سوري.

ويقول المؤرخ حسين فوزي إن «البارون إدوار إمبان ارتبط بمشروعات عملاقة في أوربا، وتقدم إلى الحكومة المصرية بطلب إنشاء ضاحية مصر الجديدة، على مساحة كبيرة من الأراضي الصحراوية بسعر جنيه واحد للفدان، كما أقام البارون شركة المياه والكهرباء، ومترو مصر الجديدة، وختم إنجازاته ببناء القصر عام 1872. ويضيف أن «مساحة القصر ستة أفدنة ونصف الفدان، وحديقته كانت كلها موالح ولكن مُنع الماء عن القصر فجفت، وعلى جدرانه تماثيل رائعة من المرمر ورقصات من الهند، وأفيال ترفع النوافذ، وفرسان يحملون السيوف، وحيوانات أسطورية متكئة على جدران القصر، ونموذج لبوذا». والقصر من تصميم الفنان الفرنسي العالمي «الكسندر مارسيل»، والأسلوب الآخر وهو بناء القصر نفسه، ينتمي إلى الطراز الهندي بقبته الطويلة المحلاة بتماثيل بوذا، والحجرات مزينة بتماثيل من القصص الهندية الخرافية، وقد صمم القصر بحيث لا تغيب عنه الشمس، فهو يدور فوق عجلات متحركة، فقد صب العمال المصريون ولأول مرة تحت إشراف مهندسين من بلجيكا وإيطاليا، اكبر قاعدة خرسانية ترتكز على رومان بلي. ويقول المرشد السياحي محمد عبدالظاهر «على الرغم من أن مصر الجديدة تضم قصوراً تاريخية فريدة، مثل قصر إبراهيم باشا عبدالهادي وقصر آل لملوم، وقصر باغوص باشا نوبار، ودائرة ادهم باشا، وقصر السلطان حسين، الا أن قصر البارون امبان يظل الأبرز والأكثر قيمة من الناحية المعمارية».

هذا وقد تردد عن القصر حكايات وحوادث غريبة، حيث قيل إن زوجة البارون ماتت بعد أن حشرت في المصعد، ثم دخلت ابنته سيلفيا -التي شاهدت حادث مقتل امها بحسب الروايات- في حالة نفسية غريبة وشاذة بتأثير صديقتها آن التي قادتها الى طقوس «عبادة الشيطان»، كما نقلت كتب ومقالات صحافية روايات عن مقتل ست خادمات ثم رئيستهن، ثم شقيق البارون، ثم ابنته سيلفيا، ما اضطره الى مغادرة القصر، والذهاب إلى النمسا.

وفي عام 1997، تجددت الحكايات الغريبة حول القصر بعد أن اصبح وكراً لأفراد «عبدة الشيطان» الذين كانوا يحتلونه ليلاً ليمارسوا طقوسهم، حتى القت القبض عليهم السلطات المصرية.

ويقول المحرر الثقافي ايمن كمال إن «أولى الحفلات التي شهدها القصر كانت بمناسبة حفل افتتاحه وحضرها السلطان حسين كامل حاكم مصر آنذاك حيث أعجبه القصر، وحاول السطو عليه، لكن البارون الذي لم يكن يمكنه تحديه قام ببناء قصر آخر منحه كامل لزوجته الأميرة ملك (مدرسة مصر الجديدة النموذجية بنات حالياً)، واضطر البارون إلى ترك مصر فترة من الزمن خوفاً من السلطان».

وقالت الخبيرة الأثرية سوزان الدالي في تصريحات إعلامية، ان ملكية القصر انتقلت أخيراً إلى المجلس الأعلى للآثار.

وفي الاحتفال بمرور 100 عام على إنشاء الحي، تقرر إقامة الحفل في القصر فقامت وزارة الإسكان بتعويض ورثة الملاك بقطع أراض في القاهرة الجديدة مقابل تنازلهم عن القصر، وفي عام 2007 تنازلت عنه وزارة الإسكان لمصلحة وزارة الثقافة دون مقابل.

ونشرت صحف مصرية اول من امس، نبأ مغلوطاً عن بيع القصر لمستثمرين عقاريين بمبلغ بخس وهو 7.6 ملايين جنيه، والتبس الأمر على وسائل الإعلام والفضائيات المصرية بعد تأكدها من بيع عقار مملوك لورثة البارون امبان، وبعد أن صرح مسؤولون بـ «إحالة أربعة مسؤولين ببنك ناصر للنيابة العامة في قضية بيع قصر البارون»، خرج بعدها بيان وزارة الآثار اول من امس، ليؤكد فعلاً وجود اجراءات ضد عقار مملوك للبارون امبان، وفي مصر الجديدة، لكنه لا يخص القصر الشهير.

وقد أكد الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار بمصر د. مصطفى أمين في بيان ارسل المجلس نسخة منه لـ«الإمارات اليوم»: «عدم صحة خبر بيع قصر البارون إمبان بشارع العروبة بمنطقة مصر الجديدة». وأوضح البيان أن الإجراءات التي اتخذتها النيابة الإدارية أخيراً ضد موظفين ببنك ناصر الاجتماعي، تخص العقار رقم 9 بشارع الثورة بمنطقة مصر الجديدة، وأضاف أنه كان مملوكاً بدوره للبارون إمبان، ما أدى إلى الخلط بينه وبين العقار الأثري الموجود بشارع العروبة. وأشار البيان إلى «أن قصر البارون إمبان مسجل في عداد الآثار الإسلامية والقبطية بقرار مجلس الوزراء رقم 1297 لسنة 1993».

 

تويتر