محفوظ كان ينزعج من الانتقاد. أرشيفية

كاتب مصري: أجنبية سطت على أموال «نوبل» نجيب محفوظ

كشف الكاتب والروائي المصري، عبده جبير، تفاصيل إنسانية تنشر للمرة الأولى عن حياة الروائي الكبير الراحل الحاصل على جائزة نوبل، نجيب محفوظ، تضمنت وقائع موثقة عن قابلية محفوظ للغضب لدى انتقاده، على غير ما عُرف عنه، ووقائع اللحظات الأولى لفوزه بـ«نوبل» وتعرّضه «للنصب» من أجنبية سطت على فلوسه من الجائزة، وخلفية كراهيته للسفر، وتسبب عدم ثراه أو وجود سند سياسي له في قبول منطق المخرج حسن الإمام في اخراج أعماله التي امتلأت سينمائياً بالكباريهات والراقصات.

احتيال

سرد جبير تفاصيل سرقة أموال جائزة نوبل من محفوظ، على يد فرنسية من أصل عربي، بحجة انها رئيسة جمعية أدبية في فرنسا مهمومة بنقل أدب محفوظ إلى الفرنسية، ووقعت معه عقوداً تقضي بترجمة أعماله، ثم رفعت عليه دعوى قضائية، بعد نشر موضوع في صحيفة لوموند يفيد بأن الجامعة الاميركية وقعت معه عقداً يقضي بترجمة كل أعماله، ما اضطر محفوظ الذي خضع لهذا الاحتيال ان يدفع لها 80 ألف دولار نصيبه المتبقي في الجائزة، بعد ان منح الباقي لزوجته وابنتيه.

ورصد جبير، المهموم - إضافة إلى إبداعاته الذاتية - بتوثيق الحياة الثقافية وكتابة السير الذاتية لأبرز أسمائها، في كتابه المعنون «بفضل كل الخيال - قصص قصيرة مع نجيب محفوظ»، الذي صدر أخيراً، جانباً خفياً في خصال محفوظ، الذي عرف بموضوعيته ورصانته، وهي قابليته للغضب من النقد، حيث تسبب مقال نشره الكاتب الراحل سليمان فياض في مجلة ترأس تحريرها في يناير 1977 عبده جبير، واسمها «كتب عربية»، وتناول فيها رواية «حضرة المحترم» في إغضاب محفوظ، الذي دخل مقهى ريش بعد صدور المجلة، وسلم على الجميع عدا جبير وفياض، وقال موجهاً كلامه للاخير، وهو يقصد المقال «دي قلة أدب»، ثم قاطع جبير لمدة ثلاث سنوات ورفض الرد عليه، حتى حين كان يبادئه بالسلام.

ونشر جبير في الكتاب المقال كاملاً، حتى يصبح جزءاً من تاريخ محفوظ، خصوصاً بعد أن أصبحت القصة «فضيحة بجلاجل» في المنتديات الثقافية، على حد تعبيره. وانتقل الكتاب إلى جانب آخر من حياة محفوظ، وهو «جوره على رواياته من أجل السينما»، حيث رد على السؤال الذي اختلف حوله الملايين، وهو هل شوه المخرج حسن الإمام أعمال نجيب محفوظ في الثلاثية، فخرجت فضائحية ومثيرة، تجسد حياة العوالم او الراقصات، أم أن محفوظ نفسه كان موافقاً على ذلك؟

وقال جبير في الكتاب: «إن محفوظ قرر اعتبار السينما مجال وجوده الجماهيري العريض، خصوصاً وهو يعرف ان أعداد القراء مهما كان موقع الكاتب الادبي لا تتجاوز الآلاف، وهو يريد ان يصل إلى الملايين، حتى وإن جاء على حساب العمل الادبي، بقبول التنازلات التي يفرضها الانتاج السينمائي المتخلف».

وروى الكتاب اللحظات التاريخية لفوز محفوظ بجائزة نوبل، وحكى عن واقعة غريبة، حيث تسلل الروائي الراحل الذي كان موجوداً وقتها بمنزله، لقضاء قيلولته المعتادة في توقيتها بالدقيقة والثانية، ولينام رغم الزحام المحيط به، تاركاً الجميع يسأل عنه، كما حكى عن تقليدية الرجل، حيث كان يصفق بيديه، فتهرع زوجته «تترك ما في يدها وتركض كالملسوعة تستجيب بما يشبه الخوف أو لنقل الحرص»، وعندما سألها أحد الصحافيين عما اذا كانت تخرج للفسحة معه، تكشف للحاضرين ان «محفوظ لم يخرج معها في حياته سوى مرتين، الاولى يوم وفاة أمه والثانية يوم وفاة أمها».

ثم ينتقل الكتاب بعد ذلك ليحكي تفاصيل سرقة أاموال جائزة نوبل من محفوظ، على يد فرنسية من أصل عربي، بحجة انها رئيسة جمعية أدبية في فرنسا مهمومة بنقل أدب محفوظ إلى الفرنسية، ووقعت معه عقوداً تقضي بترجمة أعماله، ثم رفعت عليه دعوى قضائية، بعد نشر موضوع في صحيفة لوموند يفيد بأن الجامعة الاميركية وقعت معه عقداً يقضي بترجمة كل أعماله، ما اضطر محفوظ الذي خضع لهذا الاحتيال ان يدفع لها 80 ألف دولار نصيبه المتبقي في الجائزة، بعد أن منح الباقي لزوجته وابنتيه. ويتطرق الكاتب إلى سوء حظ نجيب محفوظ في الجوائز، حيث أعطى الـ2000 جنيه التي حصل عليها في جائزة الدولة المصرية عام 1958 لأحد اصدقائه، الذي توسط له ليشتري له فيلا بجانب فيلته، فيتعرض الصديق لحادث سطو يستولي فيه اللصوص على 4000 جنيه، لتطير أحلام محفوظ في شراء فيلا للأبد.

من جهته، قال الروائي عبده جبير لـ«الإمارات اليوم» إنه «نقل بأمانة أبرز الحكايات التي عايشها مع نجيب محفوظ، ولم يحذف أياً منها لأي سبب».

وحول ملابسات لقائه الأول بنجيب محفوظ، قال جبير «إن محفوظ اقترب منه عندما نشر جبير قصته الاولى عام 1969 بعنوان (أمواج) في الملحق الثقافي لجريدة المساء، وسأل محفوظ الحاضرين في مقهى ريش عما إذا كان أحد يعرف كاتب هذه القصة، فوقف جبير وأخبره أنه المقصود، احتضنه محفوظ واحتفى به».

الأكثر مشاركة