رقعة واسعة تضم مطعماً ومحل عصير ومقهى كبيراً
«حارة الصوفية».. دويلة سودانية في قلب وسط القاهرة
نهاية شارع عدلي بوسط القاهرة، وحين تتجه في نهايته يميناً إلى شارع يربط بينه وبين شارع عبدالخالق ثروت، قرب ميدان الأوبرا، تنقطع بك فجأة اللهجة والملامح والأماكن المصرية تدريجياً، وتحل مكانها زميلتها السودانية، لتجد نفسك في رقعة واسعة تضم مطعماً ومحل عصير ومقهى كبيراً وسودانيين، وحارة واسعة مغلقة، وعشرات السودانيين بمختلف اللهجات والسحن السمراء، لحظتها اعلم دون تردد أنك في «حارة الصوفية».
بحسب رواد مقهى السودانية، الذين التقيناهم، تعتبر الحارة عاصمة الجالية السودانية غير الرسمية في القاهرة، حيث يتوجه إليها كل طوائفهم، فالغريب الذي حضر اليوم ويبحث عن «ونسة» مع أهله يتوجه إليها، والراغب في لقاء «بزنس» لا يكون بعيداً عن الأماكن المهمة في العاصمة المصرية يتوجه إليها، وأحد الحضور واسمه «وضاح» ضحك، وقال لنا «بلا مبالغة، بعض السودانيين يأتي من مطار القاهرة الدولي مباشرة إليها، حتى يختصر الوقت فينجز مصالحه، فكل شيء هنا، معرفة كل الأماكن، من السفارة السودانية إلى الطبيب الشاطر، والمستشفى إلى الجامعة، إلى أماكن السودانيين المهمين الموجودين في مصر، إلى الصحبة، إلى الطعام والشراب السوداني، باختصار من يحضر هنا يتحرك بسودان كاملة معه في مصر.
تضم الحارة ثلاثة مقاهٍ، اثنان منها في المداخل، والآخر اسمه «قهوة السودانيين»، تبدأ من نصف الحارة وعلى امتدادها، حتى النهاية، بحيث يصبح من بداخلها يشعر كأنه في منطقة كاملة منفصلة، كما تضم محلاً للعصائر والمشروبات السودانية، التي يستحيل ان تجدها في أي مقهى قاهري، وبجانبها مطعم يقدم أشهى المأكولات السودانية.
دخلنا المطعم بعد الإفطار وقبل السحور، وسألنا العامل عن أهم المأكولات التي يطلبها أي سوداني، فقال دون تردد «العصيدة بالتقلية» (وهي عجين الذرة المخمر بالبصل المحمر)، و«الكِسرة»، أما المشروب فهو «الحلو مر».
هشام، حكى لـ«الإمارات اليوم»، أن الحدود بين المقاهي والمطاعم ومحل العصير، تتلاشى تماماً قبيل أذان المغرب، حيث تتحول «حارة الصوفية» إلى قرية سودانية واحدة وسط قاهرة المعز، اذ يفترش الجميع مناضد الطعام والشراب، ويقتسموا الضحكة والونسة والعفوية السودانية بانطلاق مدفع الإفطار.
منى، سيدة سودانية جميلة وذكيه، تعمل ما يسمونه في السودان «ست الشاي»، وهو اللقب الذي يحبه السودانيون لبائعة المشروبات في المقهى، قالت لـ«الإمارات اليوم»: المكان يجمع ثلاث فئات من السودانيين في مصر، المقيمين بشكل دائم، والعابرين والتجار، وكل واحد من هؤلاء له احتياجاته، الأول يبحث عن الوطن، والثاني يريد رقم هاتفاً أو عنواناً أو مساعدة، أما الثالث فيبغي الربح والتجارة.
أما نادر وهو صاحب أول فاترينة عطارة منذ سبع سنوات، في منتصف شارع القهوة، فمنتجاته كلها سودانية وملابسه كذلك، وهو يتخذها نوعاً من الدعاية لمنتجاته. وقال نادر لـ«الإمارات اليوم»: منتجاتي تأتي من السودان بالباخرة عن طريق وادي حلفا، ونحن ــ السودانيين ــ نحب الروائح الذكية، ونستخدم العطارة في جميع الأكلات، وعندي ايضاً السجائر السودانية (برنجي)، وهي علبة فيها 10 سجائر فقط بثمانية جنيهات، المصري لا يشتريها، لكن السوداني عارفها ولا يشرب غيرها، فالمصري قبل الشراء ينظر إلى الثمن دون الجودة، ولكن السوداني يدفع، لأنه يعرف جودتها، وعندي دواء لعلاج الضغط المرتفع والسكر «هجليج».
وختم هشام حديثه معنا بالقول «أدعوكم إلى المجيء إلى هنا قبل الإفطار، ستجدون عالماً حميمياً رائعاً، بصراحة السوداني الموجود في القاهرة ولا يفطر في حارة الصوفية، يحرم نفسه أشياء كثيرة جداً».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news