يخت «المحروسة».. قطعة بحرية تروي مسيرة 150 عاماً من السياسة
برز «يخت المحروسة» بوصفه «كوشة العرس» في حفل افتتاح قناة السويس الجديدة امس، حيث استقله الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي منفرداً، كما صرح بذلك رئيس هيئة القناة الفريق مهاب مميش، متجهاً للقاء ضيوفه من الملوك والرؤساء، وقد احتل خبر مشاركة اليخت مكاناً بارزاً في الاحتفال، اذ يعتبر من «أقدم وأكبر» يخوت العالم من جهة، ولكونه جزءاً من تطورات سياسية عاصفة شهدتها مصر منذ قرار بنائه الذي صدر عن الخديوي اسماعيل عام 1863، وحتى مشاركته في حدث أمس.
تجديد تم تجديد اليخت بشكل شامل ليشق قناة السويس من جديد، ومازال اليخت يعتبر من أقدم سفن العالم، التي مازالت تبحر، كما يعتبر من أكبر اليخوت في العالم، اذ جاء ترتيبه في عام 2013 السابع، ضمن أكبر 10 يخوت في العالم رغم قدمه. |
وأصدرت مكتبة الاسكندرية كتاباً بعنوان «المحروسة.. رحلة مع اليخت الملكي» للكاتب محمود عزت، الذي يترأس العلاقات الثقافية بمكتبة الاسكندرية، وتم توزيعه على الملوك والرؤساء والأمراء والضيوف الرسميين للحفل، ويحكي الكتاب قصة وتاريخ اليخت.
بدأت قصة اليخت «محروسة»، بحسب اسمه الأصلي، أو «المحروسة»، كما درج البعض على تسميته، بنزوله البحر في أبريل 1865، بعد ان بنته شركة انجليزية تدعى «سامودا» بطول يبلغ 125 متراً وعرض يبلغ 13 متراً، وحمولة تبلغ 3417 متراً، ويسير بالبخار بوقود الفحم، وله مدخنتان، وهو مسلح بثمانية مدافع من طراز أرمسترونج، ويضم خمسة طوابق تشمل جناحاً للأمراء والأميرات، وأربعة مصاعد وكراج خاص بسيارة الملك الحمراء، وحديقة شتوية وصيفية.
وقال الكاتب الصحافي ومؤرخ المقاومة الشعبية، رئيس تحرير كتاب الهلال السابق، محمد الشافعي، لـ«الإمارات اليوم»، إن «استخدام الرئيس السيسي يخت المحروسة له دلالتان أساسيتان، الأولى أن اليخت اصبح تاريخياً رمزاً للدولة المصرية، حيث استخدمه جميع ملوكها ورؤسائها بشكل متواتر منذ اطلاقه، واعتبر بمثابة اليخت الرسمي لرأس السلطة في البلاد، ولابد ان يضع السيسي وهو يخوض معركة استعادة الدولة المصرية في اعتباره هذا المعنى. أما الدلالة الثانية فهي أن يخت المحروسة مرتبط بقناة السويس تاريخياً، سواء عند حفل استقبالها الأول أو بعد التحرير والتعمير، وبالتالي كان لابد ان يبرزه في حفل القناة الجديدة».
وقال الباحث التاريخي خالد عزب في افادات صحافية إنه «قد تم تجديد اليخت بشكل شامل ليشق قناة السويس من جديد، ومازال اليخت يعتبر من أقدم سفن العالم، التي مازالت تبحر، كما يعتبر من أكبر اليخوت في العالم، اذ جاء ترتيبه في عام 2013 السابع، ضمن أكبر 10 يخوت في العالم رغم قدمه».
كان يخت «المحروسة» جزءاً من كل الاحداث المصرية، التي شهدتها مصر منذ الربع الأخير من القرن التاسع عشر، فقد استخدم عام 1867، وبعد عامين من اطلاقه في المياه، في نقل الحملة العسكرية الموجهة لإخماد الثورة في جزيرة كريت، وشارك في حفل افتتاح قناة السويس عام 1869، واستمتع برحلته ملوك وأمراء، من بينهم الامبراطورة أوجيني، كما استخدم في عزل اسماعيل عام 1879 ونقله الى إيطاليا، ثم نقل عباس حلمي الثاني عام 1914 بعد عزله الى تركيا، ونقل الملك فاروق بعد عزله الى إيطاليا، وحمل اليخت شاه إيران السابق محمد رضا بهلوي، خلال رحلته لعقد قرانه على الأميرة فوزية شقيقة الملك. وتم تغيير اسمه إلى «الحرية»، وارتاده الرئيس جمال عبدالناصر عام 1956، وسافر على متنه الرئيس الراحل أنور السادات إلى يافا لزيارة إسرائيل. ويرصد الكاتب رجب البنا في كتاب له بعنوان «فاروق ملكاً وليس ملاكاً» وضعية يخت «المحروسة» الخطيرة في التاريخ المصري، خصوصاً في زلزلة الملك فاروق سياسياً، وسحب البساط من حوله، فيقول إن «الملك فاروق سعى في سنة 1946 الى تجديد هذا اليخت، (المحروسة)، على أن تقوم البحرية البريطانية فى مالطا بعملية التجديد، فطلبت البحرية البريطانية ما قيمته 20 ألف جنيه مصري، بالدولارات، فعاد فاروق وطلب من مجلس الوزراء اصلاح اليخت في شركة ايطالية بالأمر المباشر، وطلب مليون جنيه لذلك من الحكومة، فرفض محمود فهمي النقراشي ذلك، وقدم استقالته. لكن حكومة الوفد الاخيرة وافقت على طلبه، وأضافت عليها 20 ألف جنيه بزعم فرق العملة».