مطبّات تاريخية

بيوت القش في مخيم «تيت أيو» شاهد على المطبات التي يحملها التاريخ للهايتيين.

هناك العشرات الذين يحملون قصصاً بائسة عن خروجهم من الدومينيكان، حيث يكون المرء دومينيكياً قلباً وقالباً، ولكن تكمن المشكلة في أنه ليس لديه الأوراق الثبوتية المناسبة. وبناءً عليه قلة من الهايتيين المولودين هناك يحصلون على الموافقة على بقائهم في ذلك البلد. وكان كثيرون قد بدأوا عملية تسجيل أنفسهم لدى سلطات الدومينيكان، وانتظروا أشهراً عدة ليكتشفوا أنه ليس لديهم ما يكفي من الوثائق التي تؤكد انتماءهم إلى هذا البلد، وأهم هذه الوثائق هي شهادة الميلاد.

 

وقلة قليلة من الدول المانحة أسهمت في تقديم المساعدة خلال هذه الأزمة، ويرجع ذلك إلى أنها كانت أصغر بكثير من كارثة الزلزال من جهة، ولأن وباء الكوليرا، الذي نقل الى هاييتي للمرة الاولى عن طريق قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، كان أقل انتشاراً بكثير مما كان عليه الحال إبان الزلزال. وامتد المرض الآن الى جمهورية الدومينيكان، التي تتعامل مع ثلاث حالات مؤكدة على الاقل، حسبما قاله المسؤولون في هذا البلد.

ومن النادر الآن مشاهدة أي جهود يقوم بها المسؤولون الحكوميون الهايتيون. وكانت السيدة الاولى ورئيس الحكومة قد قاما بزيارة للمخيمات، وكان مساعدوهما قد قدموا أرقام هواتفهما النقالة لقادة المخيمات، ولكن هؤلاء يقولون إنهم عندما حاولوا الاتصال كانت هذه الأرقام مقطوعة.

ويعتبر مخيم «تيت أيو» شاهد على المطبات الكثيرة التي يحملها التاريخ، اذ يقبع في الجبال مطلاً على نهر بدرناليس، وكان قبل نحو 30 عاماً عبارة عن قرية مأهولة بالسكان، كما أن المنازل المصنوعة من القش في تلك المنطقة لاتزال موجودة بأسقفها المتموجة، والمباني المشيدة من الحجارة التي تم جلبها من قاع النهر.

 

ولكن حتى وقت قريب، كانت القرية عبارة عن بلدة أشباح، والسبب الذي جعلها تمتلئ باللاجئين، هو نفسه الذي جعلها مهجورة قبل عقود عدة من الزمن. وخلال الثمانينات من القرن الماضي، ومع اشتعال التوتر بين هاييتي والدومينيكان، أصبحت أعمال العنف عبر الحدود أمراً شائعاً. وعاش سكان «تيت أيو» حياة الرعب والخوف، الأمر الذي دفعهم في نهاية المطاف للهرب وترك المكان، وسكن بعضهم في أعالي الجبال، ولكن لم يبقَ منهم أحد.

 

وفي الربيع الماضي بدأ الهايتيون يصلون تباعاً من جديد إلى مكان القرية التي هجروها سابقاً، مدفوعين بالأسباب ذاتها، وهي النجاة بحياتهم. وكانت المنازل التي هجرت منذ زمن بعيد قد علاها الغبار. بينما راحت بعض العائلات التي تعيش فوق الوادي، والتي هرب بعضها من القرية قبل عقود خلت، ترحّب بالوافدين الجدد.

تويتر