إجماع مصري على أن الدماء والمجازر لا تصلح مادة لبرنامج كوميدي
آدم يتمسك بموقفه الساخر من «شهداء حلب».. و«الحياة» تعتذر
أثار برنامج «بني آدم شو»، الذي تعرّض فيه الفنان الكوميدي المصري أحمد آدم في حلقته قبل الأخيرة لما يجري في حلب من مذابح بالسخرية، انتقادات واسعة عند مثقفين مصريين وسوريين، يرون ضرورة التفريق بين السياسي والإعلامي والسياسي والإنساني، وفي حين أصدرت قناة «الحياة» المصرية، أول من أمس، بياناً اعتذرت فيه عن الحلقة، رفض أحمد آدم الاعتذار، معتبراً أن ما فعله يمثل قناعة شخصية.
وكان أحمد آدم قد سخر في البرنامج من مذابح حلب، حيث قال «وقعدوا يقولوا لك حلب تحترق.. حلب تموت.. قلبوها صويت (صراخ) وعملوها مناحة.. يالهوي يالهوي.. الحق الموت في سورية.. الحق حلب تحترق.. الحقوا الناس بتموت.. الحقوا سورية بتدمر.. مربة قشطه.. ياخرابي يا خرابي!».
ووقع عدد من المثقفين السوريين والمصريين والعرب عريضة تعترض على سخرية آدم، وتعتبرها استخفافاً بالدماء السورية.. كما قرر محامون رفع دعوى قضائية ضد قناة الحياة، ورئيس مجلس إدارتها، وأحمد آدم.
وقد اضطرت قناة «الحياه» نتيجة لتصاعد الموقف، إلى تقديم اعتذار للشعب السوري عما بدر من أحمد آدم، وأكدت في بيان مطول أنها تُكنّ للشعب السوري الشقيق كل الاحترام والتقدير، وان كل المواقف التي اتخذتها طوال السنوات الماضية، هي دعم الشعب السوري، ونقل الخبر بكل صدق واحترافية، بعيداً عن أي مغالطات أو مواقف سياسية.
وأوضحت في البيان أن ما حدث خلال حلقة «بني آدم شو» التي عرضت الأسبوع الماضي، والتي سخر خلالها من «مذبحة حلب»، التي استشهد خلالها أشقاء سوريون، تعبر فقط عن وجهة نظر أحمد آدم، وليس لشبكة تلفزيون «الحياة» دخل من قريب أو من بعيد بما يقال في البرنامج، خصوصاً أن تنفيذ البرنامج يتم مع شركة خاصة تشرف على المحتوى.
وشددت «الحياة» في ختام البيان، أنها ترفض بشكل كامل أي إهانة للشعب السوري على شاشتها، وتتقدم بالاعتذار عن أي إساءة صدرت، وأنها اتخذت موقفاً حاداً جداً تجاه ما حدث، وأن الحلقة المقبلة من «بني آدم شو» ستحتوي على اعتذار كامل لما حدث في الحلقة السابقة.
لكن، وفي الوقت الذي كان الرأي العام ينتظر فيه اعتذار آدم ذاته، كما وعدت قناة «الحياة»، خرج الفنان المصري في حلقته الجديدة، الليلة قبل الماضية، بعرض يؤكد فيه مجدداً تشبثه بموقفه المثير للجدل.
فقد قال آدم في الحلقة الجديدة «أنا فنان، وحذاء كل شهيد في الوطن العربي على راسي، وقلت في فيلم (معلش إحنا بنتبهدل) إن سورية هي المستهدفة بعد العراق، وذلك منذ سنوات». ورفض آدم تقديم أي اعتذار، وتحدى كل من هاجمه متمسكاً بموقفه، وأعاد عرض الفيديو الذي أثار الجدل كاملاً، ثم تبعه بعرض فيديو آخر، قال إنه مفبرك، لطفل سوري يتعرض لإطلاق النار، مؤكداً أن الفيديو تم تصويره بالكامل في «مالطا». وتابع: «من الغباء اعتقاد البعض، أنني أسخر من طفل سوري يُقتل من الجيش السوري».
وقال آدم خلال الحلقة إنه دافع عن حلب الحقيقية، وكان يعرف بأن الحديث عن تزييف الحقائق في سورية، هو دخول في ما سماه «عش الدبابير». على صعيد متصل، اختلف إعلاميون وسياسيون مصريون كالمعتاد على الموقف من سورية، لكنهم أجمعوا على رفض السخرية من الدم والمجازر، واتخاذها مادة لبرنامج كوميدي، كما رفع المحامي المصري يوسف المطعني، قضية حملت رقم 6692 ضد آدم.
وقال الباحث المصري د.عبد الخالق فاروق، أحد الأسماء التي ارتبطت بثورة 25 يناير، «لقد اختلط الحابل بالنابل، واصبح الإعلام جزءاً من الاستخدام السياسي، وأحمد آدم يفعل ما تفعله قنوات عربية ذاته، تنقل صورة مشوّهة عما يحدث في مصر».
وتابع فاروق «نحن حزانى على الدم السوري، وعلى ما يجري في سورية، ونحن ضد ما يفعله النظام، ولكننا ضد جرائم (داعش) و(جيش الإسلام) و(النصرة) في الوقت نفسه». وخلص فاروق «أياً ما كان الموقف السياسي، فنحن ضد ما فعله أحمد آدم، ونعتبر ان ما يراق من دم وما يرتكب من مجازر، لا يصح أن يكون مادة لبرنامج كوميدي».
بدوره اعتذر الإعلامي خالد تليمة، مقدم برنامج «صباح أون» المذاع على قناة «أون تي في» للشعب السوري عما بدر من آدم، وقال تليمة، إن هناك جدلاً وغضباً من المصريين والسوريين، بسبب السخرية من شهداء حلب في هذا البرنامج، وإن ما يحدث في حلب وسورية من الكوارث الإنسانية، نحن نتحمل مسؤوليتها جميعاً».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news