يعملون على الخطوط الأمامية في مواجهة العصابات والصيادين غير الشرعيين

حراس الحياة البرية في حديقة فيرونغا يواجهون الموت يومـياً

صورة

عندما قُتل العميد فينانت موبيري موفيسيفيسي، 35 عاماً، الشهر الماضي، أصبح القتيل، والد الأطفال الأربعة، رقم 150 من حرس الحياة البرية الذين قتلوا خلال العقد الماضي من أفراد أطقم حماية غوريلا الأراضي المنخفضة والأفيال والحياة البرية الأخرى، في حديقة فيرونغا الوطنية، إذ حوصر هذا الرجل وزميله الكونغولي الشاب فيديل مولنغا، من قبل الميليشيات المحلية، ومن ثم تم اعتقالهما وإعدامهما.

20 مليار سنوياً

تبقى العقول المدبّرة للصيد غير المشروع وأعمال القتل التي تحدث في الحدائق عبارة عن شبكات قوية من المجرمين وأفراد الميليشيات والجنود الحكوميين، والسياسيين الفاسدين من الدول الإفريقية المتفسخة، والآيلة للسقوط في وسط إفريقيا.

ويقول المحللون الأمنيون إن ثمة لاعبين جدداً، انضموا إلى تجارة الحياة البرية غير الشرعية والمربحة، خلال العقد الأخير، حيث حولوا جميعاً مناطق السافانا في وسط افريقيا إلى ميادين للقتل، وهم يستخدمون نحو 20 ملياراً يجمعونها سنوياً من بيع أنياب الفيلة، وقرن وحيد القرن، لتمويل الإرهاب والجرائم.

ويرى مدير الحديقة، البلجيكي ايمانويل دو مورود، الذي تعرض لإطلاق النار، وأصيب بجروح من قبل الميليشيا عام 2014، أن حادثتي القتل اللتين وقعتا في أقدم حديقة برية في إفريقيا، الموجودة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، تشكلان عملاً وحشياً آخر، ضمن الحروب الوحشية التي تتعرض لها الحياة البرية، ابتداءً من جنوب السودان وجمهورية افريقيا الوسطى والكونغو، اضافة الى اجزاء من أوغندا وتشاد وتنزانيا. وقال ايمانويل «هذان الرجلان قتلا في ظروف ترقى إلى جرائم حرب، لو أنها حدثت في صراع آخر».

وخسرت حديقة فيرونغا خمسة من حراسها، حتى الآن، هذا العام. وقال مدير الحديقة، دو مورود، لصحيفة الأوبزرفر البريطانية، من مقره في غوما، إن الوضع الأمني ساء بشكل كبير خلال الأشهر القليلة الماضية. وأضاف «فقدنا أشخاصاً في يناير أيضاً، ونحن نعيش حالة من الصراع المسلح. وأصبح حراس الحياة البرية يتعرضون لمخاطر كبيرة، ونقوم بتدريب 100 حارس جديد الآن، وسيكون هناك 120 آخرون في العام المقبل. ولانزال ملتزمين ومتفائلين».

وانفجرت حرب الحياة البرية في إفريقيا الوسطى، عندما قامت الميليشيات المسلحة بشدة باستهداف الفيلة وحيوانات وحيد القرن، واطلاق النار على أي شخص يحاول حمايتها. وتم قتل ثلاثة من حراس الحياة البرية في حديقة كاهوزي بيغا، بالقرب من مدينة بوكافو، في مارس الماضي، شمال تنزانيا، وقام الصيادون غير الشرعيين بقتل قائد لمروحية روجر غور في يناير الماضي.

وكان حراس الحياة البرية الخمسة الذين قتلوا في حديقة غرامبا في الكونغو، يعملون لصالح «الحدائق البرية الإفريقية» وهي مجموعة غير ربحية مقرها في جوهانسبورغ، تعمل على إرسال المسؤولين من جنوب إفريقيا والعسكريين الآخرين للتدرب على حماية الغابات في 10 حدائق برية، تقوم بإدارتها نيابة عن الحكومات.

وحسب ما يقوله مدير الحدائق الإفريقية، بيتر فيرهيد، أصبحت غرامبا الآن قلب التجارة غير الشرعية للحياة البرية الإفريقية. ويقوم حراسها الذين يزيد عددهم على 300، اضافة إلى المروحيات والطائرات بلا طيار، التي يستخدمونها بحثاً عن الصيادين غير الشرعيين، من أماكن تمتد ما بين جمهورية إفريقيا الوسطى والسودان، وتشاد والصومال، وكينيا وتنزانيا. وقال فيرهيد: «فقدنا نحو 30 شخصاً في غرامبا وحدها خلال سبع سنوات. ويجري قتل مئات الأفيال سنوياً. لقد أصبحت حياة حراس الحياة البرية خطرة في بعض البلاد. وربما أشد خطراً من العمل في الجيش الوطني»

وقال فيرهيد إن حراس الحياة البرية يجدون أنفسهم غالباً في مواجهة مع مقاتلين سابقين، في مقاومة «جيش الرب» او من الجيش الشعبي لتحرير جنوب السودان، ومن مقاتلي الجنجويد السابقين من السودان. وأضاف «الأسبوع الماضي دفنّا ثلاثة من الحراس، ولكن معنوياتنا لاتزال قوية». وحراس الغابات لا يلاحقون الاشخاص ويعتقلونهم، وانما هي حرب بالأسلحة الأوتوماتيكية والقنابل اليدوية، تدور بينهم وبين الصيادين، ويتعرض فيها حراس الغابات للخطر.

وخلال الأشهر الأربعة الماضية أصيب نحو 30 حارساً بالرصاص قتل منهم خمسة، في حين أن الباقين أصيبوا بجروح، كما قتل 43 فيلاً في غرامبا. وفي الأسبوع الماضي وبينما كان الرئيس الكيني يورو كينياتا يستعد لإشعال النار لإتلاف آلاف عدة من أنياب الفيلة، التي تساوي نحو 100 مليون دولار في نيروبي، كان مدير حديقة الكونغو الديمقراطية، السويدي ايريك ماراف، في المستشفى يتعافى من جروحه لإصابته بالرصاص.

وقال الرئيس الكيني، كينياتا، خلال حرق أنياب العاج: «إن ارتفاع قيمة عاج الأفيال، أدى إلى حدوث مذبحة بهذه الحيوانات. واذا لم نتخذ الاجراءات المناسبة سنخسر هذا الحيوان إلى الأبد».

وعندما هاجم العشرات من الخيالة المدججين بالأسلحة حديقة بوا نجيدا في الكاميرون عام 2012، لم يتمكن حراس الحديقة المسلحون ببنادق قديمة، ويستخدمون الدراجات الهوائية للتنقل، من المقاومة. وتم قتل نحو 350 حيواناً خلال بضع ساعات، في حين أنه لم يتم اعتقال أي من هؤلاء الصيادين المجرمين، الذين قاموا بتقطيع آذان الأفيال التي قتلوها، وهي إشارة تدل على أنهم قادمون من السودان، الذي يبعد نحو 600 ميل عن المكان.

وفي عام 2014 أشارت دراسة أجرتها مجموعة «بورن فري» المعنية بحماية الحياة البرية، إلى أن العاج أصبح الآن العملة المفضلة بالنسبة للميليشيات والمتمردين لشراء الأسلحة، ودفع رواتب المقاتلين في الصراعات التي تعصف بوسط افريقيا. وحسب الدراسة، فإن قوات الأمن الحكومية في جمهورية الكونغو الديمقراطية، تزود الجماعات المتمردة في شتى أنحاء القارة بالأسلحة مقابل العاج.

وقالت الدراسة إن أعمال زعزعة الاستقرار السياسي تمتد الآن إلى ما هو أبعد من وسط إفريقيا «ففي شرق افريقيا تستفيد منظمة الشباب الصومالية من الفيلة، التي يتم قتلها من قبل الصيادين المجرمين، مستخدمين أسلحة تم تسريبها لهم من قوات الأمن المحلية. وباتت الجريمة المنظمة في موزمبيق مسلحة إلى درجة يمكنها مواجهة جيش جنوب افريقيا، من أجل الحصول على وحيد القرن. وسمحت الدول الهشة في وسط افريقيا، بأن تقع مساحات كبيرة من المناطق التابعة لها تحت استغلال المجموعات المسلحة، بما فيها (جيش الرب)، والعديد من المجموعات المسلحة في جمهورية افريقيا الوسطى وجنوب السودان».

ويعتقد أن الكثير من عمليات الصيد غير القانوني تبدأ من دارفور، حيث الميليشيات العاملة هناك التي بدأت تمول عملياتها عن طريق قتل الحياة البرية في دول بعيدة، مثل الكاميرون وجمهورية إفريقيا الوسطى، وشمال الكونغو الديمقراطية. ويقال إن أحد الأسباب التي تدفع ميليشيات دارفور إلى الانخراط في قتل الحياة البرية، هو تواصلها مع رجال أعمال صينيين تدفقوا بكثرة إلى المنطقة، في الوقت الذي يتم فيه انشاء مشروعات بمليارات الدولارات في المنطقة، وهذا يساعد الميليشيات على تصدير بضائعها، التي تحصل عليها من الحياة البرية إلى السوق النهمة في آسيا. وبالطبع فإن الميليشيا الصومالية، يمكن أن تشحن العاج بسهولة، لعدم تمكن الحكومة من السيطرة على جميع منافذ البلاد.

 

تويتر