دخول الفرنسيين في الحرب
استفحلت الأزمة المالية، ففي مطلع يناير 2013 بدأ المتمردون بالتوجه جنوباً، واستولوا على كونا التي تقع على بعد 40 كيلومتراً داخل الأراضي، التي تسيطر عليها الحكومة المالية. وفي صباح يوم الجمعة 11 يناير، أعلن الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا هولاند، أن بلاده ستشارك في الحرب. وأطلق على عملية الهجوم الفرنسي لاستعادة شمال مالي «عملية سيرفال».
وتلقى أمين مكتبة تمبكتو، عبدالقادر حيدرا، تحذيرات من خبراء الآثار من أن نهاية احتلال تمبكتو ستكون أخطر مرحلة بالنسبة للمخطوطات. وقال حيدرا: «أبلغني البعض بأنه في اليوم الذي سيغادرون فيه المدينة سيقومون بإحراق كل شيء، سيقومون بتدمير كل شيء».
وبناء عليه، قام حيدرا وصديقته الأميركية ستيفاني دياكيت بتجديد عملية جمع المال، ففي 15 يناير، انطلقت دياكيت إلى السفارة الهولندية في باماكو، من أجل لقاء مع رئيسة مساعدات التنمية في السفارة تو تيولكر، وأخبرتها بتفاصيل المشكلة، وقالت لها: «نريد منكم مساعدتنا، لأنه لايزال هناك نحو 180 ألف مخطوطة في تمبكتو، ونحن لا نستطيع إخراجها من هناك، دون الحصول على مزيد من المال، وأبلغت تيولكر بأن المتمردين هددوا بإحراق المخطوطات يوم المولد، حيث ستكون هناك احتفالات بيوم مولد النبي، والذي يكون في 24 يناير».
ولم يكن لدى تيولكر ميزانية لإنقاذ الثقافة، لكنها استغلت فرصة إرسال وزيرة الخارجية الهولندية، ليليان بلومين، رسالة تسأل فيها ما الذي يمكن أن تفعله حكومة بلادها لمساعدة مالي؟ فاستغلت تيولكر ذلك، وطلبت المال وأبلغت دياكيت المباشرة بالمشروع، حيث وافقت وزيرة الخارجية على إرسال 323 ألفاً و475 جنيهاً إسترلينياً إلى «منظمة سافاما» غير الحكومية، التي أنشاها حيدرا. وفي 19 يناير، قابلت تيولكر حيدرا، ووقعت معه عقد نقل المخطوطات إلى أماكن آمنة، وأبلغته بأن العمل الذي سيقوم به سيعود نفعه على البشرية جمعاء. وكان العقد يشمل قيام حيدرا بإخراج 454 خزنة أو 136 ألفاً و200 مخطوطة.
وسيتم نقل المخطوطات هذه المرة على قوارب، حسب ما قيل لتيولكر، إذ إن تقدم القوات الفرنسية، وتقهقر المتمردين، كانا يعنيان أنه بات من غير المعقول قيادة السيارة إلى تمبكتو. وقام نحو 20 قارباً بمغادرة تمبكتو محملة بالمخطوطات لمسافة 250 ميلاً في النهر، ومن ثم بحيرة ديبو إلى بلدة موبتي، حيث توجهوا جنوباً إلى نهر باني لمسافة 70 ميلاً أخرى، حتى الوصول إلى منطقة جيني لنقل المخطوطات في سيارات تاكسي، كانت بالانتظار لتسير مسافة 350 ميلاً المتبقية إلى باماكو.
وعندما وصلت المخطوطات إلى باماكو، أخذ حيدرا تيولكر كي تراها بعينها. وقالت تيولكر «لقد جعلني أحد المستقبلين لتلك الصناديق، وكان كل منها يحمل رقم واسم المتبرع، الذي قدم المال من أجل نقل هذه المخطوطات إلى العاصمة».
تابعوا آخر أخبارنا المحلية والرياضية وآخر المستجدات السياسية والإقتصادية عبر Google news