قراءة الكتب باتت أمراً من الماضي
أصبح من النادر في جزائر اليوم أن تصادف شخصاً في الأماكن العمومية، أو وسائل النقل، أو غيرها، يحمل كتاباً يقرؤه، وصارت هذه الصورة حدثاً في حد ذاتها إذا ما شكل أحدهم استثاء ومارس هذا الفعل المخل بقواعد المجتمع الجديدة، وهي الظاهرة التي نجد عكسها تماماً في البلدان الغربية التي أصبحت القراءة فيها في تزايد مستمر، ويمارسها الجميع وفي جميع الأماكن، بغض النظر عن التطور التكنولوجي الحاصل عندهم، لأن القراءة وتحديداً قراءة الكتب هي ثقافة مجتمعية قبل أن تكون ترفاً فكرياً.
في جولة قصيرة قادتنا إلى بعض مكتبات الجزائر العاصمة التي أصبحت بلا مكتبات، صدمنا للحالة المزرية التي توجد عليها تلك المكتبات، بينما اختفت أخرى كانت قبل سنوات قليلة تزخر بالكتب والقراء من الوجود أصلاً، فأغلب المكتبات حسب الآراء التي استقيناها تعرضت للغلق، أو تحولت إلى قاعات حفلات ومحال للأكل وبيع الملابس، فمكتبة الغزالي مثلاً التي أوصدت أبوابها منذ قرابة ست سنوات، تحولت إلى محل لبيع الأحذية بعد أن كانت منارة فكرية تنظم أمسيات شعرية وفكرية، وحفلات لبيع الكتب بالتوقيع، في حين تحولت مكتبة الاجتهاد التي اشتراها بعض أعضاء حزب الطليعة الاشتراكية سنة 1964 من المعمرة الفرنسية دومينيك، التي كانت فضاء واسعاً جمع كبار الكتاب والمفكرين، إلى محل عادي لبيع الكتب، ولم يتبق سوى مكتبة العالم الثالث والمكتبة الوطنية بالحامة كفضاء ثقافي يضم كتباً متنوعة، وبعض المكتبات القليلة الأخرى.
غير أن الإقبال على قراءة الكتب في الجزائر تراجع بشكل كارثي، حيث يؤكد صاحب مكتبة ابن خلدون في ديدوش مراد، السيد ناصر بشير، أن التراجع كبير وملحوظ في الإقبال على شراء الكتب، لأسباب كثيرة أهمها كما قال هو التطور التكنولوجي، وسيطرة وسائل التواصل الاجتماعي، وكذا تراجع القدرة الشرائية للمواطن، مضيفاً أن التراجع في القراءة مس الكتب بالعربية والفرنسية بالقدر ذاته تقريباً، معتبراً أن ما يحصل هو ردة جماعية دفعت بالكثير من المكتبات إلى أن يحولها أصحابها إلى محال للوجبات السريعة أو مقاهٍ، بينما اضطرت أخرى إلى الغلق.