مصر تستقبل جميلة بوحيرد بحب وحمـاسة ستينات القرن الماضي
استقبلت مصر بكل مستوياتها، الرسمية والشعبية، بطلة التحرير الجزائري، جميلة بوحيرد، بعاطفة استثنائية، وصفها مراقبون بأنها تذكّر بستينات القرن الماضي. واستمرت هذه الحماسة في مدينة أسوان جنوبي مصر، حيث كانت بوحيرد ضيف شرف مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، حيث استقبلتها وزيرة الثقافة، إيناس عبدالدائم، والمجلس القومي للمرأة، وابنة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، (منى)، وشخصيات مصرية عامة.
جميلة بوحيرد: «أمي علّمتني أن حب الوطن يعنى العمل من أجله حتى الاستشهاد وليس بالكلام الكثير، فأنا لم أوافق على أي حوار منذ الستينات». |
كما ظهرت الحفاوة البالغة في ردود أفعال الشارع المصري، خصوصاً مع الذين التقتهم الفضائيات ووسائل الإعلام، حيث عبّر مواطنون مصريون من أجيال مختلفة عن ابتهاجهم بوجود بوحيرد على أرض بلادهم، وتمنوا لقاءها عبر تنظيم احتفالية شعبية بها. وقد زارت بوحيرد مصر عقب خروجها عام 1962، والتقت بالزعيم الراحل جمال عبدالناصر، مثنية على دور مصر عبدالناصر التاريخي في دعم الثورة الجزائرية، لكنها لم تزر مصر بعدها، حيث تمثل رحلتها الحالية الزيارة الثانية.
ووصلت المناضلة جميلة بوحيرد إلى مطار القاهرة الدولي مطلع الأسبوع الماضي، للمشاركة كضيف شرف في المهرجان، الذي امتد من 20 إلى 26 فبراير الماضي، حيث تم تكريمها في اليوم الختامي للمهرجان.
وقد استقبلت جميلة بوحيرد بشكل حماسي لافت لدى نزولها أرض المطار، وشارك رسميون وشعبيون في الاستقبال، وأقامت لها شركة «مصر للطيران» مراسم خاصة، حيث قدمت لها الورود، وانفعلت بوحيرد من حرارة اللقاء وتأثرت حد البكاء، وقالت لدى نزولها من الطائرة للصحافيين إن «خياري منذ اللحظة الأولى كان مع الشعوب وليس مع السلطات أياً كان توجهها».
والتقت بوحيرد بالمجلس القومي للمرأة في القاهرة، وكان على رأس اللقاء بروتوكولياً وزيرة الثقافة المصرية، إيناس عبدالدايم، وشعبياً بطلة المقاومة الشعبية في بورسعيد، زينب الكفراوي.
وقالت بوحيرد في كلمتها القصيرة خلال اللقاء: «إن أهلنا في الجزائر كانوا يحكون لنا عن مصر ونحن صغار، لكننا حين كبرنا لمسنا ذلك عملياً بعد أن تضامن شعبها مع ثورتنا التحررية العظيمة، وهو موقف لن يُنسى أبداً في ظل قيادة الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، كما لمست هذه المحبة بنفسي بعد أن جئت عام 1962».
وفاجأت منى عبدالناصر اجتماع المجلس القومي بحضورها، وقالت ضاحكة على حضورها من دون دعوة: «أنا عزمت (دعوت) نفسي على الحضور، وجلبت معي فيلماً تسجيلياً للمناضلة الجزائرية جميلة بوحيرد عندما جاءت الى مصر في الستينات، وكنت لاأزال في المدرسة، أعرضه عليكم وأهديه إليها».
وقالت رئيسة المجلس القومي للمرأة، مايا مرسي، إن «جميلة بوحيرد صاحبة تاريخ حافل بالتضحية والإيثار وحب الوطن، وحين يُسمع اسمها نستحضر دائماً أسمى معاني النضال والتضحية والشجاعة، ونستلهم روح البطولة من تلك المناضلة التي تنتمي إلى بلد المليون شهيد، والتي تربطها بمصر علاقات قوية وثابتة وتاريخ نضالي مشترك».
وأضافت أن «هذه المناضلة العظيمة علّمت الجميع معاني الفداء، وعلمتنا كيف أن التضحية بالروح تهون فداءً للوطن».
وقالت الكاتبة فاطمة ناعوت، عقب اللقاء، إن «هذا اليوم استثنائي في تاريخي الشخصي وتاريخ مصر وتاريخ المرأة المصرية، فجميلة بوحيرد كانت علاوة على تاريخها في وطنها الجزائر، ملهمة لجيل كامل من المصريات، كما أنها ملهمة لنساء كثيرات في مختلف بقاع العالم وعبر الأجيال، كونها أيقونة عالمية».
ورداً على سؤال لجميلة بوحيرد حول رفضها إجراء حوارات صحافية عن تجربتها النضالية، قالت: «أنا فعلت شيئاً من أجل بلدي، والعالم كله يعرف تفاصيله ولن أعيد وأزيد عليه، وأي حوار أجريه هو يعني لي المتاجرة ببلدي، وأرخص من دوري الذي أديته حباً في بلدي، وأمي علمتني أن حب الوطن يعني العمل من أجله حتى الاستشهاد وليس بالكلام الكثير، فأنا لم أوافق على أي حوار منذ الستينات، وكل ما نشر كان دردشة فقط».
وفي أسوان، استُقبلت بوحيرد استقبالاً شعبياً ورسمياً حافلاً في مطار المدينة الجنوبية تقدمه المحافظ اللواء مجدي حجازي، وكان الأبرز في الاستقبال إحاطتها بفرقة غنائية نوبية تغنت باسمها ونضالاتها وهي تقدم رقصات فلكلورية، وقد شاركتهم بوحيرد الرقص بحيوية لافتة.